يا صاح دعني فإنني نصب

ديوان بشار بن برد

يا صاحِ دَعني فَإِنَّني نَصِبُ

حُبّي سُلَيمى وَتَركُها عَجَبُ

جانَبتُ شَيئاً أُحِبُّ رُؤيَتَهُ

لِلَّهِ دَرِّيَ أَهوى وَأَجتَنِبُ

هَجَرتُ بَيتَ الحَبيبِ مِن حَذَرِ ال

عَينِ وَنَفسي إِلَيهِ تَضطَرِبُ

أُراقِبُ النَفسَ في الحَياةِ وَقَد

أَيقَنتُ أَنّي بِتَركِها عَطِبُ

وَاللَّهُ ما لِيَ مِنها إِذا ذُكِرَت

إِلّا اِستِنانُ الدُموعِ وَالطَرَبُ

زادَت عَلى الناسِ في الجَفاءِ وَقَد

تَعلَمُ أَنّي بِحُبِّها نَشِبُ

تَنأى فَتَسلى وَإِن دَنَت بَخِلَت

سِيّانَ بُعدُ البَخيلِ وَالقُرُبُ

يا كاهِنَ المَصرِ هَل تُحَدِّثُني

ما بالُ قَلبي بِذِكرِها نَخِبُ

إِن كانَ سِحراً دَعَوتُ راقِيَّةً

أَو كانَ سُقماً فَحَسبِيَ الوَصَبُ

إِنّي وَمَن لَبَّت الرِفاقُ لَهُ

شُعثاً أَساريبَ خَلفَها سُرَبُ

ما جِئتُ سَلمى طَوعاً لِتَجعَلَني

ذِبحاً وَلَكِن أَطاعَني النُجُبُ

فَرَّغتُ قَلبي لَها لِتَسكُنَهُ

حيناً فَأَمسى فيهِ لَها شُعَبُ

وَقائِلٍ خَلِّها وَقَد عَقَدت

نَفسي إِلى نَفسِها فَلا هَرَبُ

الآنَ إِذ قامَتِ الرُواةُ بِنا

وَإِذ تَغَنَّت بِحُبِّنا العَرَبُ

أَصرِفُ نَفسي عَنها وَقَد غَلَقَت

هَيهاتَ دَوِّيَّةٌ أَشِبُ

يا سَلمَ هَل تَذكُرينَ مَجلِسَنا

أَيّامَ رَأسي كَأَنَّهُ عِنَبُ

إِذ نَحنُ بِالميثِ لا تَرى أَحَداً

يُزري وَإِذ شَأنُنا بِهِ اللَعِبُ

يا سَلمَ جودي بِما رَأَيتِ لَنا

ما عِندَ أُخرى سِواكِ لي أَرَبُ

وَصاحِبٍ ضامَني وَضِمتُ لَهُ

نَفسي لِيَرضى فَراحَ يَلتَهِبُ

وافَقَ ظُلمي حُلواً فَأَعجَبَهُ

وَالظُلمُ حُلوٌ كَأَنَّهُ جَرَبُ

أَعرَضتُ عَنهُ وَالحِلمُ مِن خُلُقي

وَلَيسَ مِنّي التَثريبُ وَالصَخَبُ

يا سَلمَ أَنتِ الهَوى إِذا شَهِدَ ال

ناسُ وَأَنتِ الهَوى إِذا ذَهَبوا

عودي عَلى سَقطَةٍ جَهِلتُ بِها

ما كُلُّ ذَنبٍ فيهِ الفَتى يَثِبُ

ظَلَمتِني وَالهَوى مُقارَضَةٌ

كَيلاً بِكَيلٍ فَكَيفَ نَصطَحِبُ

لا تَأمَني أَن تَجورَ مَظلَمَةٌ

بِرَبِّها وَالزَمانُ يَنقَلِبُ

فَاِرضَي بِأَشباهِ ما عَمِلتِ بِنا

لِكُلِّ نَفسٍ مِن كَفِّها حَلَبُ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان بشار بن برد، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات