لوت بالسلام بنانا خضيبا

ديوان البحتري

لَوَت بِالسَلامِ بَناناً خَضيبا

وَلَحظاً يَشوقُ الفُؤادَ الطَروبا

وَزارَت عَلى عَجَلٍ فَاِكتَسى

لِزَورَتِها أَبرَقُ الحَزنِ طيبا

فَكانَ العَبيرُ بِها واشِياً

وَجَرسُ الحُلِيِّ عَلَيها رَقيبا

وَلَم أَنسَ لَيلَتَنا في العِنا

قِ لَفَّ الصَبا بِقَضيبٍ قَضيبا

سُكوتٌ يَحُرُّ عَلَيهِ الهَوى

وَشَكوى تَهيجُ البُكى وَالنَحيبا

كَما اِفتَنَّتِ الريحُ في مَرِّها

فَطَوراً خُفوتاً وَطَوراً هُبوبا

عَنَت كَبِدي قَسوَةٌ مِنكَ ما

تَزالُ تَجَدَّدُ فيها نُدوبا

وَهُمِّلتُ عِندَكِ ذَنبَ المَشـ

ـيبِ حَتّى كَأَنّي اِبتَدَعتُ المَشيبا

وَمَن يَطَّلِع شَرَفَ الأَربَعيـ

ـنِ يُحَيِّ مِنَ الشَيبِ زَوراً غَريبا

بَلَونا ضَرائِبَ مَن قَد نَرى

فَما إِن رَأَينا لِفَتحٍ قَريبا

هُوَ المَرءُ أَبدَت لَهُ الحادِثا

تُ عَزماً وَشيكاً وَرَأياً صَليبا

تَنَقَّلُ في خُلُقى سُؤدُدٍ

سَماحاً مُرَجّى وَبَأساً مَهيبا

فَكَالسَيفِ إِن جِئتَهُ صارِخاً

وَكَالبَحرِ إِن جِئتَهُ مَستَثيبا

فَتىً كَرَّمَ اللَهُ أَخلاقَهُ

وَأَلبَسَهُ الحَمدَ غَضّاً قَشيبا

وَأَعطاهُ مِن كُلِّ فَضلٍ يُعَدُّ

حَظّاً وَمِن كُلِّ مَجدٍ نَصيبا

فَدَيناكَ مِن أَيِّ خَطبٍ عَرا

وَنائِبَةٍ أَوشَكَت أَن تَنوبا

وَإِن كانَ رَأيُكَ قَد حالَ فِيَّ

فَلَقَّيتَني بَعدَ بِشرٍ قُطوبا

وَخَيَّبتَ أَسبابِيَ النازِعا

تِ إِلَيكَ وَما حَقُّها أَن تَخيبا

يُريبُني الشَيءُ تَأتي بِهِ

وَأُكبِرُ قَدرَكَ أَن أَستَريبا

وَأَكرَهُ أَن أَتَمادى عَلى

سَبيلِ اِغتِرارٍ فَأَلقى شُعوبا

أُكَذِّبُ ظَنّي بِأَن قَد سَخِطـ

ـتَ وَما كُنتُ أَعهَدُ ظَنّي كَذوبا

وَلَو لَم تَكُن ساخِطاً لَم أَكُن

أَذُمُّ الزَمانَ وَأَشكو الخُطوبا

وَلا بُدَّ مِن لَومَةٍ أَنتَحي

عَلَيكَ بِها مُخطِئاً أَو مُصيبا

أَيُصبِحُ وِردِيَ في ساحَتَيـ

ـكَ طَرقاً وَمَرعايَ مَحلاً جَديبا

أَبيعُ الأَحِبَّةَ بَيعَ السَوامِ

وَآسى عَلَيهِم حَبيباً حَبيبا

في كُلِّ يَومٍ لَنا مَوقِفٌ

يُشَقِّقُ فيهِ الوَداعُ الجُيوبا

وَما كانَ سُخطُكَ إِلّا الفِراقَ

أَفاضَ الدُموعَ وَأَشجى القُلوبا

وَلَو كُنتُ أَعرِفُ ذَنباً لَما

تَخالَجَني الشَكُّ في أَن أَتوبا

سَأَصبِرُ حَتّى أُلاقي رِضا

كَ إِمّا بَعيداً وَإِمّا قَريبا

أُراقِبُ رَأيَكَ حَتّى يَصِحَّ

وَأَنظُرُ عَطفَكَ حَتّى يَثوبا

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان البحتري، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات