هو الكون ثوب والسداء هو الأمر

ديوان عبد الغني النابلسي

هو الكون ثوب والسداءُ هو الأمرُ

ولحمته الخلق اقتضى نهيه الأمرُ

وحائكه الأسماء أسماء ربنا

تعالى بمكّوك الوجود به الضفر

وما غزله إلا من العدم الذي

تقدر في العلم القديم له القدر

ملونة أطرافه في حباكها

فبيض وسود تلك والخضر والحمر

ولا بس ذاك الثوب حائكه على

نهاية تنزيه وهذا هو الستر

فيخلعه طوراً ويلبس تارة

كلمعة برقٍ ما له أبداً حصر

تنزُّلُ حقٍّ في غيابة ذاته

إلى فعله بالعلم سرٌّ هو الجهر

ألا هكذا الآفاق فانظر جميعها

ونفسك لا يغررك زيد ولا عمرو

وحقق وجود الحق في الكون وحده

ولا كون لا شفع هناك ولا وتر

ولكنها الأقدار منه تقدرت

فلا تلغها واعرف فإلغاؤها كفر

ودع عنك أقواما عليها تزندقوا

يقولون بالتوحيد توحيدهم نكر

فينفون لا بالحس والذوق كل ما

يرون من الأكوان عندهم المكر

يقولون غير الله ما في قلوبنا

بزور وبهتان وكذب هو الوزر

يريدون إسقاط التكاليف بالفنا

فنا الوهم والدعوى وما عندهم خبر

ولو صدقوا ماتوا وزالت نفوسهم

ولم يبق فيهم قائل وله فكر

بلى يدَّعون الموت والحال كاذب

وما الصحو عند الناس يخفى ولا السكر

وهيهات أين الفتح والكشف والهدى

وأين علوم الله يقذفها البحر

وهم يزعمون اللب ما اعتقدوه من

ضلالاتهم والناس عندهم القشر

وأقوال محيي الدين بالجهل غيروا

وقد ألحدوا فيها وهم كلهم غُمْر

وأقوالنا أيضاً يظنون أنها

يوافقهم من لفظها النظم والنثر

ومنهم بريءٌ إنني وإن انتموا

إلي على كره لدي ولي زجر

عوامٌّ ولا علم لديهم يردُّهم

ولا عقل ينهاهم وليس لهم عذر

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان عبد الغني النابلسي، شعراء العصر العثماني، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات