وهبت وقد سرت ذات الوشاح

ديوان ابن الساعاتي

وهبتُ وقد سرت ذاتُ الوشاحِ

لإحسان الدجى ذنبَ الصباحِ

أمنتُ نميمةَ الواشين فيهِ

فلا أمنوا على خودٍ رداح

دنوٌّ لا يخاف عليه واشٍ

ولا يخشى عليه لحيُ لاحي

وبتُّ أشكُّ هل قبّلت ثغراً

ظمئتُ ببرده أم كأسَ راح

سلافاً لا تدارُ على حرامٍ

يبعضُّ لهُ البنانُ ولا جناح

بليتُ بنازحٍ بالذكر دانٍ

ونشوانِ المعاطف وهو صاحي

يذمّ سماح دمعي في هواه

ومن عجب الهوى ذمُّ السماح

متى يبنى الخيام على أشيٍ

ويحدث بالدمى عهد البطاح

وكيف بها وقد عطرت وشيبت

بمسك الجنح أنفاسُ الرياح

ولم يذعر غرابَ الليل شيبٌ

ولا سجعتْ به ذات الجناح

وما أجبنت من طعنٍ خلاج

بساحتها ومن حيٍّ لقاح

محت أعلامها أيدي السوافي

كما تمحو الصحيفة كفُّ ماحي

أظن نسيمها أسفاً وحزناً

يخدّش وجنة الماء القراح

وقد أزعُ العواذلَ مستطيلا

بسلطان الشبيبة والمراح

وارمي الخرق بالقلص النواجي

تجوب الأرض موحشةَ النواحي

تسايرها بروق من مواضٍ

وتهديها كواكب من رماح

بفتيان البيات فلا تناءت

بهم دارٌ وفرسان الصباح

وعارٌ أن تقيم بأرض خسفٍ

يقاسُ بها الصهيل إلى النباح

كذلك كلّ ذي فضل صريح

له أنفٌ من الظلم الصراح

وكيف يذّل من حثَّ المطايا

إلى الملك العزيز المستماح

ورى قدحْ الأماني في نداهُ

فاندى الوفد فائزة القداح

وما انتحبتْ عيونُ المال حتى

تبلَّج ضاحكاً وجهُ الصّباح

إذا شغف الملاحُ قلوبَ قومٍ

فصبوتهُ إلى الفقر الملاح

يهزُّ المدحُ عطف المجد منهُ

وذلك هزّ شوقِ وارتياح

فما ينفكّ ذا عرضٍ مصونٍ

وذا عرضٍ لقاصدهِ مباح

مخوفُ الحدِّ صفحاهُ يرجى

رشيدُ الجدِّ مأمونُ المزاح

حييُّ الوجه تلقاهُ جليداً

إذا خارت قوى الليثِ الوقاح

فقد خضبت أسنَّتهُ وفلَّتْ

كما نشر الشقيقُ على الأقاح

ونعمَ ربيبةُ العلياءُ ردّتْ

بهِ ظعن الحريم المستباح

لآمنَ سربها من بعد خوفٍ

ونازلها فسكَّن من جماح

فما تجدُ الحوافرُ من مساغ

ولو ركضتْ على بيض الأداحي

تشحُّ يدُ الحيا فيحُّ جواداً

فيالك من ندى والعام ضاح

أخو الأملاكِ يشتبهون صنعاً

إذا نودوا لحربٍ أو سماح

سباط الجود أغنوا كلَّ عافٍ

عن الجعد الأكفّ أو الشّحاح

ليوثُ وغى همُ عطفوا ورّقوا

عشّيةَ لفّهمْ غابُ الرماح

فما اسودَّتْ جوانحُ من عجاجٍ

ولا احمرَّتْ خدودٌ من صفاح

وكيفَ يخاف نزعٌ من فسادٍ

وكلُّ القومِ أبناءُ الصّلاح

بحورُ العلم آجالُ الأماني

بدور السلم أبطالُ الكفاح

تغيم قساطلاً واليومُ مصحٍ

وتشرقُ أوجها والغيثُ ساح

قلوبُ جحافلٍ ترضيك بطشاً

إذا دفعتْ صدورً وغىً تراح

أكفُّهمُ قوابضُ للمواضي

وهنَّ بواعثُ القدرِ المتاح

وتعرفهم بألسنةٍ فصاحٍ

متى نطقوا وأنديةٍ فساح

إذا ركبوا الجيادَ فلا براحٌ

وإن نزلوا على الأرض البراح

وإن خطبوا الوقعية بالعوالي

غدت أمَّ الحمامِ بلا نكاح

أجلُّ صداقها مهجُ الأعادي

وخيرُ مثارها قصد السلاح

أفتحَ الدين فالدنيا يقيناً

بتقوى الله والشيمِ السجاح

أتهدر فيك سالفة القوافي

وختمي بالمحامد وافتتاحي

وأنتَ فكلُّ مال تحتويهِ

كأنك تحتويهِ لاجتناح

وأصبح لا يدي بنداك ملأى

ولا صدري بقربك ذو انشراح

أراك جذبتَ أهل الفضل طراً

وهان عليك بعدي وانتزاحي

وكلُّ الخلق يعرف كنهَ قدري

فكيف قضيت وحدك بأطراحي

ومن ينوي الغنى وعداك قصداً

كمن يبغي القتال بلا سلاح

أردد لحظ ظنّي في وجوهٍ

من الآمال كاسفةٍ صباح

فقد أعدتْ جفونُ الغيد حظّي

وليست بالمراضِ ولا الصّحاح

وكم لي فيك من عذراء زفَّتْ

لفهمك في غدوٍّ أو رواح

منَ الغيد الحسانِ بلا شبيهٍ

فكيف يفوتها حظُّ القباح

لمن أهدي سواك عقود نظمي

وما أجني من الكلمِ الفصاح

فحميَّ على الصلات فإنَّ فكري

بقصدك قال حيَّ على الفلاح

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ابن الساعاتي، شعراء العصر الأيوبي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات