وطالع من مشرق القباء

ديوان ناصح الدين الأرجاني

وطالعٍ من مشرِقِ القَباء

في ليلةٍ من صُدْغه لَيلاءِ

مثْلَ طلوع البدر في الظَلماء

ينظُرُ من صادقةٍ دعجاء

كشَقّةٍ في شَعْرةٍ سوداء

لَقيتُه في غِلْمةٍ أكفاء

تَلاعَبوا في عَرْصةٍ فَيْحاء

فثارَ مثْلَ الظبيةِ الأدْماء

عاطِفَ فَضْلِ الذَّيل ذي الإرخاء

ومُبدِياًعن وجْنةٍ حمراء

فخاضَ في فَنٍّ منَ الرماء

إصماؤه يكونُ في الإشْواء

مُنْفَتِلاً بقامةٍ مَيْلاء

وعابِثاً بكُرَةٍ شَعْراء

عَجيبةٍ تُضرَبُ في الهواء

بصَولَجَانٍ صادقِ الإيماء

يُصانُ للإغرازِ في الغِشاء

لم يُبْرَ من أيكتِه الخضراء

كلاّ ولم يَعْرَ من اللّحاء

فَيَنْثَني يَبْساً بلا انثناء

بلْ هو رَطبٌ كلسانِ الماء

أنعَمُ ساقَىْ بانةٍ غَنّاء

يختلسُ الخَطْفةَ في وَحاء

مثْلَ اختلاسِ العينِ للإغضاء

أو مثْلَ نَصْبِ الأُدْنِ للإصغاء

فَمَرَّ في ضَرْبٍ لَها وِلاء

يَقْسِمُ طَرْفَ المُقلةِ الخَوصاء

في اللِّعْبِ بين الأرضِ والسّماء

تَخْبِطُ رِجْلاه على العراء

مَع الصّوابِ خبَطْةَ العَشْواء

يَسرِقُ من شمائل الظباء

نَقْراً يُواليهِ على أنحاء

أبطَؤُها يَخطِفُ عينَ الرائي

ويُتْبِعُ الأعدادَ بالإحصاء

كسَوقِكَ الأذْواد بالحُداء

يَستقبلُ الدَّفعةَ من تِلقاء

ورُبما آثَرَ في الأثناء

أن يَتلقّى الرَمْيَ من وراء

فنظْمُهُ مُستَحسَنُ الإقواء

يَهتَزُّ مثْلَ الصَّعدةِ السّمراء

وقَدُّه من شِدةِ الْتواء

كالغُصْنِ تحتَ العاصفِ الهَوجاء

تَراهُ من تَمَدُّ الأَعضاء

كأنّه كوَكِبُ الجَوزاء

له خُطاً قليلةُ الاِخطاء

حكيمةُ الإسراعِ والإبطاء

لو لم يكنْ مَسٌ منَ الإعياء

لَوَصَلَ الصّباحَ بالمَساء

مُستَغْرَبُ الإخطاء كالعَنْقاء

وزائدُ العود على الإبداء

يالك من مركوضة ملساء

رافعة لخصلة دهماء

من ذنَبٍ في جَبْهةٍ شَهْباء

تُطيعُ مَولاها بلا استعْصاء

وهوْلَها مُواصِلُ الجَفاء

مُبَدِّلُ الإدناء بالإقصاء

يُوسعُها ركْلاً بلا اتّقاء

وكلّما عادتْ عن اسِتعْلاء

قَبّلتِ الرِجْلَ بلا إباء

وجازتِ الجَفاء بالوفاء

خُذْها وإنْ لم تُهْدَ من صَنعْاء

حَبيكةً كالوَشْيِ من إهْدائي

واصفةً للُعْبةٍ عَجْماء

ولَفْظُها للعَربِ العَرْباء

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الأرجاني، شعراء العصر الأندلسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات