يا مي قومي فاندبن بسحرة شجو النوائح

ديوان حسان بن ثابت

يا مَيُّ قومي فَاِندُبِنَّ بِسُحرَةٍ شَجوَ النَوائِح

كَالحامِلاتِ الوَقرَ بِالثَقلِ المُلِحَّتِ الدَوالِح

المُعوَلاتِ الخامِشاتِ وُجوهَ حُرّاتٍ صَحائِح

وَكأَنَّ سَيلَ دُموعِها الأَنصابِ تُخضَبُ بِالذَبائِح

يَنفُضنَ أَشعاراً لَهُنَّ هُناكَ بادِيَةِ المَسائِح

وَكَأَنَّها أَذنابُ خَيلٍ بِالضُحى شُمسٍ رَوامِح

مِن بَينِ مَشرورٍ وَمَجزورٍ يُذَعذَعُ بِالبَوارِح

يَبكينَ شَجوَ مُسَلَّباتٍ كَدَّحَتهُنَّ الكَوادِحّ

وَلَقَد أَصابَ قُلوبَها مَجَلٌ لَهُ جُلَبٌ قَوارِح

إِذ أَقصَدَ الحَدَثانُ مَن كُنّا نُرَجّي إِذ نُشائِح

أَصحابَ أُحدٍ غالَهُم دَهرٌ أَلَمَّ لَهُ جَوارِح

مَن كانَ فارِسَنا وَحامينا إِذا بُعِثَ المَسالِح

يا حَمزَ لا وَاللَهِ لا أَنساكَ ما صُرَّ اللَقائِح

لِمُناخِ أَيتامِ وَأَضيافٍ وَأَرمَلَةٍ تُلامِح

وَلِما يَنوبُ الدَهرُ في حَربٍ لِحَربٍ وَهيَ لاقِح

يا فارِساً يا مِدرَهاً يا حَمزَ قَد كُنتَ المُصامِح

عَنّا شَديداتِ الخُطوبِ إِذا يَنوبُ لَهُنَّ فادِح

ذَكَّرتَني أَسَدَ الرَسولِ وَكانَ مِدرَهَنا المُنافِح

عَنّا وَكانَ يُعَدُّ إِذ عُدَّ الشَريفونَ الجَحاجِح

يَعلو القَماقِمَ جَهرَةً سَبطَ اليَدَينِ أَغَرَّ واضِح

لا طائِشٌ رَعِشٌ وَلا ذو عِلَّةٍ بِالحَملِ آنِح

بَحرٌ فَلَيسَ يُغِبُّ جاراً مِنهُ سَيبٌ أَو مَنادِح

أَودى شَبابُ أُولي الحَفائِظِ وَالثَقيلونَ المَراجِح

المُطعِمونَ إِذا المَشاتي ما يُصَفِّقُهُنَّ ناضِح

لَحمَ الجِلادِ وَفَوقَهُ مِن شَحمِهِ شُطَبٌ شَرايح

ليُدافِعوا عَن جارِهِم ما رامَ ذو الضِغنَ المُكاشِح

لَهفي لِشُبّانٍ رُزَيناهُم كَأَنَّهُمُ المَصابيح

شُمٌّ بَطارِقَةٌ غَطارِفَةٌ خَضارِمَةٌ مَسامِح

المُشتَرونَ الحَمدَ بِالأَموالِ إِنَّ الحَمدَ رابِح

وَالجامِزونَ بِلُجمِهِم يَوماً إِذا ما صاحَ صائِح

مَن كانَ يُرمى بِالنَواقِرِ مِن زَمانٍ غَيرِ صالِح

ما إِن تَزالُ رِكابُهُ يَرسِمنَ في غُبرٍ صَحاصِح

راحَت تَبارى وَهوَ في رَكبٍ صُدورُهُم رَواشِح

حَتّى تَؤُوبَ لَهُ المَعالي لَيسَ مِن فَوزِ السَفائِح

يا حَمزَ قَد أَوحَدتَني كَالعودِ شَذَّبَهُ الكَوافِح

أَشكو إِلَيكَ وَفَوقَكَ التُربُ المُكَوَّرُ وَالصَفائِح

مِن جَندَلٍ نُلقيهِ فَوقَكَ إِذ أَجادَ الضَرحَ ضارِح

في وَسِعٍ يَحشونَهُ بِالتُربِ سَوَّتهُ المَماسِح

فَعَزاؤُنا أَنّا نَقولُ وَقَولُنا بَرحٌ بَوارِح

مَن كانَ أَمسى وَهوَ عَمّا أَوقَعَ الحَدَثانُ جانِح

فَليَأتِنا فَلتَبكِ عَيناهُ لهَلكانا النَوافِح

القائِلينَ الفاعِلينَ ذَوي السَماحَةِ وَالمَمادِح

مَن لا يَزالُ نَدى يَدَيهِ لَهُ طَوالَ الدَهرِ مائِح

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في الشعراء المخضرمون، ديوان حسان بن ثابت، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات