هل تعرف المنزل بالوحيد

ديوان ذو الرمة

هَل تَعرِفُ المَنزِلَ بِالوَحيدِ

قَفراً مَحاهُ أَبَدُ الأَبيدِ

وَالدَهرُ يُبلي جِدَّةَ الجَديدِ

لَم يُبقِ غَيرَ مُثَّل رُكودِ

عَلى ثَلاثٍ باقِياتٍ سودِ

وَغَيرَ باقي مَلعَبِ الوَليدِ

وَغَيرَ مَرضوخِ القَفا مَوتودِ

أَشعَثَ باقي رُمَّةِ التَقليدِ

نَعَم فَأَنتَ اليَومَ كَالعَمودِ

مِنَ الهَوى أَو شَبَهُ المَورودِ

يا مَيُّ ذاتَ المَبسِمِ المَبرودِ

بَعدَ الرُقادِ وَالحَشا المَخضودِ

وَالمُقلَتَينِ وَبَياضِ الجيدِ

وَالكَشحِ مِن أُدمانَةٍ عَنودِ

عَنِ الظِباءِ مُتبِعٍ فَرودِ

أَهَلكتِنا بِاللَومِ وَالتَفنيدِ

رَأَت شُجوني وَرَأَت تَخديدي

مِن مُجحِفاتِ زَمَنٍ مِرّيدِ

نَقَّحنَ جِسمي عَن نُضارِ العودِ

بَعد اِهتِزازِ الغُصُنِ الأُملودِ

لا بَل قَطَعتُ الوَصلَ بِالصُدودِ

قَد عَجِبَت أُختُ بَني لَبيدِ

وَهَرَبَت مِنّي وَمِن مَسعودِ

رَأَت غُلامَي سَفَر بَعيدِ

يَدَّرِعانِ اللَيلَ ذا السُدودِ

مِثلَ اِدِّراعِ اليَلمَقِ الجَديدِ

أَمّاً بِكُلِّ كَوكَبٍ حَريدِ

في كُلِّ سَهبٍ خَاشِعِ الحُيودِ

تُضحي بِهِ الرَوعاءُ كَالبَليدِ

وَفِتَية غيدٍ مِنَ التَسهيدِ

جابوا إِلَيكِ البُعدَ مِن بَعيدِ

يُخاطِرونَ اللَيلَ ذا الكُؤودِ

عِراضَ كُلِّ وَغرَةٍ صَيخودِ

وَدَلَج مُخرَوِّطِ العَمودِ

سَيراً يُراخي مُنَّةَ الجَليدِ

ذا قُحَمٍ وَلَيسَ بِالتَهويدِ

حَتّى اِستَحَلَّوا قِسمَةَ السُجودِ

وَالمَسحَ بِالأَيدي مِنَ الصَعيدِ

نَبَّهتُهُم مِن مَهجَعٍ مَردودِ

عَلى دُفوفٍ يَعمَلاتٍ قودِ

وَالنَجمُ بَينَ القِمِّ وَالتَعريدِ

تُحَلِّقُ الجَوزاءُ في صُعودِ

إِذا سُهَيلٌ لاحَ كَالوُقودِ

فَردٌ كَشاةِ البَقَرِ المَطرودِ

وَلاحتِ الجَوزاءُ كَالعُقودِ

عارَضنَهُ مِن عَنَن بَعيدِ

كَأنَّها مِن نَطَر مَمدودِ

بِالأُفقِ مَنظومانِ مِن فَريدِ

وَمَنهَل مِنَ القَطا مَورودِ

أَجنِ الصَرى ذي عَرمَض لَبودِ

تَكسوهُ كُلُّ هَيفَة رَؤودِ

مِن عَطَن قَد هَمَّ بِالبُيودِ

طُلاوَة مِن جائِل مَطرودِ

طاف كَحَمِّ المِرجَلِ الرَكودِ

وَرَدتُ بَينَ الهَبِّ وَالهُجودِ

بِأَركُبٍ مِثلِ النَشاوى الغيدِ

وَقُلُص مُقوَرَّةِ الجُلودِ

عوج طَواها طَيَّةُ البُرودِ

تُنحي بِأَلحِيَها رُؤوسَ البيدِ

يُصبِحنَ بَعدَ الطَلقِ بِالتَحريدِ

وَبَعدَ شَدَّ القَرَبِ المَمسودِ

يَخرُجنَ مِن ذي ظُلَمٍ مَنضودِ

شَوائِيا لِلسائِقِ الغِرّيدِ

إِذا حَداهُنَّ بِهيد هيدِ

صَفَحنَ لِلأَزرارِ بِالخُدودِ

يَتبَعنَ مِثلَ الصَخرَةِ الصَيخودِ

تَرمي السُرى بِعُنُقٍ أُملودِ

وَهامَة مَلمومَةِ الجُلمودِ

وَكاهِلٍ تَمَّ إِلى تَصعيدِ

كَأَنَّما غِبَّ السُرى قُتُودي

عَلى سَراةِ مِسحَل مَزؤودِ

ذي جُدَّتَينِ آبِدِ الشَرودِ

يَبري لِقَبّاءِ الحَشا قَيدودِ

تَقولُ بِنتي إِذ رَأَت وَعيدي

هَمَّ اِمرِئٍ لِهَمِّهِ كَيودِ

ذي بَدَوات مُتلِفٍ مُفيدِ

أَمضى عَلى الهَولِ مِنَ الطَريدِ

سآء لِذي الأَجِنَّةِ الحَسودِ

إِنَّكَ سامٍ سَموَةَّ قَمودِ

فَقُلتُ لا وَالمُبدِئ المُعيدِ

اللَهُ أَهلِ الحَمدِ وَالتَحميدِ

ما دونَ وَقتِ الأَجَلِ المَعدودِ

مَوعودِ رَبِّ صادِقِ الوعودِ

هَل أَغدوَن في عيشَةٍ رَغيدِ

وَاللَهُ أَدنى لي مِنَ الوَريدِ

وَالمَوتُ يَلقى أنفُسَ الشُهودِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ذو الرمة، شعراء العصر الأموي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

بديع الزمان الهمذاني – المقامة الدينارية

حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ هِشامٍ قَالَ: اتَّفَقَ لي نَذْرٌ نَذَرْتُهُ في دِينَارٍ أَتَصَدَّقُ بِهِ عَلى أَشْحَذِ رَجُلٍ بِبَغْدَادَ، وَسَأَلْتُ عَنْهُ، فَدُلِلْتُ عَلى أَبِي الفَتْحَ الإِسْكَنْدَرِيِّ، فَمضَيْتُ…

تعليقات