نغالب ثم تغلبنا الليالي

ديوان الشريف الرضي

نُغالِبُ ثُمَّ تَغلِبُنا اللَيالي


وَكَم يَبقى الرَمِيُّ عَلى النِبالِ


وَنَطمَعُ أَن يَمَلَّ مِنَ التَقاضي


غَريمٌ لَيسَ يَضجَرُ بِالمَطالِ


أَتَنظُرُ كَيفَ تَسفَعُ بِالنَواصي


لَيالينا وَتَعثُرُ بِالجِبالِ


يَحُطُّ السَيلُ ذُروَةَ كُلِّ طَودٍ


رُهوناً بِالجَنادِلِ وَالرِمالِ


هِيَ الأَيّامُ جائِرَةُ القَضايا


وَمُلحِقَةُ الأَواخِرِ بِالأَوالي


يُمَنّينَ الوُرودَ فَإِن دَنَونا


ضَرَبنَ عَلى المَوارِدِ بِالحِبالِ


نُطَنِّبُ لِلمُقامِ قِبابَ حَيٍّ


وَيَحفِزُنا المَنونُ إِلى الرِحالِ


وَنَسرَحُ آمِنينَ وَلِلمَنايا


شَباً بَينَ الأَخامِصِ وَالنِعالِ


وَبَينا المَرءُ يَلبَسُها نَعيماً


تَهَجَّرَ ضاحِياً بَعدَ الظِلالِ


نَعى الناعونَ واضِحَةَ المُحَيّا


أَلوفَ البَيتِ ذي العَمَدِ الطِوالِ


مِنَ البيضِ العَقائِلِ مِن مَعَدٍّ


بَنَينَ قِبابَهُنَّ عَلى الجَلالِ


نَعَوا ظُبَةً لِأَبيَضَ مَشرَفيٍّ


قَديمِ الطَبعِ عاديِّ الصِقالِ


لِسَيفِ الدَولَةِ العَرَبيِّ فيها


صَنيعُ القَينِ قامَ عَلى النِصالِ


إِذا ما الفَحلُ أَنجَبَ ناتِجاهُ


فَقَد ضَمِنَ النَجابَةَ لِلسِخالِ


وَما طابَت غَوادي المُزنِ إِلّا


أَطَبنَ وَقائِعَ الماءِ الزُلالِ


قَصايِرُ في بُيوتِ العِزِّ تُنمى


مَناسِبُها إِلى المَجدِ الطَوالِ


وَكُلُّ عَقيلَةٍ لِلجودِ تُمسي


عَطولَ الجيدِ حالِيَةَ الفِعالِ


كَأَنَّ خُدورَها أَصدافُ يَمٍّ


مُحَصَّنَةٌ ضُمِمنَ عَلى لَآلِ


طَهُرنَ نَباهَةً وَبَرَرنَ طَولاً


وَهُنَّ وَراءَ مَعدودِ الحِجالِ


غَلَبنَ عَلى جَمالِ الخُلقِ حَتّى


تَرَكنَ الخَلقَ مَنسيَّ الجَمالِ


لَها نَسَبُ العِتاقِ مُرَدَّداتٍ


إِلى الغاياتِ أَيّامَ النِضالِ


تُعَدُّ النوقُ مِن شَرَفٍ فُحولاً


إِذا اِنتَسَبَت إِلى العَودِ الجُلالِ


عَمائِرُ مِن رَبيعَةَ أَنزَلَتهُم


أَعالي المَجدِ أَطرافُ العَوالي


هُمُ الرَأسُ الَّذي رَفعَت مَعَدٌّ


قَديماً لا يُطَأطَأُ لِلفَوالي


فُحولُ المَجدِ جَعجَعَها المَنايا


وَأَسلَمَها الزِمامُ إِلى العِقالِ


وَلَم يَكُ عِزُّهُم إِلّا اِختِلاساً


كَصَفقٍ بِاليَمينِ عَلى الشِمالِ


كَقَومِكِ لا يُعيدُ الدَهرُ قَوماً


وَمِثلِ أَبيكِ لا تَلِدُ اللَيالي


أُريقَت في قُبورِهِمُ اللَواتي


بِبَطنِ القاعِ أَذنِبَةُ النَوالِ


لَقَد رُسَّت حَفائِرُهُم جَميعاً


عَلى هامِ المَكارِمِ وَالمَعالي


سَقى تِلكَ القُبورَ فَإِنَّ فيها


سُقاةَ العاجِزينَ عَنِ البِلالِ


بِأَيدٍ تَحبِسُ الأَورادَ عِزّاً


وَتَأمَنُ مِن مُلاطَمَةِ السِجالِ


غَمائِمُ لِلرُعودِ بِها أَزيزٌ


رُغاءُ العَودِ رازَمَتِ المَتالي


كَحَمحَمَةِ الأَداهِمِ أَقبَلوها


لَيالي الوِردِ مائِلَةَ الجِلالِ


فَسَقّى عَهدَ دارِهِمُ حَياها


وَحَيّا بِالنُعامى وَالشَمالِ


إِذا اِبتَدَرَت نِساؤُهُمُ المَساعي


فَما ظَنّي وَظَنُّكَ بِالرِجالِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الشريف الرضي، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات