هب للديار بقية الجلد

ديوان الشريف الرضي

هَب لِلدِيارِ بَقِيَّةَ الجَلَدِ


وَدَعِ الدُموعَ وَباعِثَ الكَمَدِ


وَاِذهَب بِنَفسِكَ أَن يُقالَ سَلا


وَصَفا لِداعي العَذلِ وَالفَنَدِ


أَتَصُدُّ عَن طَلَلٍ رَعَيتَ بِهِ


ما شِئتَ مِن هَيفٍ وَمِن غَيدِ


طَوَتِ اللَيالي مِن مَعارِفِهِ


ما كانَ مِن عَلَمٍ وَمِن نَضَدِ


أَمسى الهَوى فيهِ بِلا أَثَرٍ


وَجَرى البِلى فيهِ بِلا أَمَدِ


وَلَقَد عَهِدتُ رُباهُ جامِعَةً


بَينَ الظِباءِ الغيدِ وَالأُسُدِ


أَيّامَ مَن فَتَكَ الغَرامُ بِهِ


يَمشي بِلا عَقلٍ وَلا قَوَدِ


إِنَّ الأُلى بَعَثوا بَبَينِهِمُ


ما زَوَّدوا في القُربِ لِلبَعَدِ


ما ضَرَّهُم وَالبَينُ يَحفِزُهُم


لَو عَلَّلونا بِاِنتِظارِ غَدِ


وَجَدوا وَما جادوا وَمُحتَقِبٍ


لِلَّومِ مِن أَثَري وَلَم يَجِدِ


لَيتَ الَّذي عَلِقَ الرَجاءُ بِهِ


إِذ لَم يَجُد لِلصَبِّ لَم يَجُدِ


وَلَقَد رَأَيتُهُم وَحَيُّهُمُ


مُتَقَعقِعُ الأَطنابِ وَالعَمدِ


فَكَأَنَّما أَقنى بَراثِنِهِ


يَنشَبنَ بَينَ القَلبِ وَالكَبِدِ


وَغَريرَةٍ خَلفَ السُجوفِ لَها


نَسَبٌ إِلى أومانَةِ العُقدِ


خَرَجَت خُروجَ الريمِ عاطِلَةً


وَلِجيدِها حَليٌ مِنَ الجَيدِ


تُجري الأَراكَ عَلى مُفَلَّجَةٍ


يَجرينَ مِن شَهدٍ عَلى بَرَدِ


عَنّي إِلَيكَ فَلَستِ مِن أَربي


ما أَنتِ مِن غَيِّي وَمِن رَشدي


قَضَتِ اللَيالي مِنكَ مَأرَبَتي


وَنَفَضتُ مِن عَلَقِ الغَرامِ يَدي


وَحَدا النُهى وَالشَيبُ راحِلَتي


وَعَلى اِستِقاماتي عَلى الجَدَدِ


فَاليَومَ أَتَّبِعُ الزِمامَ وَهَل


يُغني إِبايَ اليَومَ أَو صَيدي


لا تَقرِ ياضَيفَ الهُمومِ قِرىً


إِلّا قِرى العَيرانَةِ الأُجُدِ


وَاِنهَض فَإِن لَم تَحظَ في بَلَدٍ


بِالرِزقِ فَاِقطَعهُ إِلى بَلَدِ


وَاِبغِ العُلى أَبداً فَكَم طَلَبٍ


قَد باتَ مِن نَيلٍ عَلى صَدَدِ


إِمّا يُقالُ سَعى فَأَحرَزَها


أَو أَن يُقالَ مَضى وَلَم يَعُدِ


قَولا لِهَذا الدَهرِ مَعتَبَةً


أَسرَفتَ بي يادَهرُ فَاِقتَصِدِ


كَم لَوعَةٍ تُهدى إِلى كَبِدي


وَعَظيمَةٍ تُلقى عَلى كَتَدي


وَعَجائِبٍ ما كُنَّ في فِكَري


وَغَرائِبٍ ما دُرنَ في خَلَدي


أَيُصاحُ بي عَن كُلِّ صافِيَةٍ


طَرداً إِلى الأَقذاءِ وَالثَمَدِ


وَأُسامُ في أَكلاءِ مَوبِئَةٍ


مُحتَشُّها دونَ السَوامِ رَدي


هَل نافِعي وَالجَدُّ في صَبَبٍ


مَرّي مَعَ الآمالِ في صُعُدِ


أَمسى عَلَيَّ مَعَ الزَمانِ أَخٌ


قَد كُنتُ آمُلُ يَومَهُ لِغَدِ


مَن كانَ أَحنى عِندَ نائِبَةٍ


مِن والِدي وَأَبَرَّ مِن وَلَدي


لَم يُثمِرِ الظَنُّ الجَميلُ بِهِ


فَقَدي مِنَ الظَنِّ الجَميلِ قَدي


لَو كانَ ما بَيني وَبَينَكُمُ


بَيني وَبَينَ الذِئبِ وَالأَسَدِ


لَأَوَيتُ مِن هَذا إِلى حَرَمٍ


وَلَجَأتُ مِن هَذا عَلى عَضُدِ


وَلَأَصبَحا في الرَوعِ مِن عَدَدي


كَرَماً وَفي اللَأواءِ مِن عُدَدي


وَلَمانَعا عَنّي إِذا جَعَلَت


نُوَبُ الزَمانِ تَهيضُ مِن جَلَدي


أَو كانَ ما قَدَّمتُ مِن مِقَةٍ


سَبَباً إِلى البَغضاءِ لَم يَزِدِ


بَل لَو قَذَفتُ بِمَدحَتي لَكُمُ


في البَحرِ ذي الأَمواجِ وَالزَبَدِ


لَرَمى إِلَيَّ أَشَفَّ جَوهَرَةٍ


وَسَقى بِأَعذَبِ مائِهِ بَلَدي


كَم مِن مَطالِبَ قَد عَقَدتُ بِها


طَمَعي فَحَلَّ مَرائِرَ العُقدِ


وَأَعادَني مِنها عَلى أَسَفٍ


وَأَباتَني فيها عَلى ضَمدِ


الفِعلُ مَهزَأةٌ لِكُلِّ فَمٍ


وَالعِرضُ مِنديلٌ لِكُلِّ يَدِ


فَليَثبُتَنَّ الآنَ إِن ثَبُتَت


قَدَمٌ عَلى جَمرٍ لِمُعتَمِدِ


وَلَيَصبِرَنَّ لِوَقعِ صاعِقَتي


وَيوَطَّنَنَّ حَشاً عَلى الزُؤُدِ


فَلتَدخُلَنَّ عَلَيهِ قُبَّتَهُ


وَلّاجَةً تَخفى عَلى الرَصَدِ


وَهَواجِمٍ يَدفَعنَ كُلَّ يَدٍ


وَنَوافِذٍ يَهزَأنَ بِالزَرَدِ


كَالبيضِ لا يُصقَلنَ عَن طَبعٍ


وَالسُمرِ لا يُغمَزنَ عَن أَوَدِ


حَتّى يَذوقَ لِحَدِّ أَنصُلِها


طَعناً وَلا طَعنَ القَنا القَصَدِ


وَمَتى يُوَقِّع فَلَّ مِقنَبِها


لَم أُخلِها أَبَداً مِنَ المَدَدِ


أَخطَأتُ في طَلَبي وَأَخطَأَ في


يَأسي وَرَدَّ يَدي بِغَيرِ يَدِ


فَلَأَجعَلَنَّ عُقوبَتي أَبَداً


أَن لا أَمُدَّ يَداً إِلى أَحَدِ


فَتَكونَ أَوَّلَ زَلَّةٍ سَبَقَت


مِنّي وَآخِرَها إِلى الأَبَدِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الشريف الرضي، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات