يا ساحر الطرف أنت الدهر وسنان

ديوان أبو نواس

يا ساحِرَ الطَرفِ أَنتَ الدَهرُ وَسنانُ

سِرُّ القُلوبِ لَدى عَينَيكَ إِعلانُ

إِذا اِمتَحَنتَ بِطَرفِ العَينِ مُكتَتَماً

ناداكَ مِن طَرفِهِ بِالسِرِّ تِبيانُ

تَبدو السَرائِرُ إِن عَيناكَ رَنَّقَتا

كَأَنَّما لَكَ في الأَوهامِ سُلطانُ

ما لي وَما لَكَ قَد جَزَّأتَني شِيَعاً

وَأَنتَ مِمّا كَساني الدَهرُ عُريانُ

أَراكَ تَعمَلُ في قَتلي بِلا تِرَةٍ

كَأَنَّ قَتلِيَ عِندَ اللَهِ قُربانُ

غادِ المُدامَ وَإِن كانَت مُحَرَّمَةً

فَلِلكَبائِرِ عِندَ اللَهِ غُفرانُ

صَهباءُ تَبني حَباباً كُلَّما مُزِجَت

كَأَنَّهُ لُؤلُؤٌ يَتلوهُ عِقيانُ

كانَت عَلى عَهدِ نوحٍ في سَفينَتِهِ

مِن حُرِّ شَحنَتِها وَالأَرضُ طوفانُ

فَلَم تَزَل تَعجُمُ الدُنيا وَتَعجُمُها

حَتّى تَخَيَّرَها لِلخَبءِ دِهقانُ

فَصانَها في مِغارِ الأَرضِ فَاِختَلَفَت

عَلى الدَفينَةِ أَزمانٌ وَأَزمانُ

بِبَلدَةٍ لَم تَصِل كَلبٌ بِها طُنُباً

إِلى خِباءٍ وَلا عَبسٌ وَذُبيانُ

لَيسَت لِذُهلٍ وَلا شَيبانِها وَطَناً

لَكِنَّها لِبَني الأَحرارِ أَوطانُ

أَرضٌ تَبَنّى بِها كِسرى دَساكِرَهُ

فَما بِها مِن بَني الرَعناءِ إِنسانُ

وَما بِها مِن هَشيمِ العُربِ عَرفَجَةٌ

وَلا بِها مِن غِذاءِ العُربِ خُطبانُ

لَكِن بِها جُلَّنارٌ قَد تَفَرَّعَهُ

آسٌ وَكَلَّلَهُ وَردٌ وَسوسانُ

فَإِن تَنَسَّمتَ مِن أَرواحِها نَسَماً

يَوماً تَنَسَّمَ في الخَيشومِ رَيحانُ

يا لَيلَةً طَلَعَت بِالسَعدِ أَنجُمُها

فَباتَ يَفتِكُ بِالسُكرانِ سَكرانُ

بِتنا نَدينُ لِإِبليسٍ بِطاعَتِهِ

حَتّى نَعى اللَيلَ بِالناقوسِ رُهبانُ

فَقامَ يَسحَبُ أَذيالاً مُنَعَّمَةً

قَد مَسَّها مِن يَدَي ظُلمٌ وَعُدوانُ

يَقولُ يا أَسَفي وَالدَمعُ يَغلِبُهُ

هَتَكتَ مِنّي الَّذي قَد كانَ يُصطانُ

فَقُلتُ لَيثٌ رَأى ظَبياً فَواثَبَهُ

كَذا صُروفُ لَيالي الدَهرِ أَلوانُ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان أبو نواس، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات