هو النصر باد للعيون صباحه

ديوان لسان الدين بن الخطيب

هوَ النّصرُ بادٍ للعُيونِ صَباحُهُ

فمَا عُذْرُ صَدْرٍ ليْسَ يَبْدو انْشِراحُهُ

حَديثٌ تَهاداهُ الرّكائِبُ في السّرَى

وتُجْلَى علَى راحِ المسَرّةِ راحُهُ

وآيَةُ بُشْرى هَزّ مِعْطَفَهُ الهُدَى

لَها وتَبَدّى للزّمانِ ارتيَاحُهُ

وأصْبَحَ دينُ اللهِ قدْ عَزّ جارُهُ

بمَوْقِعِه والكُفْرُ هِيضَ جَناحُهُ

وآثارُ مَلْكٍ ظاهِرِ الفَضْلِ لمْ يزَلْ

يُشَفَّعُ فِينا هَدْيُهُ وصَلاحُهُ

إذا دَهَمَ الرَّوْعُ استَقَلّ دِفاعُهُ

وإنْ أخْلَفَ الغَيْثُ استهَلّ سَماحُهُ

بيوسُفَ لاحَ الحَقُّ أبْلَجَ واضِحاً

وأصْبَحَ دينُ اللهِ فازَتْ قِداحُهُ

يقَصِّرُ نَفْحُ الطّيبِ عنْ طِيبِ ذِكْرِهِ

ويُزْري بأزهارِ الرِّياضِ امْتِداحُهُ

تلافَيْتَ بالعَزْمِ البِلادَ وأهْلَهَا

وقدْ عَصَفَتْ للكُفْرِ فيها رِياحُهُ

وحَفّتْ بِهِ الأعْداءُ منْ كلِّ جانِبٍ

كما حَفّ بالخَصْرِ الهَضيمِ وِشاحُهُ

وقُدْتَ إلَيْها الجيْشَ والعَسْكَر الذي

تُرَوّى عَواليهِ وتُرْوَى صِحاحُهُ

فدَوّخْتَ ما ضُمّتْ علَيْهِ بلادُهُ

ونَفّلْتَ ما زُرّتْ عليْهِ بطاحُهُ

وصَبّحْتَ جَمْعَ الكُفْرِ في مُستقَرِّه

فخابَتْ مَساعِيهِ وساءَ صَباحُهُ

فبَيْنَ صَريعٍ بالفَلاةِ مُجَدّلٍ

طَريحٍ وعانٍ لا يُرجَّى سَراحُهُ

ومِنْ بيْنِ مَكْلومٍ بحَدِّ سُيوفِها

تَسيلُ علَى الأعْقابِ منْهُ جِراحُهُ

وأقْبَلَ مَنصورَ اللّواءِ مُؤيَّدا

ذَوابِلُهُ قد ضُرِّجَتْ وصِفاحُهُ

إذا الخَطْبُ لم يسْمَحْ بفَضْلِ قِيادِهِ

ولايَنْتَهُ بالصّبْرِ لانَ جِماحُهُ

وإنْ أنتَ في روْضِ الجِهادِ غَرَسْتَهُ

تَبسّمَ عنْ زَهْرِ الفُتوحِ افتِتاحُهُ

ومَهْما استَعَنْتَ اللهَ في الأمر وحْدَهُ

أتاكَ بهِ منْ كُلِّ أمرٍ نَجاحُهُ

فَما ضَلّ مَنْ كانَ الإلهُ دَلِيلُه

وما ذَلّ مَنْ حُسنُ اليَقينِ سِلاحُهُ

فَهُنّيتَهُ صُنْعاً جَميلاً ومَوْرِداً

منَ النّصْرِ يَنْدَى في القُلوبِ قَراحُهُ

ودُمْتَ عَزيزَ الجارِ سَيْفُكَ فاصِلٌ

وسَيْبُكَ ممْنوحُ النّوالِ مُباحُهُ

ودونَكَها منّي إلَيْكَ بَديهَةً

نَتيجةَ حُبٍّ طابَ فيكَ صُراحُهُ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان لسان الدين بن الخطيب، شعراء العصر الأندلسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات