ومما شجاني بارق لاح موهنا

ومما شجاني بارق لاح موهنا - عالم الأدب

وَمِمّا شَجاني بارِقٌ لاحَ مَوهِناً

فَأَكفا إِناءَ الدَمعِ وَاِستَلَبَ الغُمضا

كَأَنَّ المُلاءَ البيضَ في يَدِ ناشِرٍ

عَلى الأُفُقِ الغَربيِّ يَنفُضُها نَفضا

رَنَوتُ إِلَيهِ مِن بَعيدٍ بِنَظرَةٍ

رَسولٍ لِقَلبٍ لَم يُطِق نَحوَهُ غُمضا

لَهُ عارِضٌ كَالجَيشِ تَفري سَوادَهُ

عَناجيجُ شُهبٍ خَرَّقَت مَتنُهُ رَكضا

فَبِتُّ وَلي خَصمٌ مِنَ الشَوقِ غالِبٌ

إِذا ما دَعا دَمعي تَحَدَّرَ وَاِرفَضّا

وَأَهدَتهُ دَعوائي بِنَجدٍ وَأَهلِها

فَيا أَهلَ نَجدٍ هَل تُجازونَني قِرضا

أَلا نَكَرَت شُرُّ شُجوني وَراعَها

نُحولٌ أَرَقَّ العَظمَ وَاِستَلَبَ الغُمضا

وَشَيبٌ تَعَرّى في الشَبابِ كَأَنَّهُ

سِراجُ صَباحٍ شَقَّ في اللَيلِ مُبيَضّا

مُنَعَّمَةٌ مَحمودَهُ الحُسنِ غادَةٌ

تُكَسِّرُ في أَجفانِها مَرَضاً خَفضا

إِذا ما مَشَت هَزَّت قَضيباً عَلى نَقاً

كَهَزِّ نَسيمِ الغُصنِ رَيحانَهُ غَضّا

سَلَت نافِلاتِ الحُبِّ مِمَّن عَلِمتُهُ

فَكَيفَ بِمَشغوفٍ يَرى حُبَّها فَرضا

أَرى كُلَّ يَومٍ في ظَلامِ مَفارِقي

شِهابَ مَشيبٍ باقِيَ الأَثرِ مُنقَضّا

وَكانَت يَدُ الأَيّامِ تَقبَلُ بِزَّتي

فَصارَت يَدُ الأَيّامِ تَنفُضُني نَفضا

وَقارَعَني مُلكُ الشَبابِ فَأَصبَحَت

عُيونُ المَها الإِنسِيِّ تَنقُضُني نَقضا

وَرَدَّ عَلَيَّ الدَهرُ حَدَّ سِلاحِهِ

فَقَطَّعَني جَرحاً وَأَوجَعَني عَضّا

وَخَلَّفتُ ماءَ العَيشِ صَفوَ غَديرِهِ

وَبُدِّلتُ مِن سَلسالِهِ نَمِراً بَرضا

رُوَيدَكَ إِنَّ الدَهرَ ما قَد عَلِمتَهُ

وَلَيسَ لَنا مِن حُكمِهِ كُلُّ ما نَرضى

وَلا بُدَّ أَن يُصغي إِلى البُؤسِ جانِبُ ال

نَعيمِ وَيَقضي مَنعُهُ ثُمَّ لا يُقضى

أَرى الدَهرَ يَقضي كَيفَ شاءَ مُحَكَّماً

وَلا يَملِكُ الإِنسانُ بَسطاً وَلا قَبضا

وَإِن تَجهَليني بَعدَ عِلمٍ فَإِنَّني

عُرِضتُ عَلى الأَحداثِ بَعدَكُمُ عَرضا

وَفَقدُ أُناسٍ لا أَخافُ عُيونَهُم

قَرَونِيَ مِن أَخلافِهِم حَلَباً مَخضا

أُرَقّي زَفيري في التَراقي عَلَيهِمُ

إِذا لاعَجُ الأَحزانِ أَوجَعَني مَضّا

وَصَلتُ جَناحَ الوُدِّ بَعدَ فِراقِهِم

بِريشِ ذُنابى بَعضُها يَخذُلُ البَعضا

فَعُلقَةُ قَلبي كَيفَ تَلحَقُ لَهوَهُ

وَأَسفارُ أَحزاني تُخَلِّفُهُ مُنضى

أَلا زَوِّدي يا رَبَّةَ الخِدرِ راجِلاً

تَتَبَّعَ أَرضاً قَد دَعَت شَخصُهُ رَضّا

وَكَيفَ ثَوائي بَينَ قَومٍ كَأَنَّما

تُرَضُّ تَحِيّاتي وُجوهَهُمُ رَضّا

سَرَت عَقرَبُ الشَحناءِ وَالبُغضُ بَينَنا

وَلا يَملِكُ الناسُ المَحَبَّةَ وَالبُغضا

أَلا رُبَّ حِلمٍ عادَ رِقّاً وَذِلَّةً

وَجَهلٍ بِهِ مُعطيكَ ذو الجَهلِ ما تَرضى

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ابن المعتز، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

بديع الزمان الهمذاني – المقامة الدينارية

حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ هِشامٍ قَالَ: اتَّفَقَ لي نَذْرٌ نَذَرْتُهُ في دِينَارٍ أَتَصَدَّقُ بِهِ عَلى أَشْحَذِ رَجُلٍ بِبَغْدَادَ، وَسَأَلْتُ عَنْهُ، فَدُلِلْتُ عَلى أَبِي الفَتْحَ الإِسْكَنْدَرِيِّ، فَمضَيْتُ…

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات