نبتت رياحين العذار بورده

ديوان ابن معتوق الموسوي

نبتَتْ رَياحينُ العِذارِ بوردِهِ

فكسَا زمُرُّدُها عَقيقةَ خدِّهِ

وبَدا فَلاحَ لنا الهِلالُ بتاجِه

وسعى فمرّ بنا القضيبُ ببُردِهِ

واِستلَّ مرهفَ جفنِه أوَ ما ترى

بصفاءِ وجنتهِ خيالَ فرِنْدِهِ

وسرَتْ أساورُ طرَّتَيْهِ فغوّرَتْ

في الخصرِ منه وأنْجدَتْ في نَهدهِ

واِفْترّ مَبسِمُهُ فشوّفنا سَنا

برْقِ العقيقِ إلى العُذَيب ووِردِهِ

رُوحي فدا الرّشأ الّذي بِكناسِهِ

أَبداً تظلِّلُه أسنّةُ أُسْدِهِ

ظبيٌ تكسّبَتِ النِصالُ بطَرفِه

شَرَفاً إذا اِنتسبتْ لِفتكةِ جدِّهِ

حازَتْ نضارةُ خدّه روضَ الرُبا

فثنَتْ شقائِقَها أعنّةُ رندِهِ

وسطَتْ على حربِ الرِماح مَعاشِرُ الْ

أغصانِ فاِنتصرَتْ بدولةِ قدِّهِ

قِرنٌ أشدُّ لدى الوغى من لحظهِ

نَبلاً وأفتكُ صارمٍ من صدِّهِ

فالشُّهْبُ تغرُبُ في كنانةِ نَبلهِ

والفجرُ يَشرُقُ في دجُنّةِ غِمدِهِ

تهوى مهنّدَهُ النُفوسُ كأنّه

برقٌ تألّق من مَباسِم رَعدِهِ

وتودُّ أسهُمه القُلوبُ كأنّما

صيغَتْ نِصالُ نِباله من وِرْدهِ

يَسطو فيُشهِدُنا السِماكَ بسرجِه

والبدرَ مكتملاً بنثرة سردهِ

فإلى مَ يطمعُ في جِنانِ وِصالِه

خلَدٌ تخلّد في جهنّمِ بُعدِهِ

ومتى يؤمِّلُ راحةً من حُبّهِ

دَنِفٌ يكلّفُهُ مشقّةَ وَجدِهِ

ومُقَرطَقٍ كافورُ فجرِ جَبينه

ينشقُّ عنه ظلامُ عنبرِ جَعدِهِ

متمنّعٍ للفتكِ جرّد ناظراً

حُرِسَتْ قلائِدُهُ بصارِمِ هندِهِ

بادَرْتُه والغَربُ قد ألقى على

وَردِ الأصيل رمادَ مِجمَر ندِّهِ

واللّيلُ قد سحبَتْ فُضولَ خِمارِها

ليلاهُ واِنسدلَتْ ذَوائِبُ هِندِهِ

لمّا ولَجْتُ إليهِ خِدراً ضمّ في

جَنَباته صنَماً فُتِنْتُ بوردِهِ

ونظرْتُ وجهاً راقَ منظرُ وردهِ

وشهدْتُ ثغراً طاب مَوردُ شهدِهِ

نهضَ الغزالُ إليّ منه مُسلّماً

فزعاً وطوّقَني الهِلالُ بزَندِهِ

وغَدا يزُفُّ إليّ كأسَ مُدامةٍ

تهدي الحَليمَ إلى ضلالةِ رُشدِهِ

نارٌ يَزيدُ الماءُ حرَّ لَهيبِها

لمّا يُخالطُها المِزاجُ ببرْدِهِ

شمطاءُ قد رأتِ الخليلَ وخاطبتْ

موسى وكلّمتِ المسيحَ بمهدِهِ

روحٌ فلو ولجَتْ بأحشاءِ الدُجى

لتلقّبَتْ بالفجرِ طلعةَ عَبدهِ

فظلَلْتُ طوراً من خلاعةِ هَزلِه

أجني العُقودَ وتارةً من جدِّهِ

حتّى جلَتْ شفقَ الدُجى وتوقّدتْ

في أبنُسيّ الليلِ شُعلةُ زَندِهِ

يا حبّذا عيشٌ تقلّص ظِلُّه

هَيهاتَ أن سمح الزمانُ بردِّهِ

للّهِ مغنىً باليمامةِ عاطلٌ

خلعَ الغَمامُ عليه حِليةَ عِقدهِ

وسَقى الحَيا حيَّ العقيقِ وباعدَتْ

بعَروضها الأعراضُ جوهرَ قدِّهِ

وغدا المحصَّبُ حاصِبَ البَلوى ولا

خفرَتْ عِهادَ العزّ ذمّةَ عهدِهِ

رَعياً لمألَفِها القديم وجادَها

كفُّ ابنِ منصورَ الكريمِ برَفدِهِ

برَكاتُ لا برِحَ العُلا بوجودهِ

فرِحاً ولا فجِع الزّمانُ بفَقْدهِ

بحرٌ تدفّق بالنُضارِ فأغرقَ الس

سَبعَ البِحارَ بلجِّ زاخرِ مدّهِ

أسدٌ تشيّعُه النُسورُ إذا غَزا

حتّى وَثِقْنا أنّها من جُندِهِ

لو رامَ ذو القَرنين بعضَ سَدادِه

لم يَمضِ ياجوجٌ غَداً من سَدِّهِ

أو حازَ قوّتَه الكَليمُ لما دَعا

هارونَه يوماً لشدّةِ عَضْدِهِ

ملِكٌ يريك نَدى مَبارِك عمِّه

وعَفافَ والدِه وغيرةَ جدِّهِ

لولاه ما عُرِف النوالُ ولا اِهتدى

أهلُ السؤالِ إِلى معالِم نَجدهِ

قد خصّنا الرحمنُ منه بماجدٍ

ودَّ الهِلالُ حُلولَ هامةِ مجدهِ

أَفنى وأغنى بالشجاعةِ وَالندى

فمماتُنا وحياتُنا من عِندهِ

الرّزْقُ يُرجى من مَخايل سُحبِه

والموتُ يُخشى من صواعِقِ رَعدِهِ

يَجزي الّذي يُهدي المَديحَ ببرّه

كرَماً فيعطي وَسْقَهُ من مدِّهِ

بَغيُ العدوِّ عليه مصلحةٌ له

والمِسكُ تُصلحُه مَفاسِدُ ضدِّهِ

هجَمَتْ على الأمم الخُطوبُ وما نَشا

ذهبتْ كما ذهبَ الأسيرُ بقَيدِهِ

فالحتْفُ يهجُم فوقَ قائم سَيفه

والنصرُ يخدِم تحت صَعدَة بَندِهِ

قنَصَتْ ثَعالِبُه البُزاةَ وصادتِ الْ

أُسْدَ الكُماةَ قَشاعِمٌ من جُرْدِهِ

ما زال يُعطي الدُرَّ حتّى خافتِ الش

شُهبُ الدّراري من مَسائِلِ وَفدِهِ

ويسيرُ نحو المَجدِ حتّى ظنّهُ

نهرُ المَجرّةِ طامِعاً في عَدّهِ

هل من فَريسةِ مَفخرٍ إلّا وقد

نشبَتْ حُشاشَتُها بمخلَبِ ورْدِهِ

فضحَ العُقودَ نِظامُ ناظِم فَضلِه

وسَما النُضارَ نِثارُ ناثِرِ نَقدِهِ

سارا إلى مُهَجِ العِدا فتَسابَقا

في الفتكِ أسمَرُهُ وأبيَضُ جدِّهِ

قمرٌ به صُغْتُ القريضَ فزُيّنَتْ

آفاقُ نَظمي في أهلّة حَمدِهِ

حسُنَتْ به حالي فواصلَ ناظري

طيبُ الكرى وجَفَتْهُ زَورةُ سُهدِهِ

فهو الّذي بِنَداهُ أكْبَتَ حاسِدي

وأذابَ مهجتَهُ بجَذوةِ حِقدِهِ

يا أيّها الرُكنُ الّذي قد شُرِّفَتْ

كلُّ البريّة من تيمُّنِ قَصدِهِ

والماجدُ البطلُ الّذي طلبَ العُلا

فسَرى إليه فوقَ صهوةِ جَدِّهِ

المُلكُ جيدٌ أنتَ حِليةُ نَحرِه

والمجدُ جسمٌ أنت جنّةُ خُلدِهِ

هُنِّئتَ في عيدِ الصّيامِ وفِطرِه

أبداً وقابلَك الهِلالُ بسَعدِهِ

العيدُ يومٌ في الزمان وأنت للْ

إسلامِ عيدٌ لم تزَلْ من بَعدِهِ

لو تُنصِفُ الدُنيا وقَتْكَ بنفسِها

وفداكَ آدمُ في بقيّة وُلْدِهِ

لا زالتِ الأقدارُ نافذةً بما

تَنوي ومتّعَك الزمانُ بخُلدِهِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ابن معتوق، شعراء العصر العثماني، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات