من لصب في هواكم مستهام

ديوان عبد الغفار الأخرس

مَنْ لصبٍّ في هواكم مُستهام

دَنِفٍ نهبَ وُلوعٍ وغَرام

فعلى خَدّي ما تسقي الحيا

وعلى جسميَ ثوب من سقام

فسقاكم غدقاً من أدمعي

مستهلّ القطر منهل الغمام

عبراتٍ لم أزَل أهرقها

أو يبلّ الدَّمع شيئاً من أوامي

زفرة رَدَّدْتها فاضْطَرمَتْ

في حشا الصبّ أشدَّ الاضطرام

هل عَلِمْتم بعدما قوَّضتمُ

أنَّ لي من بعدكم نوح الحمام

فارقت عيناي منكم أوجهاً

أسفرت عن طلعة البدر التمام

في عذاب الوجد ما أبقيْتُمُ

من فؤادي في غرام وهيام

مهجة ذاهبة فيكم وما

ذهبت يوم نواكم بسلام

عرضت واعترض الوجد لها

ورماها من رماة السرب رامِ

قل لمن سدّد نحوي سهمه

من أحَلَّ الصَّيْدَ في الشهر الحرام

طالما مرّ بنا ذكركُمُ

فتثنّى كلُّ ممشوق القوام

وبما أتْحفَ من أخباركم

ربَّما استغنيت عن كل مدام

أوَ كانت عنكم ريح الصبا

نسمت بين خزامى وثمام

أين ذاك العهد في ذاك الحمى

والوجوه الغر في تلك الخيام

إنَّ أيَّاميَ في وادي الغضا

لم تكن غير خيالٍ في منام

من مُعيرٌ ليَ منها زمناً

يرجع الشيخ إلى سنِّ الغلام

وأحبّاء كأنْ لم يأخذوا

من أبيّاتِ المعالي بخطام

فرَّقَتْ شملَهُم صَرْفُ النوى

ورَمَتْهُم بعواديها المرامي

ولقد طالت عليهم حَسْرتي

فاقصروا إن تُنْصفاني من ملام

لستُ أنسى العيش صفواً والهوى

رائقاً والكأسُ ناراً في ضرام

بين ندمان كأنْ قد أَصبحوا

من خطوب الدَّهر طرًّا في ذمام

ينثر اللؤلؤ من ألفاظهم

فترى من نثرهم حسن النظام

تفعل الرَّاح بهم ما فعلتْ

هذه الدُّنيا بأبناء الكرام

إنَّما كانت علاقات هوى

أَصْبَحَتْ بعد اتِّصالٍ بانصرام

وانقضى العهد وأيَّام الصبا

أجْفَلَتْ من بعدُ إجفال النعام

أَسَفاً للشعر لا حظَّ له

في زمان الجهل والقوم اللّئام

فلقومٍ حِلْيَةٌ يزهو بها

ولأقوامٍ سمامٌ كالسِّهام

والقوافي إنْ تصادفْ أَهلَها

انسجمتْ في مدحهم أَيَّ انسجام

قوافيَّ الَّتي أنْزلتها

من عليِّ القَدْرِ في أعلى مقام

أَبلَجٍ من هاشمٍ أَوْضَحَ من

وَضَح الصّبح بدا بادي اللّثام

إنْ يَجُدْ كانَ سحاباً ممطراً

أَو سطا كانَ عزيزاً ذا انتقام

يعلم الوارد من تيَّاره

أَيَّ بحرٍ ذا من الأَبحار طامي

يا لقومٍ أرهبوا أو أرغبوا

من كرامٍ بحسامٍ أو حطام

شمل المعروف من إحسانهم

من عرفنا من بني سامٍ وحام

فهمُ الأَشراف أَشراف الورى

وهمُ السَّادات سادات الأَنام

هم ملاذ الخلق في الدُّنيا وهم

شفعاء الخلق في يوم القيام

نشأوا في طاعة الله فمن

قائمٍ بالقسط أو حبرٍ همام

رضعوا درَّ أَفاويق العُلى

وغذوا بالفضل من بعد انفطام

وإذا ما أرهفوا بيض الظبا

أغمدوها في الوغى في كلِّ هام

بأَكُفٍّ من أيديهم هوامي

وسيوفٍ من أعاديهم دوامي

ظَلْتُ أروي خبراً عن بأسهم

عن سِنان الرّمح عن حدِّ الحسام

وإذا كانتْ سماوات العُلى

فهُمُ منها سواريها السَّوامي

يا ربيعَ الفضل فضلاً وندًى

وحياة الجود في الموت الزُّؤام

أنتَ للرائد روضٌ أنُفٌ

وزلال المنهل العذب لظامي

فإذا رمت بلالاً لصدًى

ما تعدَّاكَ إلى الماء مرامي

يا شبيه الشَّمس في رأد الضُّحى

ونظير البدر في جنح الظَّلام

لو يزدني الشُّكر إلاَّ نعمة

قرنت منكَ علينا بالدّوام

نبَّهت لي أعين الحظّ الَّتي

لم تكنْ يومئذٍ غير نيام

بسطت أيديك لي واقْتَطَفَتْ

بيد الإِحسان أزهار الكلام

قد تجهَّمْنا سحاباً لم تكنْ

منك والخيبة ترجى بالجهام

فثناء بالذي نعرفه

وامتداح بافتتاح واختتام

عادك العيد ولا زلت به

بعدما قد فُزْتَ في أجر الصِّيام

فابقَ واسلمْ للعُلى ما بقيت

سيِّدي أنتَ ودُمْ في كلِّ عام

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان عبد الغفار الأخرس، شعراء العصر العثماني، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات