وإني لمطوي الضلوع على جوى

ديوان القاضي الفاضل

وَإِنّي لَمَطِوِيُّ الضُلوعِ عَلى جَوىً

بِأَيسَرَ مِنهُ يُنشَرُ الوابِلُ السَجمُ

وأَمَّلتُ نَفعَ الكَتمِ فيهِ مُغالِطاً

غَليلي وَلَكِن قَلَّما نَفَعَ الكَتمُ

وَقَد كانَ لي عَزمٌ عَلى الصَبرِ صابِراً

فَقَد خانَهُ بَعدَ النَوى ما نَوى العَزمُ

وَأَسعَفَها بِاللُؤلُؤِ النَثرِ جَفنُهُ

وَيُسعِفُها مِن بَعدِهِ اللُؤلُؤُ النَظمُ

لِنَفسي أُريدُ الوَصلَ لا بَعدَ مَوتِها

فَلا خُبرَ لي بَعدَ المَماتِ وَلا عِلمُ

إِذا ظَمِئَت يَوماً فَلا نَزَلَ الحَيا

وَإِن خَبَطَت يَوماً فَلا طَلَعَ النَجمُ

لَحى اللَهُ هَذا العَيشَ إِن كانَ ما أَرى

فَآنِفُهُ ظَنٌّ وَسالِفُهُ حُلمُ

وَيَزعُمُ صَبري أَنَّهُ لي عُدَّةٌ

وَأَصدَقُ ظَنّي أَن سَيَكذِبُني الزَعمُ

فَلا يَعدُ أَطلالَ الحِمى القَطرُ وَحدَهُ

وَلا دارَها دَمعي وَلا غُلَّتي الظَلمُ

وَجِئنا عَلى رَغمِ اللَيالي مَنازِلاً

مَنازِلَ كَم أَوفى بِها بَدرُها التَمُّ

وَكانَت لِأَقمارِ المَحاسِنِ مَطلَعاً

فَها هِيَ في طُرقِ الصَبابَةِ لي نَجمُ

وَإِنّي لَمُشتاقٌ إِلى جُملَةِ البَكا

عَلَيها وَلَكِن عِندَ مَن يودَعُ الحِلمُ

أَآثارَ تَقبيلي يَخافُ ثُبوتَها

فَدَيتُكَ فَوقَ الماءِ لا يَثبُتُ الرَقمُ

مُشَعشَعُ إِفرِندِ البَشاشَةِ يَتَّقي

مِنَ اللَثمِ ثلماً حينَ يُغمِدُهُ اللَثمُ

فَغُرَّتُهُ صُبحٌ وَطُرَّتُهُ دُجىً

وَأَلحاظُهُ حَربٌ وَأَلفاظُهُ سَلمُ

تَحَرَّجَ مِن رَدِّ الجَوابِ لِإِثمِهِ

فَلا تَعدَمَنكَ النَفسُ ما قَتلُها إِثمُ

وَلَيسَ لَها إِلّا القُلوبَ عَوائِدٌ

جُفونٌ بِها لا بَل بِعائِدِها السُقمُ

أَطَعتُ الرِضا في أَمرِها وَلَها الرِضا

وَأَرغَمتُ فيها عاذِلي وَلَهُ الرَغمُ

أَعائِدَةً روحي وَتُمرِضُ جِسمَهُ

إِذا تَلِفَت روحي فَلا سَلِمَ الجِسمُ

وَمودِعَةٍ لِلسَمعِ دُرَّ حَديثِها

وَلَمّا بَكَت عَيني وَهَى ذَلِكَ النَظمُ

يَلَذُّ لَها هَمّي فَهَمِّيَ فَقدُهُ

وَيُعجِبُها سُقمي فَلا بَرِحَ السُقمُ

سَلي النَجمَ عَن عَيني فَحَسبُكِ شاهِداً

وَعِندَكِ يا عَينَيهِ عَن عَينِيَ العِلمُ

يَتيمٌ إِذا ما ماتَ عَنهُ حَبيبُهُ

وَما كُلُّ فَقدِ الوالِدَينِ هُوَ اليُتمُ

لَعَمري لَقَد بَصَّرتَ لَو نَفَعَ الهُدى

وَحَقّاً لَقَد أَسمَعتَ إِن سَمِعَ الصُمُّ

أَعاذِلَهُ ما الحَزمُ إِلّا اِتِّباعُهُ

طَريقَكَ لَكِن رُبَّما غُلِبَ الحَزمُ

تَحَرَّجُ عَن وَصلي مَخافَةَ إثمِها

فلا تَحرَجي إنَّ الصدودَ هو الإثمُ

وجيرَتُنا نُعمانُ فالعيشُ ناعِمٌ

وَأَطوارُهُ نُعمى وَخَلَّتُنا نُعمُ

وَأَكثَرُ أَيّامي تَعقَّبَها الأَسى

عَلَيها وَلَكِن قَد تَقَبَّلَها الذَمُّ

رَضيتُ بِما يَقضي عَلى قِسطِ جَورِهِ

فَلَم يَغضَبُ القاضي وَقَد رَضِيَ الخَصمُ

يَقولونَ لِم لا تَلبَسُ الصَبرَ جُنَّةً

وَما نَفعُها مِن بَعدِ ما مَرَقَ السَهمُ

إِذا اِستَرَقَت سَمعاً مُنايَ بِذِكرِهِ

فَفي إِثرِها مِن شُهبِ أَدمعِها رَجمُ

وَلي مُقلَةٌ مِن ذُخرِ دَمعي مُقِلَّةٌ

وَكانَ لَها لَولا النَوى حاصِلٌ جَمُّ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان القاضي الفاضل، شعراء العصر الأيوبي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات