ما للبصائر لا تخلو من السدر

ديوان أبو العلاء المعري

ما لِلبَصائِرِ لا تَخلو مِنَ السَدَرِ

وَالعَقلِ يُعصى فَيُمسي وَهوَ كَالهَدَرِ

آلَيتُ أُثني عَلى قَومٍ بِنُسكِهِمُ

وَقَد تَكَشَّفَ سَهلُ الأَرضِ عَن غَدَرِ

إِن قُلتُ صُفّوا بِإِلغازٍ فَمُعتَمَدي

صُفّوا مِنَ الصَفِّ لا صُفّوا مِنَ الكَدَرِ

مَن كانَ في الدَهرِ ذا جَدٍّ أَفادَ بِهِ

ما شاءَ حَتّى اِشتَراءَ البَدرِ بِالبِدَرِ

وَقِس بِما كانَ أَمراً لَم يَكُن تَرَه

فَالرِجلُ تَعرِفُ بَعضَ المَوتِ بِالخَدَرِ

عَلى خَبيئِكَ أَستارٌ مُضاعَفَةٌ

بِالعَقلِ وَالصَمتِ وَالأَبوابِ وَالجُدُرِ

لِكُلِّ وَقتٍ شُؤونٌ تَستَعِدُّ لَهُ

وَالهَمُّ في الوِردِ غَيرُ الهَمِّ في الصَدَرِ

ما قُلتُ أُسرِيَ في لَيلٍ عَلى عَمَلٍ

أَدارَهُ اللَهُ وَالأَفلاكُ لَم تَدُرِ

أَضَرُّ مِن جُدَرِيٍّ شانَ حامِلَهُ

بِحَملِهِ جَدِرِيٌّ جاءَ مِن جَدَرِ

وَالمَرءُ يُنكِرُ مالَم تَجرِ عادَتُهُ

بِمِثلِهِ ثُمَّ يَبغي الحوتَ في الغُدُرِ

طَأ بِالحَوافِرِ قَتَلى في مَصارِعِها

فَالجِسمُ بَعدَ فِراقِ الروحِ كَالمَدَرِ

وَالنَفسُ تَطلُبُ أَغراضاً وَلَو عَلِمَت

بِالغَيبِ سيئَت بِمَخبوءٍ مِنَ القَدَرِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان أبو العلاء المعري، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات