هل حبل رملة قبل البين مبتور

ديوان كعب بن زهير

هَل حَبلُ رَملَةَ قَبلَ البَينِ مَبتورُ

أَم أَنَتَ بِالحِلمِ بَعدَ الجَهلَِ معذورُ

ما يَجمَعُ الشَوقُ إِن دارٌ بِنا شَحَطَت

وَمِثلُها في تَداني الدارِ مَهجورُ

نَشفى بِها وَهيَ داءٌ لَو تُصاقِبُنا

كما اِشتَفى بِعِيادِ الخَمرِ مَخمورُ

ما رَوضَةٌ مِن رِياضِ الحَزنِ باكَرَها

بِالنَبتِ مُختلِفِ الأَلوانِ مَمطورُ

يَوماً بِأَطيَبَ مِنها نَشرَ رائِحَةٍ

بَعدَ المَنام إِذا حُبَّ المَعاطيرُ

ما أَنسَ لا أَنسَها وَالدَمعُ مُنسَرِبٌ

كَأَنَّهُ لُؤلُؤٌ في الخَدِّ مَحدورُ

لَمّا رَأَيتُهُم زُمَّت جِمالُهُمُ

صَدَّقتُ ما زَعَموا وَالبَينُ مَحذورُ

يَحدو بِهِنَّ أَخو قاذورَةٍ حَذِرٌ

كَأَنَّهُ بِجَميعِ الناسِ مَوتورُ

كَأَنَّ أَظعانَهُم تُحدى مُقَفِّيَةً

نَخلٌ بِعَينَينِ مُلتَفٌّ مَواقيرُ

غُلبُ الرِقابِ سَقاها جَدوَلٌ سَرِبٌ

أَو مَشعَبٌ مِن أَتِيِّ البَحرِ مَفجورُ

هَل تُبَلِغَنّي عَلَيَّ الخَيرَ ذِعلِبَةٌ

حَرفٌ تَزَلَّلَ عَن أَصَلابِها الكورُ

مِن خَلفِها قُلُصٌ تَجري أَزِمَّتُها

قَد مَسَّهُنَّ مَعَ الإِدلاج تَهجيرُ

يَخبِطنَ بِالقَومِ أَنضاءَ السَريحِ وَقَد

لاذَت مِنَ الشَمسِ بِالظِلِّ اليَعافيرُ

حَتّى إِذا اِنتَصَبَ الحَرباءُ وَاِنتَقَلَت

وَحانَ إذ هَجَّروا بِالدُوِ تَغويرُ

قَالوا تَنَحَّوا فَمَسّوا الأَرضَ فَاِحتَوَلوا

ظِلّاً بِمُنخَرِقٍ تَهفو بِهِ المَورُ

ظَلّوا كَأَنَّ عَلَيهِم طائِراً عَلِقاً

يَهفو إِذا إِنسَفَرَت عَنهُ الأَعاصيرُ

لِوِجهَةِ الريحِ مِنهُ جانِبٌ سَلِبٌ

وَجانِبٌ بِأَكُفِّ القَومِ مَضبورُ

حَتّى إِذا أَبَرَدوا قاموا إِلى قُلُصٍ

كَأَنَّهُنَّ قِسِيُّ الشَوحَطِ الزورُ

عَواسِلٌ كَرَعيلِ الرَبدِ أَفزَعَها

بِالسَيِّ مِن قانِصٍ شَلٌّ وَتَنفيرُ

حَتّى سَقى اللَيلَ سَقيَ الجِنِّ فَاِنغَمَسَت

في جَوزِهِ إِذ دَجا الآكامُ وَالقورُ

غَطّى النَشازَ مَعَ الآكامِ فَاِشتَبَها

كِلاهُما في سَوادِ اللَيلِ مَغمورُ

إِنَّ عَلِيّاً لَمَيمونٌ نَقيبَتُهُ

بِالصالِحاتِ مِنَ الأَفعالِ مَشهورُ

صِهرُ النَبِيِّ وَخيرُ الناسِ مُفتَخَراً

فَكُلُّ مَن رامَهُ بِالفَخرِ مَفخورُ

صَلّى الطَهورُ مَعَ الأُمِيِّ أَوَّلَهُم

قَبلَ المَعادَ وَرَبُّ الناسِ مَكفورُ

مُقاوِمٌ لِطُغاةِ الشِركِ يَضرِبُهُم

حَتّى اِستَقاموا وَدينُ اللَهِ مَنصورُ

بِالعَدلِ قُمتَ أَميناً حينَ خالَفَهُ

أَهلُ الهوَى وَذَووُ الأهواءِ وَالزورِ

يا خَيرَ مَن حَمَلت نَعلاً لَهُ قَدَمٌ

بَعدَ النَبِيِّ لَديهِ البَغيُ مَهجورُ

أَعطاكَ رَبُّكَ فَضلاً لا زَوالَ لَهُ

مِن أَينَ أَنّى لَهُ الأَيامَ تَغييرُ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في الشعراء المخضرمون، ديوان كعب بن زهير، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات