مذ قيل فرعك بالذوائب عرشا

ديوان ابن نباتة المصري

مذ قيلَ فرعكَ بالذَّوائب عرَّشا

شرِبَ المتيم كاسَ حبِّك وانْتشى

وببعض ما فعلت بقلبي في الهوى

عيناك صارَ الليثُ صيداً للرشا

ما بتُّ ملآن الحشا من لوعةٍ

لولا الولوع بحبِّ مهضمة الحشا

هيفاء أمَّا جفنها فقد اشْتكى

سقماً وأمَّا صدغها فتشوَّشا

تفَّاح وجنتها المفدَّى مقسمٌ

بدمشق لا عدم المتيَّم مشمشا

تُدمي جفوني وجنةٌ دَميت بها

وأنا الذي بالحسنِ منك تحرشا

ولرُبَّ ليلٍ قد عطفتُ وما انْتشى

فيه قوامكِ يا سعاد وما ارْتشى

ولففت هاتيك الذَّوائب أجتلي

نعم العروس أو الأمير مشرْبشا

وأكادُ آكلُ خدّه متجوِّعاً

ممَّا شربت رضابه متعطّشا

ثمَّ انْتبهت وغابَ طيفُ محجبٍ

قطعَ الفؤادَ المستهامَ وأرَّشا

بالليل ألقى طيفهُ متأنِّساً

واليوم ألقى هجره متوحّشا

فمن العشاء إلى الصباحِ ليَ الهنا

وليَ الشقاءُ من الصباحِ إلى العشا

يا أيُّها الطيف الذي ما ضرَّ من

أهداه لما أنْ عشا لوْ أنعشا

سكني الذي مهدت من قلبِي ومن

كبدِي له بينَ الجوانح مفرشا

أروِي نسيم البان من أعطافه

فكراً وأروِي من سناه المدهشا

هبني رضيت بما ارْتضاهُ فما لمن

يلحي عليه بنفسه قد أبلشا

إنَّ العذولَ إذا رآه ولامني

أبصرتموا أعمى يحاور أطرشا

ما آنس الدُّنيا إذا أبصرته

وإذا بصرت بعذّلي ما أوحشا

حبِّي له حبُّ الثنا لعليِّه

هذا لعمر أبيك مع هذا فشا

قاضي القضاة وإنها لمكانةٌ

خطبت تقاه كما تشا وكما يشا

والمرتقي رتب العلى لا غشَّ في

نصِّ الثنا ممن مضى أو من نشا

أوفى السراة على المفاخرِ مفرداً

فانْظر إذا عدّ الجنود وجيَّشا

أهل الثنا والمجد هذا طار في

أفقٍ وذا مع نسر شهبٍ عشَّشا

من كلّ أزهر في السماحة يرتجى

كلّ الرجاء وفي الحماسة يختشى

دارتْ رحى الحرب الزبون به على

عصبٍ فحقّ رؤوسهم أن تحرشا

ووفى بفيَّاض النوال فما على

عافيهِ أن يرِدَ النمير بلا رشا

وتجانست في العلمِ دوحته التي

مُدَّت فيا لكَ مغرساً أو معرشا

شرفاً أبا الحسن الإمام بسؤددٍ

ذهل الحسود به وطاشَ وطشطشا

ومكانة في العلمِ شبَّ بقاعها

نارُ الهدى فهشا إليها من عشا

وشريعة نهنهت عنها ملحداً

ما زال يبحث لحده حتى احْتشى

وزهادة تبع ابنُ أدهم سبقها

في غرَّة أجرى بقاها الأبرشا

ومكارم تكفي السؤال وهيبة

تكفي روائع ذكرها أن تبطشا

وبلاغة أما الطروس برقشها

فلكم صفت في الواصفين مرقَّشا

واسْتشعر الماضي بها فلأجل ذا

قد كانَ فاضل دهرهِ متكمّشا

نعم الفريد دراية ورواية

يا صاحبي علمٍ وحفظٍ فتشا

أزكى الورَى قلماً يفيد مصنفاً

وأسدّ سهماً بالثلاثِ مريَّشا

بيتاً يهزُّ الغصن منه لمجتنٍ

إذ هزَّ للجاني المعاند أرقشا

في كفِّ من لا عيبَ فيه سوى ندى

فهمٍ على كلّ المحامد نبشا

مهما بدَا مدح بديع قوله

أو قاصر مدّ اليدين فحوَّشا

عربية في مجدِه قالت لمن

يلحاهُ في الأمداحِ لو ذقت الكشا

وهوىً يطالب علمه ونواله

فكأنما يعطي على الطلب الرشا

وزيادة في مشترى مجد على

قوم وكلّ جلّ عن أن يفحشا

إنَّ الذي في يوم جود لامه

مثل الذي في يوم حج أفحشا

لاقيته والحال أنكد ما أرى

فأعادني والحال أوفق ما أشا

من بعد ما غابت بنو أيوب عن

داعٍ تحارف بعدهم وتحرشفا

واخْتلَّ ذهناً فهو من إقتارهِ

لا من غناه كما يقال تكبشا

أمشي إلى القوت الزهيد وربَّما

أعلو فلا قدمِي ولا حالِي مشى

وأبيتُ أرعى النيِّرات تخالني

بالسرجِ عن ماضي الكرام مفتّشا

حتَّى مددت إليه راحة عائل

طاوٍ فعجلنا نداه وكرشا

إن أنقش الصحف الطوال بمدحه

فلقد أخذت من الدراهم أنقشا

يا كاتمَ الجدوى وتلك شهيرة

كالمسكِ إن تكتم نوافحه فشى

يا من جلبت لسوق أنعمه الثنا

سلعاً فعاش بها الرجا وتعيَّشا

خذْ من مديحِي كلُّ باسمةَ الربى

مرت على سمع الحسود فأجهشا

من نظم مصري أقام بجلق

ما كان في هذا الطراز مجيشا

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ابن نباته المصري، شعراء العصر المملوكي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات