ولما رأت ما كان يأوي ورائها

ديوان الفرزدق

وَلَمّا رَأَت ما كانَ يَأوي وَرائَها

وَقُدّامَها قَد أَمعَرَتهُ هَزايِلُه

كَبابٌ مِنَ الأَخطارِ كانَ مُراحُهُ

عَلَيها فَأَودى الظُلفَ مِنهُ وَجامِلُه

بَكَت خَشيَةَ الإِعطابِ بِالشَأمِ إِن رَمى

إِلَيهِ بِنا دَهرٌ شَديدٌ تَلاتِلُه

فَلا تَجزَعي إِنّي سَأَجعَلُ رِحلَتي

إِلى اللَهِ وَالباني لَهُ وَهوَ عامِلُه

سُلَيمانُ غَيثُ المُمحِلينَ وَمَن بِهِ

عَنِ البائِسِ المِسكينِ حُلَّت سَلاسِلُه

وَما قامَ مُذ ماتَ النَبِيُّ مُحَمَّدٌ

وَعُثمانَ فَوقَ الأَرضِ راعٍ يُعادِلُه

أَرى كُلَّ بَحرٍ غَيرَ بَحرِكَ أَصبَحَت

تَشَقَّقُ عَن يَبسِ المَعينِ سَواحِلُه

كَأَنَّ الفُراتَ الجَونَ يَجري حُبابُهُ

مُفَجَّرَةً بَينَ البُيوتِ جَداوِلُه

وَقَد عَلِموا أَن لَن يَميلَ بِكَ الهَوى

وَما قُلتَ مِن شَيءٍ فَإِنَّكَ فاعِلُه

وَما يَبتَغي الأَقوامُ شَيئاً وَإِن غَلا

مِنَ الخَيرِ إِلّا في يَدَيكَ نَوافِلُه

أَرى اللَهَ في تِسعينَ عاماً مَضَت لَهُ

وَسِتٍّ مَعَ التِسعينَ عادَت فَواضِلُه

عَلَينا وَلا يَلوي كَما قَد أَصابَنا

لِدَهرٍ عَلَينا قَد أَلَحَّت كَلاكِلُه

تَخَيَّرَ خَيرَ الناسِ لِلناسِ رَحمَةً

وَبَيتاً إِذا العادِيُّ عُدَّت أَوائِلُه

وَكانَ الَّذي سَمّاهُ بِاِسمِ نَبِيِّهِ

سُلَيمانَ إِنَّ اللَهَ ذو العَرشِ جاعِلُه

عَلى الناسِ أَمناً وَاِجتِماعَ جَماعَةً

وَغَيثَ حَياً لِلناسِ يُنبِتَ وابِلُه

فَأَحيَيتَ مَن أَدرَكتَ مِنّا بِسُنَّةٍ

أَبَت لَم يُخالِطها مَعَ الحَقِّ باطِلُه

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الفرزدق، شعراء العصر الأموي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات