وللغصن يرمى كل يوم بشاذب

ديوان الشريف المرتضى

أَلا يا لَقومِي لاِعتِنانِ النّوائبِ

وَللغُصنِ يُرمى كلَّ يومٍ بشاذِبٍ

وَللنّاسُ إمّا ظاعنٌ حانَ يومُهُ

وَإمّا مقيمٌ لاِجتراعِ المصائبِ

وَزَوْرُ المَنايا إِنْ حَميناه جانباً

أَتانا كَأَنْ لَمْ يُحْمَ مِن كلِّ جانبِ

يُعطُّ عَلينا كلَّ سَرْدٍ مضاعفٍ

ويخطو إلينا كلَّ بابٍ وحاجِبِ

وكم هاربٍ مِنْ أنْ يلاقِيَهُ الرّدى

مُغذٍّ ولكنْ لا نجاءَ لهاربِ

نُقِلُّ اِعتِباراً في الزّمانِ تغابياً

وَأَبصارُنا مَملوءَةٌ بالعجائبِ

وَنَصبو إِلى وِرْدِ الحياةِ وصرفُها

يذودُ بنا عنها ذِيادَ الغرائبِ

بُلينا منَ الدّنيا بِخلْفٍ مُجَدَّدٍ

وَإِن درَّ أَحياناً بِأَيدِي الحوالبِ

وَنَظْما إلى ما لا يَزالُ يُذيقُنا

لُعابَ الأَفاعِي أَو شِيالَ العَقاربِ

وَخِلٍّ تَولّى المَوتُ عنّي بِشَخصِهِ

توَلِّيَ مُمتدِّ النّوى غيرِ آيبِ

كَأنِّيَ لمّا صكَّ سَمعي نَعِيُّهُ

صُكِكْتُ بمسنونِ الغِرارين قَاضبِ

وَفارقني مِن غيرِ شَيءٍ أرابَه

وَصدُّ المقاصِي غيرُ صدِّ المعاتِبِ

طَواهُ الرّدى طيَّ الرِّداءِ وعُطِّلتْ

مَغانِي الحِجى منهُ وغُرُّ المناقبِ

خَليليَّ قوما فَاِندُبا مَنْ بِقُربِه

لَهَوْتُ زَماناً عن سَماعِ النوادِبِ

وَيا لَهْفَتِي منهُ عَلى ذِي مَودّةٍ

بَريءِ الأَديمِ مِن قروفِ المَعايبِ

نَسيبِيَ بِالوُدِّ الصحيحِ وأَقْربي

وَصاحِبيَ الأدْنى إِذا اِزوَرَّ صاحِبي

وَمَنْ كُنتُ لا أُفضِي لَه بِخليقةٍ

وَلا أَشتكِي منهُ اِعوِجاجَ المذاهبِ

مَذاقٌ كَما يَحلو الشّهادُ لِذائقٍ

وَصَفوٌ كَما يَصفو الشّرابُ لشاربِ

وَلَمّا بَلَوْتُ الأَصدقاءَ ووُدَّهُم

خلصْتُ إِليهِ مِن خِلال التّجارِبِ

فَأَعْلَقتُ قلبي منهُ مِلْء جَوانِحي

وَأَغلقتُ كفِّي منه مِلْءَ رواجِبي

شَقَقنا لهُ في التُّربِ بيتاً كَأنّما

شَقَقناهُ مِنْ وَجْدٍ بِه في التَرائبِ

وَهِلْنا عليهِ مِن جَوانبِ قبرِهِ

ثَرىً طابَ لمّا مسَّ طِيبَ الضّرائِبِ

أَيا ذاهِباً بُقّيتُ لِلحزنِ بعدَهُ

أَلا إِنَّني حزناً عَليك كَذاهبِ

تُوُفّيتَ دونِي غَيرَ أَنَّكَ هالكاً

توفّيتَ آمالِي وعُلْتَ مطالبِي

فَأَصبحتُ فَرْدَ الشّخص لولا تلهّفٌ

يَزور بِسارٍ مِن همومٍ وسارِبِ

وَلَوْ أنّ غير الدّهر رابكَ بالرّدى

عَجِلنا إِليهِ بالقنا والقواضبِ

وَدافَعَ عنكَ الضّيمَ حتّى يزيغه

رِجالٌ رجالٌ مِن لويّ بن غالبِ

إِذا ما دُعوا طاروا إِلى حَومَةِ الوغى

عَلى كلِّ مَعروقِ الجناجِنِ شازِبِ

جَريئونَ رَكّابون إِمّا تنمّروا

رقابَ المنايا أو ظهورَ المعاطِبِ

وَكَم لهُمُ في باب كلّ عظيمةٍ

قراعُ أَكفٍّ أَو زِحامُ مناكبِ

سقَى اللَّه قَبراً كنتَ حشوَ ضريحهِ

غزيرَ الحوايا مستهلّ الهيادِبِ

تَقَعقَعُ في جوّ السّماءِ رعودُه

ويوقِد فيه البرقُ نارَ الحُباحبِ

وَإِنْ مزّقتْ عنه الشّمال برودَه

عَلى عَجَلٍ حاكَتْه أيدي الجنائبِ

وَما لِيَ أَستسقِي الغمامَ لقبرِهِ

وقد نُبْتُ عنه بالدّموِع السّواكبِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الشريف المرتضى، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات