ويا وميض بروق المزن إن سفرت

ديوان ابن معتوق الموسوي

ويا وَميضَ بُروقِ المُزنِ إن سفَرتْ

عن الثّنايا فغُضَّ الطَّرْفَ واِستَتِرِ

ويا وَجيزَ عِبارات البيان لقد

أطْنَبتَ في وصف ذاك الخَصْر فاِختصِرِ

هذا الأُبَيرِقُ في فِيها فَيا ظمئي

إلى عُذَيبِ عَقيق المَبسمِ العَطِرِ

وذا الغوَيرُ تراءى في الوشاح فَوا

شوقي إليه وهذا الجزعُ في الأزُرِ

بمهجَتي نارُ حسنٍ فوق مِرشفِها

تشَبُّ من حولِ ذاك المنظرِ الخَضِرِ

مرّت بنا وهْي تُبدي نونَ حاجِبها

والصُّدغُ يلثم منها وردةَ الخفَرِ

ففوّقَ القوسُ نبلَ العين وا حزَني

وقاربَ العقرَبُ المِرّيخَ وا حذَري

وحدّثتْنا فخِلنا أنّها اِبتسَمَتْ

زُهْرُ النجومِ حديثاً في فمِ القمرِ

أمَا وبلّورَتي فَجرٍ تلثّم في

ياقوتَتي شفقٍ يفترُّ عن دُرَرِ

ما خِلتُ قبلَك أنّ الحتْف يَبرزُ في

زِيّ العُيونِ من الآرامِ والعُفُرِ

لولا اِبتسامُكَ لم تجرِ العيونُ دَماً

والمُزْنُ لم تبكِ لولا البَرقُ بالمطَرِ

لو بِيعَ وصلُك للعاني بمُهجتِه

هانَتْ عليه ومَن للعُمي بالبصَرِ

أفنَيْتُ ماءَ عيوني بالصّدودِ بُكاً

وجذوةُ الصيفُ تُفني لجّةَ الغُدُرِ

خُلوُّ قلبك من نارِ الهوى عجَبٌ

ومكمَنُ النارِ لا ينفَكُّ في الحَجَرِ

لا تمقُتي أثراً بي في الخُطوبِ بَدا

فزينَةُ الصّارم الهِنديّ بالأثرِ

ولا تذُمّي بياض الشّيب إن شُعِلَتْ

شموعُه في سواد الليل من شَعَري

فالمرءُ كالجمرِ في حالِ الخُمودِ يُرى

فيه السّوادُ ويبدو النورُ في السَّعَرِ

للَّه دَرُّ لَيالٍ بالحِمى سلَفتْ

بيضٌ تُرى في جِباه الدّهر كالغُررِ

وكم عَشَوْنا بجنّاتِ النّعيم إلى

سَناءِ نارَينِ من جَمْرٍ ومن قُطُرِ

وبَدرِ خِدر بِشبهِ الليل مُنتَطِقٍ

مُبَرقعٍ بسناءِ الفَجرِ مُعتَجِرِ

لا أصبح الليلُ من فَودَيهِ ما بزَغَتْ

شمسُ المُدامة بالآصالِ والبُكَرِ

ولا عَدا اللّثْمُ ذاك البدرَ ما قذَفَتْ

أيدي اِبنِ منصور للعافين بالبُدَرِ

سوادُ عينِ المَعالي نَقْشُ مِعصَمِها

بياضُ صَلْتِ العَطايا مَبسِم السّتَرِ

سهمُ المنيّة دِرعُ المُلكِ جُنّتُه

سِنانُ رمحِ الليالي صارمُ القدَرِ

ممَلّكٌ ساس أحوالَ الرعيّة في

عَدْلٍ يؤلّفُ بين الأُسْدِ والبَقَرِ

لو ذاقتِ النَحْلُ مَرعى سَوطِ نِقمَتِه

لَمُجَّ منها مَسيلُ الشّهدِ بالصّبرِ

لو جاد صيّبُه العِينَ المَها نَبتَتْ

جُلودها بالحرير المَحْضِ لا الوَبَرِ

له جِبالُ حُلومٍ لو شوامخُها

رسَتْ على السّبعة الأفلاكِ لم تَدُرِ

قِرْنٌ تقنّص بالبيضِ الجوارِح منْ

أعلى غُصونِ العَوالي طائرَ الظّفَرِ

يا عُصبةَ الحاجِ هذا لُجُّ راحتِه

فيَمّمي اليمّ تستغني عن الحجَرِ

ويا شُموسَ الكُماة الشوسِ إن طلَعت

نجومُه في ظلامِ النّقع فاِنكَدري

بَدا لنا فبدا في ضمن جوهَره الْ

فَردِ الكِرام بجمعٍ غيرِ منحصِرِ

فكان في الحِلم كالمرآة حين يُرى

يُعَدّ فرداً وما فيها من الصّورِ

وِتْرُ البريّة شفعُ الدّهر جُملَتُه

جمْعُ الفخارِ مُثنّى النّفْع والضّررِ

فالحربُ تُثني عليه لُسْنُ أنصُلِها

والحتفُ يَثني عليه عِطفَ مؤتَمِرِ

لو فاضَ طوفانُ نوحٍ من ندى يدِه

لما نَجا منهُ بالألواحِ والدُّسُرِ

أو شاهدَ الملْكُ شدّادٌ جلالَته

لعفّر الذُعْرُ منه خدَّ مُحتقرِ

دعِ الروايات في الماضي فرؤيتُه

أقوى فليس عِيانُ الأمر كالخبَرِ

فأشرقَ النّقعُ منها واِنجلى شفقٌ

من الدِماءِ على الهامات والطُّرَرِ

يا ناظمَ المجدِ يا سِمْطَ الفضائلِ بل

يا حِليةَ المَدْح بل يا زينةَ البَشرِ

ثمَنْتَ في سيفكَ السّبْعَ الزّواخرِ والس

سبعَ الكواكبَ لا بل سبعة الكِبَرِ

وزِدْتَ في المُلك إجلالاً ومقدرةً

حتّى جلَلْتَ عن التحديد والقدرِ

مولاي يا واحِدَ الدُنيا وسيّدَها

والماجِدَ المُحسِنَ المُزْري بكلّ سَري

سَمعاً لدعوةِ عبدٍ تحت رِقّكُمُ

يرجو لديكَ ينالُ الفوزَ بالوَطَرِ

قد فرّ من عبدِك الدهرُ المُسيءُ إلى

حُسنى صَنيعِك يا ذا العِزِّ والخَطَرِ

فأنتَ إن خانتِ الأيّامُ معتمَدي

وأنتَ إن قلّ وَفْري خيرُ مدَّخَرِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ابن معتوق، شعراء العصر العثماني، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات