يا صاح لا تجر في لومي وتأنيبي

ديوان بشار بن برد

يا صاحِ لا تَجرِ في لَومي وَتَأنيبي

ما كُلُّ مَن لَم يُجِب قَوماً بِمَغلوبِ

هَب لي اِنتِقاصَكَ عِرضاً غَيرَ مُنتَقَصٍ

فَما مَتاعُكَ في الدُنيا بِمَرهوبِ

إِنّي وَإِن كانَ حِلمي واسِعاً لَهُمُ

لا أَستَهِلُّ عَلى جارٍ بِشُؤبوبِ

طَلّابُ أَمرٍ لِهَولِ الناسِ حُظوَتُهُ

عَلى القُلوبِ رَكوبٌ غَيرُ مَسلوبِ

كَم مِن بَديعَةِ شَرٍّ قَد فَتَكتُ بِها

في لَيلَةٍ مِثلِ لُجِّ البَحرِ يَعبوبِ

مِنهُنَّ لَيلَةَ باتَت غَيرَ نائِمَةٍ

حَرّى وَحَربِ أَخي الحَنّانِ عُرقوبِ

باتَ القُلَيفِعُ فيما يَبتَغي أَجلي

وَلَيسَ ما ضافَ مِن هَجري بِتَعييبِ

جاءَت وَجاءَ السَجوجي مِن بَني وَأَلٍ

وَالزِقُّ يَحدو وِكاها ساكِنُ اللوبِ

يَهفونَ دونَ أُكَيراحٍ وَمِثلُهُمُ

طِفلُ الحُسامِ بِبابِ المُلكِ مَعصوبِ

لَمّا اِلتَقَينا عَلى مَلكٍ نُساوِرُهُ

صَعبِ المَرامِ كَحَرِّ النارِ مَشبوبِ

قالَت هَلَكتَ وَلَم أَهلِك فَقُلتُ لَها

في مَثلِها كُنتُ صَفّاحَ الأَعاجيبِ

حاوَلتُمُ العَرشَ عِندي في سَلاسِلِهِ

هَيهاتَ رُمتُم قَريباً غَيرَ مَقروبِ

ضَمَّت قَناني عَلى الميراثِ فَيئَكُمُ

وَالسَيلانُ ذو الوَجهَينِ يَعسوبِ

فَأَصبَحَت بَعدَ ما عَضَّ الثِقافُ بِها

رَيّا المَفاصِلِ مَلساءَ الأَنابيبِ

كَأَنَّما دُهِنَت دُهناً وَقَد عُرِكَت

لَيلَ التَمامِ بِتَعضيضٍ وَتَقليبِ

كَأَنَّني مِن رَُقاهُم لَيلَةَ اِحتُضِروا

مُذَبذَبٌ بَينَ إِصعادٍ وَتَصويبِ

يَرمونَ قَلبي بِأَسحارٍ وَأَمحَقُها

عَنّي بِحَرفٍ مِنَ القُرآنِ مَكتوبِ

حَتّى إِذا أَشرَفَت نَفسي عَلى طَمَعٍ

فَاِستَعجَلَ الصُبحُ أَمثالَ الأَهابيبِ

سَحَرتُ ريفاً لِبَفزولِ فَدامَجَهُ

إِذ أَلَّفَت فيهِ بَينَ الشاةِ وَالذيبِ

وَقَد عَطَفتُ مَكيحاً بَعدَ حَيصَتِهِ

عَلى الوَديقِ فَما وِترٌ بِمَطلوبِ

وَقَد خَنَقتُ مَليحاً في مَنازِلِهِ

حَتى اِستَمَرَّ طَريداً غَيرَ مَصحوبِ

وَقَد قَرَعتُ القَرينا إِذ قَرَعتُ لَهُ

بِالعَنكَبوتِ وَكانَ الحوبُ بِالحوبِ

وَقَد تَرَكتُ أَبا اللِصَّينِ مُعتَرِضاً

وَما اِعتِراضُ ذُبابٍ طَنَّ مَذبوبِ

يُرَوِّحُ الغِيَّ يَعبوباً لَهُ شَرَفٌ

وَفي الرَشادِ بَليداً غَيرَ يَعبوبِ

وَقَد عَرَفتُ عَريفاً ناكَ خالَتَهُ

وَقَد تَلَفَّعَ شَيباً غَيرَ مَخضوبِ

يَصُبُّ في فَلسِها مِن ماءِ فَيشَتِهِ

صَبَّ الوَليدَةِ في المِصحاةِ بِالكوبِ

وَالعَبدُ زَوجُ الزَواني قَد نَفَختُ لَهُ

مِنّي بِسَجلٍ ذَنوباً غَيرَ مَشروبِ

يَمشي بِأَيرٍ مَهيبٍ في عَشيرَتِهِ

وَما الفَتى بِمَهيبٍ في المَقانيبِ

مِمَّن يَروعُكَ مَطلوباً بِرُؤيَتِهِ

وَقَد تَراهُ مُصيخاً غَيرَ مَطلوبِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان بشار بن برد، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات