وما حمل البختي عام غياره

ديوان أبو ذؤيب الهذلي

وما حُمِّلَ البُختِيُّ عامَ غِيارِهِ

عَلَيهِ الوُسوقُ بُرُّها وَشَعيرُها

أَتى قَريَةً كانَت كثيراً طَعامُها

كَرَفغِ التُرابِ كُلُّ شَيءٍ يَميرُها

فَقيلَ تَحَمَّل فَوقَ طَوقِكَ إِنَّها

مُطَبَّعَةٌ مَن يَأتِها لا يَضيرُها

بِأَعظَمَ مِمّا كُنتُ حَمَّلتُ خالِداً

وَبَعضُ أَماناتِ الرِجالِ غُرورُها

وَلَو أَنَّني حَمَّلتُهُ البُزلَ لَم تَقُم

بِهِ البُزلُ حَتّى تَتلَئِبُّ صُدورُها

خَليلي الَّذي دَلَّى لِغَيٍّ خَليلَتي

فَكُلّاً أَراهُ قَد أَصابَ عُرورُها

فَشَأنَكَها إِنّي أَمينٌ وَإِنَّني

إِذا ما تَحالى مِثلُها لا أَطورُها

أُحاذِرُ يَوماً أَن تَبينَ قَرينَتي

وَيُسلِمَها جيرانُها وَنَصيرُها

رَعى خالِدٌ سِرّي لَياليَ نَفسُهُ

تَوالى عَلى قَصدِ السَبيلِ أُمورُها

فَلمّا تَراماهُ الشَبابُ وَغَيُّهُ

وَفي النَفسِ مِنهُ فِتنَةٌ وَفُجورُها

لَوى رَأسَهُ عَنّي وَمالَ بِوُدِّهِ

أَغانيجُ خَودٍ كانَ قِدماً يَزورُها

تَعَلَّقَهُ مِنها دَلالٌ وَمُقلَةٌ

تَظَلُّ لِأَصحابِ الشَقاءِ تُديرُها

وَما يَحفَظُ المَكتومَ مِن سِرِّ أَهلِهِ

إِذا عُقَدُ الأَسرارِ ضاعَ كَبيرُها

مِنَ القَومِ إِلّا ذو عَفافٍ يُعينُهُ

عَلى ذاكَ مِنهُ صِدقُ نَفسٍ وَخَيرُها

فَإِنَّ حَراما أَن أَخونَ أَمانَةً

وَآمَنَ نَفساً لَيسَ عِندي ضَميرُها

فَنَفسَكَ فَاِحفَظها وَلا تُفشِ لِلعِدى

مِنَ السِرِّ ما يُطوى عَلَيهِ ضَميرُها

مَتى ما تَشَأ أَحمِلكَ وَالرأسُ مائِلٌ

عَلى صَعبَةٍ حَرفٍ وَشيكٍ طُمورُها

وَما أَنفُسُ الفِتيانِ إِلّا قَرائِنٌ

تَبينُ وَيَبقى هامُها وَقُبورُها

لا يُبعِدَنَّ اللَهُ لُبَّكَ إِذ غَزا

فَسافَرَ وَالأَحلامُ جَمٌّ عُثورُها

وَكُنتَ إِماما لِلعَشيرَةِ تَنتَهي

إِلَيكَ إِذا ضاقَت بِأَمرٍ صُدورُها

لَعَلَّكَ إِمّا أُمُّ عَمرٍو تَبَدَّلَت

سِواكَ خَليلاً شاتِمي تَستَحيرُها

فَلا تَجزَعنَ مِن سُنَّةٍ أَنتَ سِرتَها

وَأَوَّلُ راضي سُنَّةٍ مِن يَسيرُها

فَإِنَّ الَّتي فينا زَعَمتَ وَمِثلَها

لَفيكَ وَلكِنّي أَراكَ تَجورُها

تَنَقَّذتَها مِن عَبدِ عَمرِو بنِ مالِكٍ

وَأَنتَ صَفِيُّ النَفسِ مِنهُ وَخَيرُها

يُطيلُ ثَواءً عِندَها لِيَرُدَّها

وَهَيهاتَ مِنهُ دورُها وَقُصورُها

وَقاسَمَها بِاللَهِ جَهداً لَأَنتُم

أَلَذُّ مِنَ السَلوى إِذا ما نَشورُها

فَلَم يُغنِ عَنهُ خَدعُهُ حينَ أَعرَضَت

صَريمَتَها وَالنَفسُ مُرٌّ ضَميرُها

وَلَم يُلفَ جَلداً حازِماً ذا عَزيمَةٍ

وَذا قُوَّةٍ يَنفي بِها مَن يَزورُها

فَإِن كُنتَ تَشكو مِن قَريبٍ مَخانَةً

فَتِلكَ الجَوازي عَقبُها وَنُصورُها

وَإِن كُنتَ تَبغي لِلظُّلامَةِ مَركَباً

ذَلولاً فَإِنّي لَيسَ عِندي بَعيرُها

نَشَأتُ عَسيراً لَم تُدَيَّث عَريكَتي

وَلَم يَعلُ يَوماً فَوقَ ظَهري كورُها

فَلا تَكُ كالثَورِ الَّذي دُفِنَت لَهُ

حَديدَةُ حَتفٍ ثَمَّ ظَلَّ يُثيرُها

وَلا تَسبِقَنَّ الناسَ مِنّي بِحَزرَةٍ

مِنَ السُمِّ مُذرورٍ عَلَيها ذَرورُها

وَإِيّاكَ لا تَأخُذكَ مِنّي سَحابَةٌ

يُنَفِّرُ شاءَ المُقلِعينَ خَريرُها

تُريدينَ كَيما تَجمَعيني وَخالِداً

وَهَل يُجمَعُ السَيفانُ وَيحَكِ في غِمدِ

أُخالِدُ ما راعَيتَ مِن ذي قَرابَةٍ

فَتَحفَظَني بِالغَيبِ أَو بَعضِ ما تُبدي

دَعاكَ إِلَيها مُقلَتاها وَجيدُها

فَمِلتَ كَما مالَ المُحِبُّ عَلى عَمدِ

وَكُنتَ كَرَقراقِ السَرابِ إِذا جَرى

لِقَومٍ وَقَد باتَ المَطِيُّ بِهِم تَخدي

فَأَقسَمتُ لا أَنفَكُّ أَحذو قَصيدَةً

أَدَعكَ وَإيّاها بِها مَثَلاً بَعدي

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في الشعراء المخضرمون، ديوان أبو ذؤيب الهذلي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات