من لصب متيم مستهام

ديوان عبد الغفار الأخرس

من لصبِّ متَيَّمٍ مستهام

دَنِفٍ من صبابةٍ وغَرامِ

لامَه اللاّئمون في الحبِّ جهلاً

وهو في معزلٍ عن اللوَّام

لا تلوما على الهوى دَنِفَ القل

ب فما للهوى وما للملام

كيف يصحو من سكرة الوجد صبٌّ

تاه في سكره بغير ودام

وَرَمته فغادرته صريعاً

يا لقومي لواحظُ الآرام

جرَّدت أعينُ الظباء سيوفاً

ورَمَتْنا ألحاظها بسهام

لستُ أنسى منازل اللَّهو كنتْ

مشرقات بكلٍّ بدرٍ تمام

تنجلي أكؤس من الرَّاح فيها

يضحك الرَّوض من بكاء الغمام

بين آسٍ ونرجسٍ وبهارٍ

وهزارٍ وبُلبُلٍ ويمام

ومليحٍ مهفهف القدّ ساجي الطَّر

ف عذب الرّضاب لدن القوام

يمزج الرَّاح من لماه ويس

قينا حلالاً يشوبه حرام

وبروحي ذاك الغرير المفدَّى

فيه وجدي وصبوتي وهيامي

شَهِدَتْ واوُ صدغه مذْ تبدَّى

أنَّ لامَ العذار أحسن لام

لو ترَشَّفْتَ من لماه رحيقاً

لشفاني من علَّتي وسقامي

ربَّ ليلٍ أطَعْتُ فيه التَّصابي

باختلاسي مسرَّة الأَيَّام

بَرَزَتْ في الظَّلام شمس الحميَّا

فمَحَتْ بالضّياء جُنْحَ الظَّلام

فانتشقْنا نوافجَ المسك لمَّا

فضَّ عنها السُّقاة مسك الختام

من معيدٌ عليَّ أيَّام لهوٍ

أعقبَتْنا عن وصلها بانصرام

وزمان مضى عيش تقضى

ما أرى عَوْده ولو في المنام

مرَّ والدَّهر فيه طلق المحيا

كمرور الخيال في الأَحلام

لو تبلُّ الدُّموع غلَّة صبٍّ

بلَّ دمعي يوم الغميم أُوامي

يوم حانَ النَّوى فسالت دموع

لم أخَلْها إلاَّ انسجام ركام

وتلظَّت حشاشة أوقدوها

آل ميٍّ من بينهم بضرام

كلَّما نسّمت رياح صباها

قلتُ يا ريح بلِّغيها سلامي

سُقيت دارهم أحبَّة قلبي

من دموعي بمثل صَوب الغَمام

إنَّ أيَّامنا على القرب منهم

صُدِعَتْ بالفراق بعد التئام

ذمَّةٌ قد وفيت فيها لديهم

وعلى الحرِّ أن يفي بالذّمام

لو تراني من بعدهم وادّكاري

ماضيات العصور والأَعوام

أتلهَّى تعلُّلاً بالأَماني

بنثارٍ أقول أو بنظام

فإذا قلتُ في الكرام قصيداً

ذقّتُ فيها حلاوةَ الانسجام

زانَ شعري وزانَ نظمي ونثري

صدق مدحي للسَّادة الأَعلام

وإذا رمت في الرِّجال كريماً

كانَ عيد الرحمن أقصى مرامي

إنَّما أعرف المكارم منه

من كريمِ الأَخلاق نجل الكرام

قسم الفضل في الرِّجال فأضحى

حظُّه منه وافر الأَقسام

لو تغنَّى الحمام بالمدح فيه

أرقصَ البان في غناء الحمَام

طاهر لا يشوبه دنس الآ

ثام فما لاث قطُّ بالآثام

لو تأمَّلتَ في علوم حواها

قلت هاتيك منحةَ الإِلهام

أُوتي الفضل والكمال غلاماً

يا له الله سيِّداً من غلام

ناشئ مذ كانَ في طاعة الله

صلاةً موصولةً بصيام

ثابت الجأش لا يراع لأمرٍ

ثابت عند زلَّة الأَقدام

إنَّ فيه والحمْد لله ما ير

فع قدر العلوم بين الأَنام

فطنة تدرك الغوامض علماً

حُجِبَتْ عن مدارك الأَفهام

أدبٌ رائعٌ وعلمٌ غزيرٌ

أينَ منه الأزهار في الأَكمام

فإذا ما سمعت منه كلاماً

كانَ ذاك الكلام حرّ الكلام

يا شفاءَ الصُّدور من عِلَلِ

الجهلِ ويا برءها من الآلام

يا رفيع العماد يا ابن عليٍّ

يا ابن عالي الذّرا عليّ المقام

أَنْتَ غيثٌ على العُفاة هطول

أَنْتَ بحرٌ من المكارم طامي

آل بيت النبيّ لا زال فيكم

ثقتي في ولائكم واعتصامي

قد سرت منكم بنا نفحاتٌ

سريان الأَرواح في الأَجسام

قد أَعدُّوا لكلِّ أمر عظيم

واستعدُّوا للنقض والإِبرام

دامَ مجدٌ لهم وللناس مجد

ما سواهم وما له من دوام

شيَّدوها مبانياً للمعالي

ما بناها مشيّد الأَهرام

طهَّر الله ذاتكم واصطفاكم

حجَّة للإسلام في الإِسلام

عَلقَتْ فيكم المطالب منَّا

منذ كنتم وما علقتم بذام

كلُّ فرد منكم إمامٌ لعصر

ما فَقَدنا منكم به من إمام

أَرْضَعَتْه أُمُّ العُلى بلبان

قد عهدناه قبل عهد الفطام

فلئنْ سار فيكم ذكر شعري

آخذاً بالإِنجاد والإِتهام

فبكم عِصْمتي وفيكم فخاري

وبلوغ المنى ونيل الحطام

إنْ كتمت الثناء حيناً عليكم

ضاق صدري به عن الاكتتام

فابق في نعمةٍ عَلَينا من الل

ه مفيضاً سوابغ الإِنعام

واهنأ يا سيِّدي بعيدٍ سعيدٍ

عائد بالسُّرور في كلّ عام

أَترجَّى الفتوح في المدح فيكم

بافتتاحي بمدحكم واختتامي

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان عبد الغفار الأخرس، شعراء العصر العثماني، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات