مذ سل في العشاق سيف الناظر

ديوان عبد الغفار الأخرس

مُذْ سَلَّ في العشَّاق سيفَ الناظرِ

وسطا كما يسطو بماضٍ باتر

جرح الفؤاد بصارمٍ من لحظه

رشأ يصول بلحظ خشف فاتر

ما كنتُ أعلم أنْ أرى صرف الردى

من أعيُنٍ تحكي عيون جآذر

ويلاه من لك العيون فإنَّها

فتكت بنا فتك الهزبر الثائر

تبدو العيون النجل في حركاتها

في زيّ مسحور وسيما ساهر

قَمَر إذا نظر العذول جماله

أضحى عذولي بالصبابة عاذري

يجفو ويوصل في الهوى لمشوقه

والصدّ من شيم الغزال النافر

أمسى يعاطيني مدامة ريقه

والنجم يلحظنا بطرق ساهر

ما زلتُ ألثِمه وأرشفُ ثغره

حتَّى بلغت به مناء الخاطر

لله أيَّام الوصال فإنَّها

مرَّت ولكن في جناحي طائر

وإذا ذكرت لبانة قضَّيتها

ولعت مدامع أعيني بمحاجري

وليالياً بالأَبرقين تصرَّمت

كانَ الحبيب منادمي ومسامري

إنْ غاب من أهوى وعزّ لقاؤه

فالقلب لم يبرح بوجد حاضر

لي حسرة ممَّن أوَدُّ ولوعة

وقدت لواعج نارها بضمائري

لم يبقَ لي أملٌ أرجِّي نيله

إلاَّ نوال يمين عبد القادر

لو لم يكنْ بحر النوال لما غدا

يهب المؤمّل من ندًى وجواهر

وترى الركائب حاملات في الورى

أخبار حسن حديثه المتواتر

ذو همَّة وعزائم بين الملا

أغْنَتْهُ عن حمل الحسم الشاطر

أحيا حديث الفضل بعد مماته

وجمال ذياك الزَّمان الغابر

والتارك العافي بجنَّة فضله

ترك المعادي في لحود مقابر

ودليل شيمته صفاء جنانه

والشيء باطنه يرى من ظاهر

شِيَمٌ له نتلو بحسنِ ثنائها

كتبت محاسنها بكلِّ دفاتر

يعفو عن الجاني ويغفر ذنبه

والعفو أحسنُ ما أتى من قادر

لم ألقَ بين الناس أكرمَ ماجد

لوفوده ولضدّه من قاهر

بالرأي آصفُ ما يحاول رأيه

يقف الذكيّ لديه وقفة حائر

هيهات أن يأتي الزَّمان بمثله

نتجت به أُمُّ الزَّمان العاقر

يأتي من الدُّنيا بكلِّ بديعةٍ

ومن الفضائل في عجيب باكر

في وجهه آيات كلّ فضيلة

يلقى العفاة ترحباً ببشائر

إنَّ الحياة لوفده بيمينه

وبسيفه قتل العدوّ الفاجر

ذو همَّة وشجاعة يوم الوغى

في الحرب يسطو كالعقاب الكاسر

من عصبة جمعوا الشجاعة والندى

نالوا المعالي كابراً عن كابر

وإذا أتيت لبابه في حاجةٍ

أغناك في بذلك العطاء الوافر

بسط اليدين على الأنام تكرُّماً

ونوالها مثل السحاب الماطر

صَدَرَ المؤمّل عن موارد بحره

يروي أحاديثَ العطا عن جابر

متقمِّصٌ بالمكرمات مؤزَّرٌ

من ريّه في عزَّةٍ ومفاخر

قَسَماً ببارق مرهف في كفِّه

حين النزال وبحره المتكاثر

لم ألقَ بين الناس قطّ مماثلاً

لجنابه العالي ولا بمناظر

غوث الصريح إذا دُعي لملمَّةٍ

في كشفه الأَخطار أيّ مبادر

كم وارد نهر النضار ببابه

من فضله السَّامي ومن من صادر

يا أيُّها المولى الَّذي أفضاله

في عاتقي وثناؤه في ضامري

خذها إليك قصيدة من أخرسٍ

بثناك ينطق في لسان شاكر

هُنِّيتَ بالعيد الجديد ولم تزل

سعد الكرام ورغم أنفِ الفاجر

لا زلت مسعود الجناب مؤيَّداً

وعِداك في ذلٍّ وحالٍ بائر

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان عبد الغفار الأخرس، شعراء العصر العثماني، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات