نبهتهم مثل عوالي الرماح

ديوان الشريف الرضي

نَبَّهتُهُم مِثلَ عَوالي الرِماح


إِلى الوَغى قَبلَ نُمومِ الصَباح


فَوارِسٌ نالوا المُنى بِالقَنا


وَصافَحوا أَعراضَهُم بِالصِفاح


لِغارَةٍ سامِعُ أَنبائِها


يَغَصَّ فيها بِالزَلالِ القَراح


لَيسَ عَلى مُضرِمِها سُبَّةٌ


وَلا عَلى المُجلِبِ مِنها جُناح


دونَكُمُ فَاِبتَدِروا غُنمَها


دُمىً مُباحاتٍ وَمالٌ مُباح


فَإِنَّنا في أَرضِ أَعدائِنا


لا نَطَأُ العَذراءَ إِلّا سَفاح


يا نَفسُ مِن هَمِّ إِلى هِمَّةٍ


فَلَيسَ مِن عِبءِ الأَذى مُستَراح


قَد آنَ لِلقَلبِ الَّذي كَدَّهُ


طولُ مُناجاةِ المُنى أَن يُراح


لا بُدَّ أَن أَركَبَها صَعبَةً


وَقاحَةً تَحتَ غُلامٍ وَقاح


يُجهِدُها أَو يَنثَني بِالرَدى


دونَ الَّذي قُدِّرَ أَو بِالنَجاح


الراحُ وَالراحَةُ ذُلُّ الفَتى


وَالعِزُّ في شُربِ ضَريبِ اللَقاح


في حَيثُ لا حُكمٌ لِغَيرِ القَنا


وَلا مُطاعٌ غَيرَ داعي الكِفاح


ما أَطيَبَ الأَمرَ وَلَو أَنَّهُ


عَلى رَزايا نَعَمٍ في مَراح


وَأَشعَثِ المَفرِقِ ذي هِمَّةٍ


طَوَّحَهُ الهَمُّ بَعيداً فَطاح


لَمّا رَأى الصَبرَ مُضِرّاً بِهِ


راحَ وَمَن لَم يُطِقِ الذُلَّ راح


دَفعاً بِصَدرِ السَيفِ لَمّا رَأى


أَلّا يَرُدَّ الضَيمَ دَفعاً بِراح


مَتى أَرى الزَوراءَ مُرتَجَّةً


تُمطَرُ بِالبيضِ الظُبى أَو تُراح


يَصيحُ فيها المَوتُ عَن أَلسُنٍ


مِنَ العَوالي وَالمَواضي فِصاح


بِكُلِّ رَوعاءَ عُظَينِيَّةٍ


يَحتَثُّها أَروَعُ شاكي السِلاح


كَأَنَّما يَنظُرُ مِن ظِلِّها


نَعامَةً زَيّافَةً بِالجَناح


مَتى أَرى الأَرضَ وَقَد زُلزِلَت


بِعارِضٍ أَغبَرَ دامي النُواح


مَتى أَرى الناسَ وَقَد صُبِّحوا


أَوائِلَ اليَومِ بِطَعنٍ صُراح


يَلتَفِتُ الهارِبُ في عِطفِهِ


مُرَوَّعاً يَرقُبُ وَقعَ الجِراح


مَتى أَرى البيضَ وَقَد أَمطَرَت


سَيلَ دَمٍ يَغلِبُ سَيلَ البِطاح


مَتّى أَرى البَيضَةَ مَصدوعَةً


عَن كُلِّ نَشوانَ طَويلِ المِراح


مُضَمَّخِ الجيدِ نَؤومِ الضُحى


كَأَنَّهُ العَذراءُ ذاتُ الوِشاح


إِذا رَداحُ الرَوعِ عَنَّت لَهُ


فَرَّ إِلى ضَمِّ الكِعابِ الرَداح


قَومٌ رَضوا بِالعَجزِ وَاِستَبدَلوا


بِالسَيفِ يَدمى غَربُهُ كاسَ راح


تَوارَثوا المُلكَ وَلَو أَنجَبوا


لَوَرَّثوهُ عَن طِعانِ الرِماح


غَطّى رِداءُ العِزِّ عَوراتِهِم


فَاِفتُضِحوا بِالذُلِّ أَيَّ اِفتِضاح


إِنِّيَ وَالشاتِمَ عِرضي كَمَن


رَوَّعَ آسادَ الشَرى بِالنُباح


يَطلُبُ شَأوي وَهوَ مُستَيقِنٌ


أَنَّ عِناني في يَمينِ الجِماح


فَاِرمِ بِعَينَيكَ مَلِيّاً تَرى


وَقعَ غُباري في عُيونِ الطِلاح


وَاِرقَ عَلى ظَلعِكَ هَيهاتَ أَن


يُزَعزَعَ الطَودُ بِمَرِّ الرِياح


لا هَمَّ قَلبي بِرُكوبِ العُلى


يَوماً وَلا بَلَّ يَدَيَّ السَماح


إِن لَم أَنَلها بِاِشتِراطٍ كَما


شِئتُ عَلى بيضِ الظُبى وَاِقتِراح


أَفوزُ مِنها بِاللُبابِ الَّذي


يُغني الأَماني نَيلُهُ وَالصُراح


فَما الَّذي يُقعِدُني عَن مَدىً


لا هُوَ بِالنَسلِ وَلا بِاللِقاح


طُلَيحَةٌ مَدَّ بِأَضباعِهِ


وَغَرَّ قَبلي الناسَ حَتّى سَجاح


يَطمَحُ مَن لا مَجدَ يَسمو بِهِ


إِنّي إِذا أُعذَرُ عِندَ الطَماح


وَخِطَّةٍ يَضحَكُ مِنها الرَدى


عَسراءَ تَبري القَومَ بَريَ القِداح


صَبَرتُ نَفسي عِندَ أَهوالِها


وَقُلتُ مِن هَبوَتِها لا بَراح


إِمّا فَتىً نالَ العُلى فَاِشتَفى


أَو بَطَلٌ ذاقَ الرَدى فَاِستَراح

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الشريف الرضي، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات