وسارية لا تمل البكا

وسارية لا تمل البكا - عالم الأدب

وَسارِيَةٍ لا تَمَلُّ البُكا

جَرى دَمعُها في خُدودِ الثَرى

سَرَت تَقدَحُ الصُبحَ في لَيلِها

بِبَرقٍ كَهِندِيَّةٍ تُنتَضى

فَلَمّا دَنَت جَلجَلَت في السَما

ءِ رَعداً أَجَشَّ كَجَرِّ الرَحى

ضَمانٌ عَلَيها اِرتِداعُ اليَفا

عِ بِأَنوارِها وَاِعتِجارُ الرُبى

فَما زالَ مَدمَعُها باكِياً

عَلى التُربِ حَتّى اِكتَسى ما اِكتَسى

فَأَضحَت سَواءً وُجوهُ البِلادِ

وَجُنَّ النَباتُ بِها وَاِلتَقى

وَكَأسٍ سَبَقتُ إِلى شُربِها

عَذولي كَذَوبِ عَقيقٍ جَرى

يَسيرُ بِها غُصُنٌ ناعِمٌ

مِنَ البانِ مَغرِسَهُ في نَقا

إِذا شِئتَ كَلَّمَني بِالجُفو

نِ مِن مُقلَةٍ كُحِلَت في الهَوى

لَهُ شَعَرٌ مِثلُ نَسجِ الدُروعِ

وَطَرفٌ سَقيمٌ إِذا ما رَنا

وَيَضحَكُ عَن أُقحُوانِ الرِيا

ضِ وَيَغسِلُهُ بِالعَشِيِّ النَدى

وَمِصباحُنا قَمَرٌ مُشرِقٌ

كَتُرسِ اللُجَينِ يَشُقُّ الدُجى

سَقى اللَهُ أَهلَ الحِمى وابِلاً

سَفوحاً وَقَلَّ لِأَهلِ الحِمى

لَئِن بانَ صَرفُ زَمانٍ بِنا

لَما زالَ يَفعَلُ ما قَد تَرى

وَمُهلِكَةٍ لامِعٍ آلُها

قَطَعتُ بِحَرفٍ أَمونِ الخُطا

لَها ذَنَبٌ مِثلُ خَوصِ العَسيبِ

وَأَربَعَةٌ تَرتَمي بِالحَصى

بَناها الرَبيعُ بِناءَ الكَثيبِ

تَسوقُ رِياحَ الهَواءِ النَقا

فَما زالَ يُدئِبُها ماجِدٌ

عَلى الأَينِ حَتّى اِنطَوَت وَاِنطَوى

بِأَرضٍ تَأَوَّلَ آياتِها

عَلى الظَعنِ يَخبِطُ فيها الهَوى

صَرَعتُ المَطِيَّ لِأَرقى لَها

فَما اِعتَذَرَت بَينَها بِالوَجى

وَذي كُرَبٍ إِذ دَعاني أَجَبتُ

فَلَبَّيتُهُ مُسرِعاً إِذ دَعا

بِطِرفٍ أَقَبَّ عَريضِ اللِبا

نِ ضافي السَبيبِ سَليمِ الشَظا

وَفِتيانِ حَربٍ يُجيبونَها

بِزُرقِ الأَسِنَّةِ فَوقَ القَنا

كَغابٍ تُحَرِّقُ أَطرافُهُ

عَلى لُجَّةٍ مِن حَديدٍ جَرى

فَكُنتُ لَهُ دونَ ما يَتَّقي

مِجَنّاً وَمَزَّقتُ عَنهُ العِدا

أَنا اِبنُ الَّذي سائَهُم في الحَياةِ

وَسادَهُمُ بِيَ تَحتَ الثَرى

وَما لِيَ في أَحَدٍ مَرغَبٌ

بَلى فِيَّ يَرغَبُ كُلُّ الوَرى

وَأَسهَرُ لِلمَجدِ وَالمَكرُماتِ

إِذا اِكتَحَلَت أَعيُنٌ بِالكَرى

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ابن المعتز، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات