من ذا الطبيب لأدوائي وأوجاعي

ديوان الشريف المرتضى

مَن ذا الطّبيبُ لأدْوائي وأوجاعي

أو الرّفيق على همّي وأزماعي

قد كنتُ جَلْداً ولكنْ رُبَّ أقضِيَةٍ

خَلَطْن جَلْداً على البلوى بمُلتاعِ

يا صاحبي يوم رام الدّهرُ منقصتِي

وراع منّي جَناناً غيرَ مرتاعِ

قم سلِّ قلبِيَ عمّا في بَلابِلِهِ

ففيه ما شئتَ من سَقْمٍ وأوجاعِ

ليس اللّسانُ وإن أوْفَتْ براعتُهُ

مترجماً عن جوىً ما بين أضلاعي

إِذا سقَى اللّهُ أجزاعاً على ظمأٍ

فلا سقَى اللّهُ هذا العامَ أجزاعي

ولا رَمَيْنَ على جَدْبٍ بأَنْدِيةٍ

ولا صَبَبْنَ على مَحْلٍ بإمراعِ

إنّي مُقيمٌ على كُرهٍ بناحيةٍ

غرثَى المسالك من طِيبٍ وإمتاعِ

في معشرٍ ما لجانٍ منهمُ أدبٌ

كهَجْمَةٍ ما لها في القاعِ من راعِ

كم حمّلونِيَ ثِقْلاً لا نهوضَ به

وكلّفونِيَ فعلاً غيرَ مُسطاعِ

بدّلْ بلادَك إِمّا كنتَ كارهها

داراً بدارٍ وأجراعاً بأجراعِ

كم ذا المقامُ على هُونٍ ومَهْضَمَةٍ

وقارصٍ من يدِ الأقوامِ لذّاعِ

وأسهُمٍ من مقالٍ ما يحصّنُ مِن

خدوشهنّ بجلدي نسجُ أدراعي

أأحملُ الضّيمَ والبيداءُ مُعْرِضَةٌ

وفي قَرا النّابِ أقتادي وأنساعي

ومِلْءُ كفّي طويلُ الباع معتدلٌ

أو مِقبَضٌ لرقيقِ الحدّ قطّاعِ

إنْ لم أثِرْهنّ عن وادي الخنا عجلاً

فلا دعاني إلى يوم الوغى داعِ

لِمَنْ خَبَأْتُ إذا لم أنجُ عن سَعَةٍ

ما في النّجائبِ من حثٍّ وإيضاعِ

إِنْ لم يُنجّك سعيٌ عن مقرّ أذىً

فَيا لَحا اللَّهُ ما يَسعى له السّاعي

قالوا قنعتَ بدون النَّصفِ قلت لهمْ

هَيهات ما باِختياري كان إقناعي

ما زال صرفُ اللّيالِي بي يطاولني

حتّى رخصتُ على عمدٍ لمبتاعِ

خيرٌ من الذّلِّ في قصرٍ نمارِقُهُ

مبثوثةٌ منزلٌ للعزّ في قاعِ

إنْ كنتَ حرّاً فلا تَدنَسْ بذي طمعٍ

ولا تَبِتْ بين آمالٍ وأطماعِ

ولا تَعُجْ بيسارٍ دونه مِنَنٌ

تَجنيه من كفّ إخضاعٍ وإضراعِ

لا أَشبعَ اللَّه مَن أُلْهُوا وما علموا

عن المعالِي بإرواءٍ وإشباعِ

غُرّوا بحبلٍ من السَّرّاء مُنْتَكِثٍ

وبارقٍ من غِنَى الأيّامِ لمّاعِ

وكلّما طمِعوا في النَّيلِ أو حذروا

تطارحوا بين ضرّارٍ ونفّاعِ

حلفتُ بالبيت طافتْ حوله زُمَرٌ

جاؤوه أنضاءَ إعجالٍ وإسراعِ

وبالمُحَصَّبِ حطّ المُحْرِمون به

والبُدْنُ ما بين إلقاءٍ وإضجاعِ

ومَن بجَمْعٍ وقد ألقى الكلالُ بهمْ

هناكَ أجسادَ طُلّاحٍ وضُلّاعِ

والقومُ في عرفاتٍ يُرسلون إلى

محو الجَرائِرِ منهم دعوةَ الدّاعي

لأُمْطِرنّ على الآفاقِ عن كَثَبٍ

من عارضٍ بدمِ الأجوافِ لمّاعِ

بكلِّ نَدْبٍ عن العَوْراءِ منقبضٍ

نزاهةً وعلى الأهوالِ طَلّاعِ

يهوي إلى الذِّكرِ ولّاجاً مخارِمَهُ

هوِيَّ نجمٍ من الخضراء مُنصاعِ

قلْ للعِدا قد مضى رفقي بهمْ زمناً

فحاذروا الآن غِبَّ الحكم إيقاعي

لم تشكروا من نسيمي ما هببتُ به

وليس بعد نسيمي غيرُ زَعزاعِ

أبَعدَ حيٍّ على الجَرْعاء كنتُ به

مَلآنَ من دافعٍ سوءاً ومنّاعِ

عُميٌ عن الفحش صُمٌّ عن مقالتهمْ

على ثواقب أبصارٍ وأسماعِ

طاروا فطالتْ بهمْ كفّي إلى وَطَرِي

ونال ما لم ينله قبله باعي

أُمنى بمن ليس من عِدِّي ولا ثَمَدي

ولا يكيل بمُدّي لا ولا صاعي

لولا اِحتقارِيَ فيه أن أُعاقبه

أطَرْتُهُ بين تيّاري ودفّاعي

حتّى متى أنتَ يا دهري تُسابقني

بعاثِرٍ وتسامينِي بدَعْدَاعِ

من كلّ عارٍ من المعروفِ منكبُهُ

هاعٍ إذا غِرْتَ في تفتيشه لاعِ

أَستودعُ اللَّهَ مَنْ شطّ الفراقُ به

عنّي ولم يقضِ تسليمي وتَوْداعي

لَولا المصيبة فيه ما اِهتدتْ أبداً

هذِي الخطوبُ لإحزاني وإجزاعي

تقول مِن بعده عينِي وقد أرِقَتْ

يا قومُ أين مضى غُمضِي وتَهجاعي

يا نفسُ إمّا مَقِيلٌ رأسَ شاهقةٍ

أو قَعْصَةٌ بالعوالِي فوق جَعْجَاعِ

خافي ملاماً بلا عذرٍ لصاحبهِ

ولا تخافي الّذي ينعى به النّاعي

فإنّما المرءٌ في الأيّامِ مُحتَبَسٌ

على الرّدى بين أطباقٍ وأنساعِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الشريف المرتضى، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات