مابعد لقياك للعافين من أملِ

ديوان ابن الساعاتي

مابعد لقياك للعافين من أملِ

ملك الملوكِ وهذي دولةُ الدولِ

من حاتمٌ كفَّاك واهبةٌ

حتى غدا مثلاً ناهيك من مثلِ

وما المنونَ من الأنعام تنحرها

لمن يضيف وما عشرٌ من الإبلِ

من يُطلق الألفَ في طلقٍ

كم بين طلِّ الندى والوابل الهطل

ذرِ الصوارمَ في أغمادها فلقد

جلوتها من دماء الهام في خللِ

والقِ الرماح فقد حاضت حواملها

ففي مضائكَ ما يُغني عن الأسلِ

لولا مساعي صلاح الدين ما صلحتْ

شمّ الممالك بعد الزيغ والميل

ولا اغتدت السنُ العلياءِ مفصحةً

من بعد ما كنَّ رهن العي والخطلِ

ملكٌ يرى السنَ السمر اللدان غدتْ

في الجودِ مشتقة من السُن العذلِ

من جوده وسطاه في ندىً ووغى

تغايرا بين بسط الرزق والأجل

يهزهُ المدحُ هزَّ الجودِِ سائلَهُ

أولاً وحاشاه هزَّ الشارب الثمِلِ

يممتهُ فبلغت السؤل عن أممٍ

ونلتُ ما لم يكن لي قطّ في أملي

وقام دونيَ مما كنت أحذرهُ

وقعُ الصوارم والعسالةِ الذُّبلِ

ما تلُّ خالدٍ المعتزُّ جانبهُ

لديكَ إلا ذليلٌ عاجزُ الحيل

دنتْ ودانت لأمر السيف خاضعةً

يلوح في وجنتيها صبغةُ الخجل

علت فعلت ومن تيهٍ عتتْ فعنت

لحاكم التلفينِ الخوفِ والوجل

ما خفتَ مذ كنتَ غيرَ اللهِ من أحدٍ

لذاك خافكَ حتى النومُ في المقل

فلو توخّيتَ هدم السدِّ معتزماً

لذلَّ خوفاً وطوعاً أن تقول زل

فانهضْ إلى حلبٍ في كل سابقةٍ

سروجها قللٌ تغني عن القلل

يسرْ حواليك أسدٌ غابها أسلٌ

من ذا يطيق لقاءَ الأسد في الأسل

قومٌ إذا كلموا في حال معركةٍ

فكلمهم خالُ خدّ الفارس البطل

وألم بها فبها من أهلها لممٌ

وأنت خوذةُ أهلِ السهل والجبل

هي العقيلة حسناً والزمان بها

متيَّمٌ كلفُ الإحشاءِ غيرَ خلي

رشيقةُ القدِّ لا تسمو إليه يدٌ

أسيلةُ الخدِّ لا تدنو من القبل

كم مقلةٍ سهرتْ وجداً بمقلتها

لم تكتحلْ بكرىً شوقاً إلى الكحل

بكرُ المعاقل فاخطبها مكابرةً

بكلِّ ألمى أصمِّ الكعب معتدل

فما سواك لها بعلٌ وقد عطلتْ

فحلِّها بتلافيها من العطل

شمسٌ فأسبغْ عليها الجوَّ من طفلٍ

بيضا اطلع بها قطعا من الأصل

بكلّ لدنٍ سديدٍ لا بهِ

وكلُّ عضبٍ صقيلٍ غير ذي فلل

وكلُّ أشعث وضاحِ الفعال إذا

لاقى الأسنَّة لا يؤتى من الفشل

ما فتحها غير إقليد الممالك والد

داعي إليك جميع الخلق والملل

وما عصتْ منعةً لكنّهُ غضبٌ

علامَ أهملتها إهمال مبتذل

غارت وحقّك من جاراتها فشكت

ما باله بافتضاضي غير محتفل

وليس يجمع أشتات العلى رجلٌ

من ليس يجمعُ بين القول والعمل

فليعلم القدسُ أن الفتح منتظرٌ

حاولهُ وعلى الآفاق فليطل

وافاك يوسفُ يا بيتَ الخليل فلا

تيأسْ فانك فيه صادقُ الأمل

وما السواحلُ إلَّا كالفرات إذا

وافى فإن لم تحط علماً بهِ فسل

فلا تضعهُ فما الدين الحنيف على

خلقٍ سواك من الدنيا بمتّكل

وأنعمْ بكاملةِ الأوصاف سابغةِ الـ

ـأعطاف تختال بين الحلي والحلل

أغنى مديحك عن ذكر النسيب فما

وقفتُ فيها على ربعٍ ولا طلل

وبتُّ أحمد عيسى إذا بلغنك بي

فما ذممتُ مسير العيس والإبل

وشمت وجهك في سحب الخيام فما

شمت الوجوه اللواتي سرنَ في الكلل

وسحَّ نقسي بتسطير الثناء فلم

تسفح دموعي بين العذر والعذل

حوت صفاتك لم تحتج إلى غزلٍ

وفي صفاتك ما يغني عن الغزل

كذلك من حاول العلياء منزلةً

فليأتِ أبوابها من أوضح السبل

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ابن الساعاتي، شعراء العصر الأيوبي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات