من مبلغ المعتر والقانع

ديوان أسامة بن منقذ

مَن مبلغُ المعتَرِّ والقانِعِ

وابنِ السّبيلِ النّازِحِ النازعِ

أنَّ النَّدى قد مات فاستعصِموا

باليأسِ من دانٍ ومِن شاسِعِ

لا يبذُلَنْ ذو فاقَةٍ وجهَهُ

لِذي ثراءٍ باخلٍ باخِعِ

ما يظفَرُ الرّاجي نَدى كَفِّهِ

بغيرِ ذُلِّ الخاشِع الخاضِعِ

هل ينفعُ الظّامي إذا ما طَمَا

أُجاجُ بحرٍ ليسَ بالنَّاقِعِ

لله درُّ اليأسِ من ناصِحٍ

ليس بِغَرَّارٍ ولا خادِعِ

ولا سَقى الأطماعَ صوبُ الحَيا

فإنَّها مَهْلَكَةُ الطَّامِعِ

لا ترجُوَنْ خَلقاً فكلُّ الوَرى

يقبِضُ كَفَّ المانِعِ الجامِعِ

وما حوَتْ أيديهِمُ فَهو في

مثلِ لَهاةِ الأسَدِ الجائِعِ

قد سَمِعوا بالجودِ لكنَّهُ

لبُخلِهِم ما لذَّ للسِّامِعِ

وكلُّهمْ إن أنت كشَّفتَهُم

مثلُ سرابِ القِيعَةِ الّلامِعِ

فدعْهُمُ واطلُبْ من اللهِ ما

ضَنُّوا به من فضلِهِ الواسِعِ

فَما لِما يقطَعُ من واصِلٍ

ولا لِما يوصِلُ من قاطِعِ

قد قَسَّمَ الأرزاقَ بين الوَرى

في مُتعَبٍ ساعٍ وفي وادِعِ

كلّهُمُ يأتيهِ من رِزقِهِ

كفايةٌ لو كان بالقانِعِ

لكنَّهُم مِن حِرصِهم قد عَمُوا

عن الطَّريقِ المهْيَعِ الشَّارِعِ

لو أيقَنُوا أنَّ لهم رازِقاً

ليس لما يُعطيهِ مِن مانِعِ

ولا لِما يرفَعُ مِن خافِضٍ

ولا لِما يَخفِضُ مِن رافِعِ

ما طلَبوا مِن غيرِ مُعْطٍ ولا

دَعَوْا إذا اضْطُرُّوا سوى السامِعِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان أسامة بن منقذ، شعراء العصر الأيوبي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات