ما أومض البرق بين الطلع والبان

ما أومض البرق بين الطلع والبان - عالم الأدب

ما أَومَضَ البَرقُ بَينَ الطَلعِ وَالبانِ

إِلّا وَنابَ الغَوادي دَمعي القاني

وَلا شَدَّت ساجِعاتُ الوُرقِ في وَرَقِ ال

أَغصانِ إِلّا شَجَّتني فَوقَ أَشجاني

وَذَكَّرَتني بِنُعمانِ الأَراكِ هَوى

شَبيبَةٍ سَلَفَت في ظِلِّ نُعمانِ

أَيّامَ أَركُضُ أَفارسَ المَسَرَّةٍ في

رَوضِ الأَماني وَرَوضُ اللَهوِ مَيداني

وَساكَنو الغَورَ مِن وادي الغَضا سَكَني

وَجيزَةُ العَلَمِ النَجدِيِّ جيراني

وَالدَهرُ قَد رَقَدَت عَنّا نَوائِبُهُ

وَنَبَّهَت لِلتَصابي كُلَّ وَسِنانِ

أَغَنَّ تُغني عَنِ الصَهباءِ ريقَتُهُ

وَزَهرُ خَدَّيهِ عَن أَزهارِ بُستانِ

يُديرُ من طَرفِهِ سِحراً مِن يَدِهِ

خَمراً فَسَكَرُ النَدامى مِنهُ سَكرانِ

أَطَعتُ في حُبِّهِ أَمرَ الهَوى وَعَصا

قَلبي عَلَيهِ نَهى مَن عَنهُ يَنهاني

بَدرٌ لِشَمسِ الضُحى مِن تَحتِ طِرَّتِهِ

لَيلٌ بَدا في الدَياجي مُشرِقاً ثاني

لَم أُلفَ غَيرَ حَليفٍ لِلغَرامِ بِهِ

وَلَم أَبِت مِن هَواهُ غَيرَ سَكرانِ

ما زالَ في غَفَلاتِ اللَيلِ يُتحِفُني

بِلُطفِهِ نازِحاً مَعَ وَصلِهِ الداني

حَتّى اِفتَرَقنا فيا لِلَّهِ ما سَفَحَت

بِجَفوَةِ البَينِ يَومَ السَفحِ أَجفاني

فَأَيُّ نارٍ بِها أَذكى الهَوى كَبِدي

وَأَيُّ سُقمٍ لِحيني قَد تَواخاني

وَهَبتُهُ ساعَةَ التَوديعِ ما مَلَكَت

بِالوَهمِ نَفسِيَ مِن صَبرٍ وَسُلوانِ

فَاِستَخلَفَ السَقمَ في جِسمي وَغادَرَني

بِغَدرِهِ مِن دُموعي بَينَ غُدرانِ

فَبَلَّ وابِلُ دَمعي ما عَدا كَبِدي

وَمَزَّقَ السُقمُ إِلّا ثَوبَ أَحزاني

وَسارَ وَالحَيُّ يَتلوهُ عَلى مَهَلٍ

وَأَقفَرَ الرَبعُ إِلّا مِن جَوٍ عانِ

وَقَفتُ بِالمَعهَدِ الباقي أُناشِدُهُ

عَنهُم وَأَندُبُ فيهِ عَهدَنا الفاني

وَأَشتَكيهِ صَباباتٍ لَبُعدِهِم

وَشَأنُ أَطلالِهِ مَن بُعدِهِم شاني

وَلَم أَزَل بِوِشاحِ السُقمِ مُتَّشِحاً

أَغشى فُنونَ الأَسى طَوراً وَتَغَشّاني

حَتّى اِنتَهَيتُ بِأَصحابي إِلى حَرَمٍ

حُماتُهُ سادَةٌ مِن آلِ حَمدانِ

قَومٌ أَقاموا حُدودَ اللَهِ وَاِعتَصَموا

بِحَبلِهِ مِن طُغاةِ الإِنسِ وَالجانِ

وَاِستَأنَسوا بِالدُجى النارَ الَّتي ظَهَرَت

بِطَورِ سيناءَ مِن أَجبالِ فارانِ

لَم يُنسِهِم عَهدَها تَبديلُ مَعهَدِها

كَلّا وَلَم يَثنِهِم عَن حُبِّها ثانِ

وَفّوا لِعُلُوَةِ الميثاقِ وَاِتَّحَدوا

عَلى الحِفاظِ وَجافوا كُلَّ خَوّانِ

هُمُ الجِبالِ الرَواسي في عُلُوِّهِم

وَأَنجُمُ اللَيلِ تَهدي كُلَّ حَيرانِ

سَمّوا فَلَوا تَرَهُم عَينُ الجَهولِ بِهِم

إِلّا كَما نَظَرَت مِن شَخصِ كيوانِ

هُم عِياذي إِذا ما مَسَنّي وَصَبٌ

وَذِكرُهُم في صَلاةِ اللَيلِ قُرآني

وَقَصدُ بابِهِمُ حَجّي وَقُربُهُم

مَنّي أَراهُ إِلى الرَحمَنِ قُرباني

صَلّى الإِلَهُ عَلى أَرواحِهِم وَكَسا

أَشباحَهُم حُلَلاً مِن رَوضِ رَضوانِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان المكزون السنجاري، شعراء العصر الأيوبي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات