هوى لكما إن الشباب يعاد

ديوان الشريف الرضي

هَوىً لَكُما إِنَّ الشَبابَ يُعادُ


وَإِنَّ بَياضَ العارِضينَ سَوادُ


وَإِنَّ اللَيالي عُدنَ وَالحَيُّ جيرَةٌ


كَما كُنَّ أَم لا ما لَهُنَّ مَعادُ


حَنَنتُ إِلَيكُم حَنَّةَ النَيبِ أَصبَحَت


تَلوبُ عَلى الماءِ الرِوى وَتُذادُ


تَوانٍ بِأَعناقِ الغَليلِ وَقَد حَوى


مَشارِعَهُ عَذبُ الجُمامِ بُرادُ


دَعِ الوَجدَ يَبلُغ ما أَرادَ فَما الهَوى


بِدانٍ وَلا عَهدُ الدِيارِ مُعادُ


وَإِنَّ بِذاكَ الجِزعِ وَحشاً غَريرَةٌ


تَصيدُ وَأَعيا الناسُ كَيفَ تُصادُ


إِذا أَنبَضَ الرامي رَمَينَ فُؤادَهُ


فَظَلَّ وَلَم يُملَك لَهُنَّ قِيادُ


غَداةَ وَقَفنا وَالدُموعُ مُرِشَّةٌ


كَأَنَّ عُيونَ الواقِفينَ مَزادُ


أَبى طولُ هَمٍّ أَن يَكونَ مَضاجِعٌ


وَغُزرُ دُموعٍ أَن يَكُنَّ رُقادُ


فَبَينَ ضُلوعي وَالهُمومِ تَقارُعٌ


وَبَينَ جُفوني وَالمَنامِ طِرادُ


لَهُم كُلَّ يَومٍ وَالنَوى مُطمَئِنَّةٌ


سَليمٌ لَهُ يَومَ الفِراقِ عِدادُ


فَيا بَينُ لَم تَنفَع إِلَيكَ وَسيلَةٌ


وَيا وَجدُ لَم يَسلَم عَليكَ فُؤادُ


حَلَفتُ بِأَيدِهِنَّ في كُلِّ مَهمَةٍ


عَلَيهِنَّ مِن باقي الظَلامِ سَوادُ


كَأَيدي العَذارى الفاقِداتِ تَدارَعَت


لِلَدمِ الطُلى أَطمارُهُنَّ حِدادُ


خَوانِفُ مَهبوطٌ بِهِنَّ عَشِيَّةً


قَرارٌ وَمَطلوعٌ بِهِنَّ نِجادُ


تُقَصُّ بِآثارِ الدِماءِ كَأَنَّها


مَساحِبُ جَرحى يَومَ طالَ طِرادُ


يُطَيِّرنَ بِالوَقعِ الشِرارَ كَأَنَّما


مَناسِمُها تَحتَ الظَلامِ زِنادُ


كَأَنَّ الدُجى وَالفَجرُ يَركَبُ عِقبَه


نَزائِعُ دُهمٍ خَلفَهُنَّ وِرادُ


أَزيزُ سُرىً ما فيهِ لِلغَمضِ مَطمَعٌ


كَأَنَّ قُتودَ اليَعمَلاتِ قَتادُ


رَوامٍ إِلى جَمعٍ كَأَنَّ رُؤوسَها


قِبابٌ بَنَتها بِالمَراقِبِ عادُ


يُجَعجِعنَ أَجلاداً وَهاماً رَواجِفاً


وَهُنَّ عَلى ما نابَهُنَّ جِلادُ


لِحَيٍّ عَلى الجَرعاءِ أَلأَمِ رِحلَةٍ


إِذا ظَعَنوا ساقوا العُيوبَ وَقادوا


إِذا رَحَلوا عَن خِطَّةِ اللَؤمِ خالَفوا


إِلَيها بِأَعناقِ المَطِيِّ وَعادوا


لَهُم مَجلِسٌ مافيهِ لِلمَجدِ مَقعَدٌ


وَمَربَطُ عارٍ ما عَليهِ جِيادُ


بُيوتُهُمُ سودُ الذُرى وَلِنارِهِم


مَواقِدُ بيضٌ ما بِهِنَّ رَمادُ


لَهُم حَسَبٌ أَعمى أَضَلَّ دَليلَهُ


فَلَم يُدرَ في الأَحسابِ أَينَ يُقادُ


تَحَيَّرَ في الأَحياءِ ذُلّاً مَتى يَرُم


سَبيلَ العُلى يُضرَب عَلَيهِ سِدادُ


لَهُ عَن بُيوتِ الأَكرَمينَ دَوافِعٌ


وَعَن هَضَباتِ الماجِدينَ ذِيادُ


قِبابٌ يُطاطي اللُؤمُ مِنها كَأَنَّها


وَلَو رُفِعَت فَوقَ الجِبالِ وِهادُ


وَأَيدٍ جُفوفٍ لا تَلينُ وَإِنَّها


وَلو مَطَرَت فيها الغُيومُ جَمادُ


لَهُنَّ عَلى طَردِ الضُيوفِ تَعاقُدٌ


هِراشُ كِلابٍ بَينَهُنَّ عِقادُ


تُصانُ النُصولُ النابِياتُ وَعِندَهُم


نُصولٌ مَواضٍ ما لَهُنَّ غِمادُ


أَما كانَ فيكُم مُجمِلٌ أَو مُجامِلٌ


إِذا لَم يَكُن فيكُم أَغَرُّ جَوادُ


فَلا مَرحَباً بِالبَيتِ لا فيهِ مَفزَعٌ


لِلاجٍ وَلا لِلمُستَجِنُّ عِمادُ


فَلا تَرهِبوني بِالرِماحِ سَفاهَةً


فَعيدانُ أَوطاني قَناً وَصِعادُ


وَلا توعِدوني بِالصَوارِمِ ضِلَّةً


فَبَيني وَبَينَ المَشرَفيِّ وِلادُ


سَأَمضَغُ بِالأَقوالِ أَعراضَ قَومِكُم


وَلِلقَولِ أَنيابٌ لَدَيَّ حِدادُ


تَرى لِلقَوافي وَالسَماءُ جَلِيَّةٌ


عَليكُم بُروقٌ جَمَّةٌ وَرِعادُ


فَحَمداً لِآلِ الفَوثِ إِنَّ أَكُفَّهُم


سِباطُ الحَواشي وَاللِمامُ جِعادُ


إِذا وَقَفوا في المَجدِ خافوا نَقَيضَهُ


فَتَمّوا عَلى عُنفِ السِياقِ وَزادوا


أَقاموا بِأَقطارِ العُلى وَتَناقَلوا


عَليها وَأَبدوا في العُلى وَأَعادوا


إِلى حَسَبٍ مِنهُ عَلى البَدرِ عِمَّةٌ


وَفي عاتِقِ الجَوزاءِ مِنهُ نِجادُ


بِمَن تَنزِلُ الحاجاتُ ياأُمَّ مالِكٍ


وَأَينَ رِجالٌ تُعتَفى وَبِلادُ


حَبَستُ مَقالي مَحبَسَ البُدنِ أَبتَغي


بِهِ عِوَضاً جَمّاً وَلَيسَ يُرادُ


أَرى زُهدَ مُستامٍ وَأَرجو زِيادَةً


ضَلالاً أَبَينَ الزاهِدينَ أُزادُ


فَلا اِخضَرَّ وادٍ أَنتُمُ مِن حِلالِهِ


وَلا جيدَ ما جادَ البِلادَ عِهادُ


وَلا رُفِعَت نارٌ لَكُم مِسيَ لَيلَةٍ


وَلا راجَ مالٌ طارِفٌ وَتِلادُ


فَما لِلنَدى فيكُم نَصيبٌ وَسَهمُهُ


وَلا لِلأَماني مَسرَحٌ وَمُرادُ


أَلا إِنَّ مَرعى الطالِبينَ هَشائِمٌ


لَديكُم وَوِردَ الآمِلينَ ثِمادُ


لَكُم عِقدَةٌ قَبلَ النَوالِ مَريرَةٌ


وَداهِيَةٌ بَعدَ النَوالِ نَآدُ


زَرَعتُم وَلَكِن حالَ مِن دونِ زَرعِكُم


جُنودُ أَذىً مِنها دَبىً وَجَرادُ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الشريف الرضي، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات