يا باكياً لدمنة وأربع

يا باكياً لدمنة وأربع - عالم الأدب

يا باكِياً لِدِمنَةٍ وَأَربُعِ

اِبكِ عَلى آلِ النَبِيِّ أَو دَعِ

يَكفيكَ ما عايَنتَ مِن مُصابِهِم

مِن أَن تبكّي طَلَلاً بِلَعلَعِ

تُحِبُّهُم قَلبي وَتَبكي غَيرَهُم

إِنَّكَ فيما قُلتَهُ لَمُدَّعِ

أَما عَلِمتَ أَنَّ إِفراطَ الأَسى

عَلَيهِمُ عَلامَةُ التَشَيُّعِ

أَقوَت مَغانيهِم فَهُنَّ بِالبُكا

أَحَقُّ مِن وادي الغَضا وَالأَجرُعِ

يا لَيتَ شِعري مَن أَنُوحُ مِنهُمُ

وَمَن لَهُ يَنهَلُّ فَيضُ أَدمُعي

أَلِلوَصِيِّ حينَ في مِحرابِهِ

عُمِّمَ بِالسَيفِ وَلَمّا يَركَعِ

أَم لِلَّذي أَودَت بِهِ جَعدَتُهُم

يَومَئِذٍ بِكاسِ سُمٍّ مُنقِعِ

وَإِنَّ حُزني كَقَتيلِ كَربَلا

لَيسَ عَلى طُولِ البِلى بِمُقلِعِ

إِذا ذَكَرتُ يَومَهُ تَحَدَّرَت

مَدامِعي لِأَربَعٍ في أَربَعِ

يا راكِباً نَحوَ العِراقِ جُرشُعا

يُنمَى لِعَبدِيِّ النِّجارِ جُرشَعِ

إِذا بَلَغتَ نِينَوى فَقِف بِها

وُقُوفَ مَحزُونِ الفُؤادِ مُوجَعِ

وَاِلبِس إِذا اِسطَعتَ بِها ثَوبَ الأَسى

وَكُلَّ ثَوبٍ لِلعَزاءِ فَاِخلَعِ

فَإِنَّ فِيها لِلهُدى مَصارِعاً

رائِعَةً بِمثلِها لَم يُسمَعِ

فَاِسفَح بِها دَمعَكَ لا مُستَبقِياً

في غَربِهِ وَبُح غَراماً وَاِجزَعِ

فَكُلُّ دَمعٍ ضائِعٌ مِنكَ عَلى

غَيرِ غَريبِ المُصطَفى المُضَيَّعِ

لِلّهِ يَوماً بِالطُفوفِ لَم يَدَع

لِمُسلِمٍ في العَيشِ مِن مُستَمتَعِ

يَومٌ بِهِ اِعتَلَّت مَصابيحُ الدُجى

بِعارِضٍ مِنَ الضَلالِ مُفزِعِ

يَومٌ بِهِ لَم يَبقَ مِن دَعامَةٍ

تَشُدُّ رُكنَ الدِينِ لَم تُضَعضَعِ

يَومٌ بِهِ لَم يَبقَ مِن داعِيَةٍ

تَدعُو إِلى الشَيطانِ لَم تُبتَدَعِ

يَومٌ بِهِ لَم تَبقَ مِن غَمامَةٍ

تُحيي ثَرى الإِسلامِ لَم تُشَيَّعِ

يَومٌ بِهِ لَم تَبقَ قَطُّ رايَةٌ

تَهدي إِلى ضَلالَةٍ لَم تُرفَعِ

يَومٌ بِهِ لَم يَبقَ قَطُّ مارِنٌ

وَمَعطِسٌ لِلحَقِّ لَم يَنجَدِعِ

يَومٌ بِهِ لَم تَبقَ مِن وَسيلَةٍ

حقّاً لِآلِ المُصطَفى لَم تُقطَعِ

يَومٌ بِهِ الكَلبُ الدَريعُ يَعتَدِي

عَلى هِزبَرِ الغابَةِ المُدَرَّعِ

يَومٌ بِهِ غُودِرَ سِبطُ المُصطَفى

لِلعاسِلاتِ وَالضِباعِ الخُمَّعِ

لَهفي لَهُ يَدعُو الطّعان مُعلِناً

دُعاءَ مَأمُونِ الفِرارِ أَروَعِ

يَقُولُ يا شَرَّ الأَنامِ أَنتُمُ

أَكفَرُ مِن عادٍ وَقَومِ تُبَّعِ

كاتَبتُمُوني بِالمَسيرِ نَحوَكُم

وَقُلتُمُ خُذ في المَسيرِ أَو دَعِ

فَنَحنُ طَوعٌ لَكَ لَم نَنسَ الَّذي

لَكُم مِن العَهدِ وَلَم نُضَيِّعِ

حَتّى إِذا جِئتُ لِما يُصلِحُكُم

مِن إِرثِ جَدّي وَذرَارِيهِ مَعي

لَقِيتُمُوني بِسُيُوفٍ في الوَغى

مُنتَضَياتٍ وَرِماحٍ شُرَّعِ

هَل كانَ هَذا في سِجِلّاتِكُمُ

يا شَرَّ مَرأىً لِلوَرى وَمَسمَعِ

هَل لَكُمُ أَن تَفُوا بِبَيعَتي

أَن تَسمَحُوا لي عَنكُمُ بِمَرجعِ

قالَوا لَهُ هَيهاتَ ذاكَ إِنَّهُ

ما لَكَ في سَلامَةٍ مِن مَطمَعِ

بايِع يَزيداً أَو تَرى سُيوفَنا

هامَكُمُ يَقَعنَ كُلَّ مَوقِعِ

فَعِندَها جَرَّدَ سَيفاً لَم يَضَع

نِجادَهُ مِنهُ عَلى أَيِّ مَوضِعِ

وَعاثَ في أَبطالِهِم حَتّى اِتَّقى

مِن بَأسِهِ الحاسِرُ بِالمُقنَّعِ

وَحَولَهُ مِن صَحبِهِ كُلُّ فَتىً

حامي الذِمارِ بَطَلٍ سَمَيذَعِ

كَم غادِرٍ غادَرَهُ مُجَدَّلاً

وَالخَيلُ تُردي وَالكُماةُ تَدَّعي

حَتّى رَماهُ الرِجسُ شُلّت يَدُهُ

عَن بارِعِ الرَميَةِ صُلبِ المَنزَعِ

فَخَرَّ وَالهَفا لَهُ كَأَنَّما

عَلَيهِ رَدعٌ أَو خَلوقٌ أَودَعِ

مِن بَعدِ أَن لَم يَبقَ مِن أَنصارِهِ

غَيرُ طعامِ أَنسُرٍ وَأَضبُعِ

ثَمَّتَ مالُوا لِلخيامِ مَيلَةً

قالَت لِرُكنِ الدِينِ إِيهاً فَقَعِ

ضَرباً وَنَهباً وَاِنتِهاكَ حُرمَةٍ

وَذَبحَ أَطفالٍ وَسَلبَ أَذرُعِ

لَقَد رَأَوا في الفِكرِ تَعساً لَهُم

رَأيَ قُدارٍ رَأَيُهُم فَيَصدَعِ

وَأَينَ عَقرُ ناقَةٍ مِمّا جَنَوا

يا لَلرِجالِ لِلفِعالِ الأَشنَعِ

ما مِثلُها في الدَهرِ مِن عَظيمَةٍ

لَقَد تَعَدَّت كُلَّ أَمرٍ مُفظِعِ

تُسبى ذراري المُصطَفى مُحمَّدٍ

رِضاً لِشانيهِ الزَنيمِ الدُكَّعِ

يا لَهفَ نَفسي لِلحُسَينِ بِالعَرا

وَقَد أُقيمَ أَهلُهُ بِجَعجَعِ

لَهفي لِمَولايَ الشَهيدِ ظامِئاً

يُذادُ عَن بَحرِ الفُراتِ المُترَعِ

لَم تَسمحِ القَومُ لَهُ بِشَربَةٍ

حَتّى قَضى بِغُلَّةٍ لَم تُنقَعِ

لَهفي لَهُ وَالشَمرُ فَوقَ صَدرِهِ

لِحَينِ أَوداجٍ وَهَشمٍ أَضلُعِ

لَهفي لَهُ وَرَأسُهُ في ذائِلٍ

كَالبَدرِ يزهى في أَتَمِّ مَطلَعِ

لَهفي لِثَغرِ السِبطِ إِذ يَقرَعُهُ

مَن سَيَوَدُّ أَنَّهُ لَم يُقرَعِ

يا لَهفَ نَفسي لِبناتِ أَحمَدٍ

بَينَ عِطاشٍ في الفَلا وَجُوَّعِ

يُسَقنَ في ذُلِّ السِبا حَواسِراً

إِلى الشآمِ فَوقَ حَسرِ أَضلُعِ

يَقدُمُهُنَّ الرَأسُ في قَناتِهِ

هَدِيَّةً إِلى الدَعِيِّ اِبنِ الدَعِي

يَندُبنَ يا جَدَّهُ لَو رَأَيتَنا

نُسلَبُ كُلَّ مِعجَرٍ وَبُرقُعِ

نُهدَى إِلى الطاغي يَزيد لُعثاً

شُعثاً بِأَسوا حالَةٍ وَأَبدَعِ

يَحدي بِنا حادٍ عَنيفٌ سَيرُهُ

لَو قِيلَ إِرتَع ساعَةً لَم يَرتَعِ

يُتعِبُنا السَيرُ فَيَستَحِثُّنا

إِذا تَخَلَّفنا بِضَربٍ مُوجِعِ

وَلَو تَرى السَجّانَ في كُبُولِهِ

يَضرِبُ ضَربَ النَعَمِ المِسلَعِ

يَعزِز عَلَيكَ جَدَّنا مُقامُنا

وَمَصرَعٌ في الطفِّ أَيُّ مَصرَعِ

اِستَأصَلوا رِجالَنا وَما اِكتَفوا

بِسَبيِ نِسوانٍ وَذَبحِ رُضَّعِ

ثُمَّ يَصِحنَ يا حُسَينَاهُ أَما

بَعدَ فِراقِ اليَومِ مِن تَجَمُّعِ

خَلَّفتَنا بَعدَكَ وَقفاً محجِراً

عَلى الحَنينِ وَالنَوى وَالجَزَعِ

واعَجَباً لِلأَرضِ كَيفَ لَم تَثُخ

وَلِلسَماءِ كَيفَ لَم تُزَعزَعِ

فَلَعنَةُ الرَحمَنُ تَغشى عُصبَةً

غَزَتهُمُ وَعُصبَةً لَم تدفَعِ

يا آل طَهَ أَنتُمُ وَسيلَتي

عِندَ الإِلَهِ وَإِلَيكُم مَفزَعي

واليتُكُم كَيما أَكونَ عِندَكُم

تَحتَ لِواءِ الأَمنِ يَومَ الفَزَعِ

وَإِن مَنَعتُم أَن يُوالي غَيرَكُم

إِن يَردِ الحَوضَ غَداً لَم يُمنَعِ

إِلَيكُمُ نَفثَةَ مَصدُورٍ أَتَت

مِن مُقحَمِ الشِعرِ إِلى مِصقَعِ

مَغرِبيٌّ عَرَبيٌ طَبعُهُ

وَنَجرُهُ وَلَيسَ بِالمُدَرَّعِ

يُنمى إِلى البَيتِ العُيونِيِّ إِلى

أَجَلِّ بَيتٍ في العُلى وَأَرفَعِ

عَلَيكُمُ صَلّى الإِلَهُ وَسَقى

أَجَلّ بَيتٍ في العُلى وَأَرفَعِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ابن المقرب العيوني، شعراء العصر الأيوبي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات