يا حبذا فوق الكثيب الأعفر

ديوان الشريف الرضي

يا حَبَّذا فَوقَ الكَثَيبِ الأَعفَرِ


رَكزُ الذَوابِلِ في ظِلالِ الضُمَّرِ


وَمُناخُ كُلِّ مَطِيَّةٍ مَعقولَةٍ


وَمَجالُ كُلِّ مُناقِلٍ مُتَمَطِّرِ


تَطَرُّحُ الرَكبِ الطِلاحِ عَلى النَقا


يَهفونَ بَينَ مُزَمَّلٍ وَمُعَفَّرِ


رُفِعَت لِعَينِ الناظِرِ المُتَنَوِّرِ


وَاللَيلُ مِثلُ الواقِفِ المُتَحَيِّرِ


نارٌ كَأَطرافِ البُزوقِ تَشُبُّها


بِمَطالِعِ البَيداءِ أَيدي مَعشَرِ


كَم نَفَّرَت مِن شَجوِ قَلبٍ نافِرٍ


وَاِستَمطَرَت مِن دَمعِ عَينٍ مُمطِرِ


لِلَّهِ أَيَّةُ ساعَةٍ حَضَرَ الأَسى


فيها فَغُيِّبَ في القُلوبِ الحُضَّرِ


أَجَنَت بِها غُدرَ الوَفاءِ فَلَم تَغِض


وَالغُدرُ طامي الماءِ غَيرُ مُكَدَّرِ


وَفَوارِسٍ رَكِبوا النَجاءَ وَأَدلَجوا


مِن موغِلٍ خَلفَ المُنى وَمَغَرِّرِ


مَرّوا يَجُرّونَ الرِماحَ لِغارَةٍ


وَالطالِعاتُ عَنِ الدُجى لَم تُجرَرِ


فَكَأَنَّما الجَرباءُ لِمَّةُ أَحلَسٍ


وَلَها المَجَرَّةُ مَفرِقٌ لَم يُستَرِ


أَفشى حَنينُ رِكابِهِم سِرَّ السُرى


لَغَباً فَأَضمَرَ في نَزائِعَ ضُمَّرِ


نَحَروا بِها نَحرَ الفَلاةِ وَقَلَّبوا


قَلبَ الظَلامِ عَلى ذَميلٍ مِسعَرِ


وَالعيسُ تَلطِمُ خَدَّ كُلِّ مَفازَةٍ


وَتُريقُ ما أَبقى المَزادُ وَتَمتَري


وَلَرُبَّ مُنذَلِقٍ تَمَنطَقَ سَيفَهُ


بِنَجيعِ كُلِّ مُمَنطَقٍ وَمُسَوَّرِ


وَمُسَوِّدٍ بِالغَدرِ وَجهَ وَفائِهِ


عَصفَرتُهُ بِشَبا الوَشيجِ الأَسمَرِ


فَشَفَيتُ غُلَّ النَفسِ مِن حَوبائِهِ


نَهلاً يُعَلُّ مِنَ الدَمِ المُثعَنجِرِ


خَلَعَ الحَياءَ جُناتُهُ وَصَوارِمي


خَلَعَت عَلَيهِ يَلقَماً لَم يُزرَرِ


وَلَقَد رَمَيتُ ضَميرَهُ مِن خَشيَتي


بِأَحَدَّ مِن طَرَفِ السِنانِ وَأَعقَرِ


وَلَرُبَّ رَوعٍ رُعتُهُ بِفَوارِسٍ


قَلَبوا صُدورَ رِماحِهِم لِلأَظهُرِ


فَكَدَرتُ تَحتَ النَقعِ مِن جَبَهاتِهِم


مِثلَ النُجومِ عَلى العَجاجِ الأَكدَرِ


وَهُمُ الأُلى رَبَّت لَهُم أَحسابُهُم


وَلَدَ المَعالي في حُجورِ الأَعصُرِ


مِن كُلِّ أَبلَجَ مُذ تَلَثَّمَ وَجهُهُ


بِالنَقعِ في طَلَبِ العُلى لَم يُسفِرِ


ما زالَ يَخطِرُ في غَمامَةِ قَسطَلٍ


بَينَ العَوالي أَو قَميصِ سَنَوَّرِ


لا يَتَّقي الشَمسَ الظَهائِرَ إِن سَرى


إِلّا بِظِلِّ قَناً وَعارِضِ عِثيَرِ


في مَعرَكٍ سَحَبَ العَجاجُ ذَوائِباً


سوداً بِهِ فَوقَ النَجيعِ الأَحمَرِ


فَكَسَفتُ ضاحِيَهُ بِنَقعٍ مُظلِمٍ


وَكَشَفتُ داجِيَهُ بِوَجهٍ مُقمِرِ


وَكَأَنَّما ثَغَرَ الظَلامُ نُجومَهُ


فَتَساقَطَت فَوقَ الرِماحِ الخُطَّرِ


أَفَلَ السِنانُ عَنِ الطِعانِ كَأَنَّهُ ال


مَرّيخُ بَعدَ طُلوعِهِ كَالمُشتَري


وَتَقَعقَعَت بَينَ الكُلى قِصَدُ القَنا


فَكَأَنَّ كُلَّ حَشىً رِبابَةُ مَيسِرِ


عَثَرَت بِأَرياشِ القَشاعِمِ شَمسُهُ


وَالطَعنُ في هَبَواتِهِ لَم يَعثُرِ


نَثَرَت عَلى بَيضِ الكُماةِ دَراهِماً


فَنُثِرنَ ضَرباً وَهيَ لَم تَتَنَثَّرِ


لَم تَشعُرِ الهاماتُ عِندَ نِثارِها


بِقَرارِها فَكَأَنَّها لَم تُنثَرِ


يَجرونَ وَهيَ مُقيمَةٌ لَكِنَّها


خَطّارَةٌ مِن مِغفَرٍ في مِغفَرِ


مَن مُبلِغٌ عَنّي القَبائِلَ أَنَّني


مُتَوَطِّنٌ عُنقَ العَلاءِ بِمَفخَرِ


أَشرَعتُ ضَمَّ الجودِ مَشرَعَ تالِدي


فَاِمتاحَهَم وَطَلاحُهُم لَم تَصدُرِ


جاءَت كَما جاءَ الشَهابُ مُضيئَةً


تَجلو الأَسى عَن قَلبِ كُلِّ مُفَكِّرِ


مِن خاطِرٍ خَطَرَت بِهِ هِمَمُ العُلى


وَالشِعرُ بَعدُ بِقَلبِهِ لَم يَخطُرِ


نائي الحَنا داني النُهى صافي السَدى


ضافي العَطايا وَالعُلى وَالمَفخَرِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الشريف الرضي، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات