وافى الكتاب الذي تعنو له الكتب

وافى الكتاب الذي تعنو له الكتب - عالم الأدب

وافى الكتابُ الذي تعنو لهُ الكتبُ

من الشهابِ الذي تسمو بهِ الشهبُ

مِنْ عندِ أسجع مَنْ يُسمى وأسمح مَنْ

أعطى وأبلغ مَنْ أَمْلُوا وَمَنْ كتبوا

فلو فرشتُ سروراً وجنتيَّ له

لم أقضِ مِنْ حقِّهِ بعضَ الذي يجبُ

ألفاظُهُ الغرُّ فاروقيةٌ دررٌ

يُنفى بها السمُّ أو يُشفى بها الكَلَبُ

فوائقٌ من قوافٍ حيثما ذُكرت

يطربْ بها الحيُّ أو يحيا بها الطربُ

يا باعثَ الثلجِ والسحبِ التي عُهدت

مِنْ ثغرِهِ وندى كفيْهِ يُجتلَبُ

بيضُ الثلوجِ اكتستْ من وصفِكُمْ ذهباً

كأنها فضةٌ قَدْ مسَّها ذهبُ

مِنْ سعدِ جلِّقَ أن النائباتِ بها

بيضٌ وفي غيرها ما ابيضَّتِ النُّوَبُ

لا ما لحمرةِ سيلٍ في طرابُلُسٍ

هذا البياضُ وهذا المنظرُ العجبُ

لو ادعى أنهُ يحكيهِ قلتُ لهُ

لقدْ حكيتَ ولكنْ فاتَكَ الشنبُ

زرقُ الأعادي وبيضُ السحبِ واجدةٌ

على دمشق فلا كانوا ولا السحبُ

ناهيكَ مِنْ دِيَمٍ في طَيِّها زَغَبٌ

وزمجراتِ رعودٍ ضمَّها رَهَبُ

قَدْ ثُجَّتِ الماءُ ثجاً فَهْوَ منسكب

و رُجَّتِ الأرضُ رجاً فَهْيَ تَضطربُ

الفرقُ بين دمشقَ والجنانِ لنا

أَنْ لا لُغوبَ بجنات ولا نَصَبُ

يا برقُ قلْ لي ويا سطرَ السحابِ ترى

السيف أصدقُ أنباءً أمِ الكتبُ

فالسحبُ والبرقُ يتلوها كغاشيةٍ

منَ الدخانِ على آثارها لهبُ

أو كالعشارِ التي غنَّتْ رواعدُها

مثلَ الحداةِ التي أصواتُها ذهبُ

مولايَ إنَّا لفرطِ الحبِّ فيكَ إذا

أمرّ عَناكَ كأنَّا فيكَ نصطحبُ

فكلُّ ما في دمشقَ حلَّ مِنْ جللٍ

فشطرُ ذلكَ قاستْ أختَها حلبُ

إنَّ المصائبَ بالأقدارِ كائنةٌ

لكنْ على حسبِ الأقدارِ تُحتسبُ

عجبتُ مني ومنْ غيري تشوقنا

إلى ازديادِ حياةٍ كلُّها تعبُ

وإنْ دُهمنا بسيلٍ أو بنوعِ أذى

كالثلجِ والنارِ حِرْنا ما هو السببُ

أقسمتُ باللهِ لولا حلْمُ خالِقِنا

لكانَ مِنْ عشْرِ ما نأتي بهِ العطَبُ

ودهرُنا أيُّ دهرٍ في تقلُّبِهِ

قَدْ هانَ فيهِ التقى والعلمُ والأدبُ

لي أُسوةٌ بانحطاطِ الشمسِ عَنْ زحلٍ

فإنْ علانيَ مَنْ دوني فلا عجبُ

وإنْ يكنْ كسدَ الورديُّ في حلبٍ

فالمندلُ الرطبُ في أوطانِهِ حَطَبُ

ما شبْتُ وحدِي عذارُ الماءِ شابَ إلى

أنْ صارَ ثلجاً كذا الأحوالُ تنقلبُ

يا واصفَ السيلِ وصفاً هالَ سامعَهُ

فالقلبُ والخوفُ مِنْ أوصافِهِ يجبُ

كم شادَ منكمْ قوى الدنيا أخٌ فأخٌ

وسادَ فيكم إلى العليا أبٌ فَأبُ

فيعبرونَ مدى الكتَّابِ إنْ كتبوا

وينشرون فتى الخطَّابِ أنْ خطبوا

إنْ سوبقوا سَبَقوا أو حَدَّثوا صدقوا

أو سُولموا رفقوا أو حوربوا غلبوا

كتابةُ السرِّ بل سرُّ الكتابةِ مٍنْ

فنونكمْ وعلومٌ راضَها الطلَبُ

لكمْ يراعٌ بفضلِ اللهِ ما افتخرتْ

إلا أقرَّ لها الخطِّيُّ والقضُبُ

في الذوقِ تحلو وفي الأسماعِ تعذب إذْ

في السبْقِ تملُحُ حسناً هكذا القصبُ

مظلومةُ القدِّ في تشبيهها غصناً

مظلومةُ الريقِ إذ قلنا هي الضَرَبُ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ابن الوردي، شعراء العصر المملوكي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات