ولما رأيت الكون يعلو ويسفل

ديوان محيي الدين بن عربي

ولما رأيت الكونَ يعلو ويسفلُ

وبينهما الأمر الإلهي ينزلُ

علمتُ بأنَّ الحقَّ سورٌ وإنه

لما ضمن الكونين فيه مفصلُ

يدّبر أمراً من سماءٍ وأرضها

وآياتُها للعالمين يفصلُ

ويعرجُ ذاك الأمر للفصل طالباً

فيعدلُ فيهم ما يشاءُ ويفصل

ولو قامَ فيهم عدلُه عشر ساعة

لأهلكهم سيفٌ من الله فَيصل

ولكنه روحُ التجاوز حاكمٌ

فيحكم فيهم حُكم مَن هو يغفل

فإهماله إمهاله عن مُصابه

ولو حقق التفتيش عنهم لزلزلوا

وعلة هذا الأمرِ أنْ ليس فاعلٌ

سواه وأنَّ الحقَّ بالحقِّ يفعل

فما كان من حمدٍ فحقُّ محقق

وما كان من ذمٍّ فحقٌ معللُ

وما ثَم إلاَّ الحقُّ ما ثَم غيره

ولكنهم قالوا محققٌ ومُبطلُ

يقولُ رسولُ الله يا رب فاحكمن

بذلكم الحق الذي كنتَ ترسل

وعلة هذا أنهم جحدوا الذي

أتتهم به أرساله وتعللوا

فزادهم وهماً وغماً وحسرةً

خلالَ الذي ظنوه ذاك التعلل

فلو أنهم لم يكذبوهم وصدَّقوا

مقالتهم فيهم لكانوا به أوَّلوا

نجاةٍ فإن الاعترافَ مقامه

إلى جانب العفو الكريم يهرولُ

لقد حكمتَ في حالهم غفلاتهم

فلولا وجودُ العفو لم تك تهمل

فيا رب عفواً فالرجاء محققٌ

وهذا الذي ما زلتَ مني تسأل

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان محيي الدين بن عربي، شعراء العصر الأيوبي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات