هلموا إذا ما خفتهم الفقر فاصعدوا

ديوان الطغرائي

هلموا إذا ما خفتهم الفقر فاصعدوا

إلى جبل من فوقكم ينبت الغنى

خذوه فردّوه إلى أصله الذي

تفرّع منه نبته وتكوّنا

هباءًا لطيفاً لا رسوب لثقله

وماء حياة عالي القدر مثمنا

وصونوهما من كل شيء وأحكموا

له من زجاج ناصع اللون معدنا

منيع النواحي محكم الرأس حابس

لما فيه من ريح الهواء تحصّنا

ولا تضجروا بالسحق فهو ملاكه

به يظهر السر الذي كان مبطنا

فإن لانت الأرض الكريمة أخرجت

لكم زهراً يرضي القلوب تلوّنا

هي الأرض حبلى بالأجنّة برهة

وبالنار تغدو الطفل والماء أزمنا

ولا تدعوا البذور الذي قد طرحتمُ

يجفّ فتخطوا من ثماركم الجنى

ولا تهملوا نار الحضان فإنها

تقلّب ما شئتم ظهورا وابطنا

وربّوه دهراَ لا تملّوا رضاعه

لتستحكم الأوصال منه وتمتنا

فذلك عقد الإنفصال لشده

تداخل في أجزائه وتمكنا

فإن أنتم كررتم عقد حلّه

مراراً تباعاً كان اغلى واثمنا

فإن رمتم الحُملان منه فقطّروا

على القشر محمراً من الدم مثخنا

فضحت لكم سري وأظهرت حكمتي

وبحت بسر الله في الخلق معلنا

فغن تجهلوه فاستعينوا بفكرة

تغادر ما استعصى من الأمر هينا

فبالفكر نلنا علم ما غاب بعدما

جعلناه دأباً لا يملّ وديدنا

ولا تدعوا كتمانه إن علمتمُ

وكونوا لسر الله في الأرض مخزنا

حباني بهذا العلم ربي معلماً

وأوضح لي ما ألبسوه مبيّنا

ولا تبطروا إن نلتمُ ما ذكرته

وروموا به العتى وحوزوا به المنى

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الطغرائي، شعراء العصر المملوكي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات