هجرت وطيف خيالها لم يهجر

ديوان البحتري

هَجَرَت وَطَيفُ خَيالِها لَم يَهجُرِ

وَنَأَت بِحاجَةِ مُغرَمٍ لَم يُقصِرِ

وَدَعَت هَواكَ بِمَوعِدٍ مُتَيَسِّرِ

يَومَ اللِقاءِ وَنائِلٍ مُتَعَذِّرِ

مُستَهتِرٍ بِالظاعِنينَ وَفيهِم

صَدٌّ يُضَرِّمُ لَوعَةَ المُستَهتِرِ

تَسَلُ المَنازِلَ عَنهُمُ وَعَلى اللِوى

دِمَنٌ دَوارِسُ إِن تَسَل لا تُخبِرِ

وَمِنَ السَفاهَةِ أَن تَظَلَّ مُكَفكِفاً

دَمعاً عَلى طَلَلٍ تَأَبَّدِ مُقفِرِ

زادَت بَني يَزدادَ في عَليائِهِم

شِيَمٌ كَرُمنَ وَأَنعُمٌ لَم تُكفَرِ

أَقمارُ مَروِ الشاهِجانِ إِذا دَجا

خَطبٌ وَأَنجُمُ لَيلِها المُستَحسِرِ

أَحلامُهُم قُلَلُ الجِبالِ رَسا بِها

وَزنٌ وَأَيديهِم غِمارُ الأَبحُرِ

فَسَقَت عُبَيدَ اللَهِ وَالبَلَدَ الَّذي

يَحتَلُّهُ دِيَمُ الغَمامِ المُغزِرِ

أَمَلٌ يُطيفُ الراغِبونَ بِظِلِّهِ

وَمَعاذُ خائِفَةِ القُلوبِ النُفَّرِ

عَضبُ العَزيمَةِ لايَزالُ مُعَرِّفاً

مَعروفَ عائِدَةٍ وَمُنكَرَ مُنكَرِ

مُتَواضِعٌ وَأَقَلُّ ما يَعتَدُّهُ

في المَجدِ يوجِبُ نَخوَةَ المُتَكَبِّرِ

إِن يَدنُ يَكفِ الغائِبينَ وَإِن يَغِب

لا يَكفِنا مِنهُ دُنوُّ الحُضَّرِ

لِلَّهِ ما حَدَتِ الحُداةُ وَما سَرَت

تَخدي بِهِ قُلُصُ المَهاري الضُمَّرِ

مُتَقَلقِلاتٌ بِالسَماحَةِ وَالنَدى

يَطلُبنَ خَيفَ مِنىً وَحِنوَ المَشعَرِ

حَتّى رَمَينَ إِلى الجِمارِ ضُحَيَّةً

وَالرَكبُ بَينَ مُحَلِّقٍ وَمُقَصِّرِ

وَثَنينَ نَحوَ قُصورِ يَثرِبَ آخِذاً

مِنهُنَّ سَيرُ مُغَلِّسٍ وَمُهَجِّرِ

يَجشَمنَ مِن بُعدٍ أَداءَ تَحِيَّةٍ

لِلقَبرِ ثَمَّ وَمَسحَةٍ لِلمَنبَرِ

حَجٌّ تَقَبَّلَهُ الإِلَهُ وَأَوبَةٌ

كانَت شِفاءَ جَوىً لَنا وَتَذَكُّرِ

نَفسي فِداؤُكَ إِنَّ شَوقاً مُفرِطاً

مِن مَعشَرٍ وَتَوَلُّهاً مِن مَعشَرِ

أَنا وَفدُ نازِلَةِ الشَآمِ لُعُظمِ ما

يَعنيهِمِ وَلِسانُ أَهلِ العَسكَرِ

قَد أُعطِيَت بَغدادُ مِنكَ نِهايَةَ ال

حَظِّ المُقَدَّمِ وَالنَصيبِ الأَوفَرِ

فَاِقسِم لِسامَرّاءَ قِسمَةَ مُنصِفٍ

تَجذَل قُلوبُ الأَولِياءِ وَتُسرَرِ

أَلمِم بِقَومٍ أَنتَ أَرضى عِندَهُم

وَأَجَدُّ مِن عَهدِ الرَبيعِ الأَزهَرِ

مُتَطَلِّعينَ إِلى لِقائِكَ أَصبَحوا

بَينَ المُخَبِّرِ عَنكَ وَالمُستَخبِرِ

مِن وامِقٍ مُتَشَوِّقٍ أَو آمِلٍ

مُتَشَوِّفٍ أَو راقِبٍ مُتَنَظِّرِ

سَكَنوا إِلَيكَ سُكونَهُم لَو نالَهُم

جَدبٌ إِلى صَوبِ السَحابِ المُمطِرِ

وَجِّه رِكابَكَ مُصعِداً يَصعَد بِنا

جَدٌّ يَحِلُّ بِما نَرومُ وَنَظفَرِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان البحتري، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات