يا رام قومي اصبحينا غير تصريد

ديوان بشار بن برد

يا رامَ قُومي اِصبَحينا غَيرَ تَصريدِ

لا تَبخَلي لَيسَ ذاكَ البُخلُ كَالجودِ

يا رامَ إِنَّ أَخاً لي كُنتُ آمُلُهُ

ساقَ الوشاةُ إِلَيها غَيرَ تَسديدِ

فَبِتُّ أَنشُدُ نَومَ العَينِ مُرتَفِقاً

حَتّى الصَباحِ وَما نَومي بِمَوجودِ

يا رامَ ما الخَفضُ مِن شَأني وَلا خُلُقي

وَقَد تَحَرَّقَتِ الآفاقُ بِالصيدِ

أَصبَحّتُ عَن شُغُلِ النَدمانِ في شُغُل

لا أَرعَوي لِنَعيمِ القَينَةِ الغيدِ

وَكَيفَ أُسقى عَلى الرَيحانِ مُتَّكِئاً

وَالحَربُ حاسِرَةُ الخَدَّينِ وَالجِيدِ

إِنّي وَجَدِّكِ ما رَأيي بِمُنتَشِرٍ

عِندَ الحِفاظِ وَلا عَزمي بِمَردودِ

قَد أَسلُبُ المَلِكَ الجَبّارَ حِليَتَهُ

في مَأقِطٍ مِثل خَطِّ السَيفِ مَشهودِ

وَلا أُذَبِّبُ عَن حَوضي لِأَمنَعَهُ

لا خَيرَ في وِردِ قَومٍ غَيرِ مَورودِ

يا رامَ إِنّي اِمرُؤٌ في الحَيِّ لي شَرَفٌ

أَرعى الخَليلَ وَأُدعى في الصَناديدِ

يُرجى مَعَ المُزنِ مَعروفي لِطالِبِهِ

وَيُتَّقى المَوتُ مِن حَيّاتِيَ السودِ

لا تُنكِري غِلَّ حُسّادٍ غَمَمتُهُمُ

لا يَبتَني المَجدَ إِلّا كُلُّ مَحسودِ

وَقائِلٍ سَرَّهُ دَهرٌ وَساءَ بِنا

سَريعُهُ في أَخٍ بَرِّ وَمَولودِ

وَحينَ فاتَ البُكا يَبكي عَلى سَلَفٍ

يُهدى إِلى التُربِ مِن كَهلٍ وَمِن رودِ

مَن صاحَبَ الدَهرَ لَم يَترُك لَهُ شَجَناً

فَاِترُك بُكاكَ عَلى نَدمانِكَ المودي

فَقُلتُ هَمٌّ عَراني مِن أَخٍ سَبَقَت

بِهِ المَنايا كَريمِ العَهدِ مَودودِ

كانَ الدَنِيَّ فَغالَ الدَهرُ أُلفَتَهُ

وَالدَهرُ يُحدِثُ وَهناً في الجَلاميدٍ

وَجارُ دَجلَةَ حَلَّت بي مُصيبَتُهُ

وَفاتَني سَيِّدٌ مِن مِعشَرٍ سودِ

كِلاهُما لَم يَكُن وُدّي لَهُم صَلَفاً

لَكِن صَفاءً كَماءِ المُزنِ للعودِ

قَد كُنتُ أَرجو مَعَ الراجي إِيابَهُما

حَتّى أَقاما عَلى رَغمي بِمَخلودِ

فَاِشرَب عَلى مَوتِ إِخوانٍ رُزِئتَهُمُ

بابُ المَنِيَّةِ بابٌ غَيرُ مَسدودِ

يَكفيكَ أَن التُقى أَيدٌ يَفوزُ بِهِ

وَالفِسقُ ذُلٌّ فَلا يُعدَل بِتَأييدِ

وَالمالُ عِزٌّ فَأكثِر مِن طَرائِفِهِ

وَإِن عَدِمتَ فَطِب نَفساً بِتَفنيدِ

قَد شَبَّهَ المالَ أَوغادٌ بِرَبِّهِمُ

وَأَوضَعَ الفَقرُ قَوماً بَعدَ تَسويدِ

يَروحُ في الجاهِ أَقوَامٌ بِمالِهِمُ

وَذُو الخَصاصَةِ مَدفوعٌ بِتَبعيدِ

فَاِكسِب مِنَ المالِ ما تَبني بِهِ شَرَقاً

أَو عِش بِرَغمٍ قَصِيّاً غَيرَ مَعدودِ

وَمَعشَرٍ مُنقَعٍ لي في صُدورِهِمُ

سُمُّ الأَساوِدِ يَغلي في المَواعيدِ

وَسَمتُهُم بِالقَوافي فَوقَ أعَيُنِهِم

وَسمَ المُعَيدِيِّ أَعناقَ المَقاحيدِ

إِذا رَأَوني أَصاخُوا في مَجاثِمِهِم

كَما أَصاخَ اِبنُ نِهيا بَعدَ تَغريدِ

كَأَنَّما عايَنُوا بي لَيثَ مَلحَمَةٍ

غَضبانَ أَو مَلِكاً بِالتاجِ مَعقودِ

يا أَيُّها الجاهِلُ المُبتاحُ لي سَفَهاً

لاقَيتَ جَهداً وَلَم تَظفَر بِمَحمودِ

لا تَحسَبَنّي كَمَن تَجري مَدامِعُهُ

مِنَ الوَعيدِ مَعَ الحورِ الرَعاديدِ

إِنّي إِذا الحَربُ راحَت غَيرَ قاعِدَةٍ

آتي الهُوَينى وَأَغدو غَيرَ مَهدودِ

قَد جَرَّبَ الجِنُّ أَحراسي وَجَرَّبَني

أُسدُ الأَنيسِ مُدِلّات بِتَأسيدِ

تَفِحُّ دوني القَوافي كُلَّ شارِقَةٍ

فَحَّ الأَفاعي لِكَلبِ الحَيِّ وَالسيدِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان بشار بن برد، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات