لهان الغمد ما بقي الحسام

ديوان الشريف الرضي

لَهانَ الغِمدُ ما بَقِيَ الحُسامُ


وَبَعضُ النَقصِ آوِنَةً تَمامُ


إِذا سَلَكَ العُلى سَلِمَت قُواهُ


فَلا جَزَعٌ إِذا اِنتَقَصَ النِظامُ


وَأَهوِن بِالمَناكِبِ يَومَ يَبقى


لَنا الرَأسُ المُقَدَّمُ وَالسَنامُ


وَما شَكوى المَناهِلِ حينَ تُمسي


مُغَيَّضَةً إِذا بَقِيَ الغَمامُ


وَهَل هُوَ غَيرُ فَذٍّ أَخلَفَتهُ


لَكَ العَلياءُ وَالنِعَمُ التُؤامُ


وَما شَرَرٌ تَطاوَحَ عَن زِنادٍ


بِمُفتَقَدٍ إِذا بَقِيَ الضِرامُ


أَفِق يا دَهرُ مَن أَمسَيتَ تَحدو


وَقَد مَنُعَ الخِزامَةُ وَالزِمامُ


قَدَعتَ مُبَرِّزَ الحَلَباتِ يَغدو


جَموحاً لا يُنَهنِهُهُ اللِجامُ


وَلوداً مِثلَ ما خالَستَ مِنهُ


وَأَنتَ بِمِثلِهِ أَبَداً عَقامُ


مِنَ القَومِ الَّذينَ أَقامَ فيهِم


عِدادُ المَجدِ وَالعَدَدُ اللُهامُ


إِذا سَلِموا فَقَد سَلِمَ البَرايا


وَإِن نُقِذوا فَقَد فُقِدَ الأَنامُ


لَهُم كَرَمٌ تُزَيِّدُهُ المَعالي


إِذا لَؤُمَ المَعاشِرُ أَو أُلاموا


وَأَيّامٌ مِنَ الإِحسانِ بيضٌ


لَهُم نَسَبٌ إِلى العَليا قُدامُ


مَراجِحَةٌ وَأَصبِيَةٍ مُلوكٌ


إِلَيهِم يَعقُدُ النادي الكِرامُ


وَكُلُّ مُعَمَّمٍ بِالمَجدِ قَضّى


بِهِ ذِمَمَ العَلاءِ أَبٌ هُمامُ


رَبا بَينَ الصَوارِمِ وَالعَوالي


فَجاءَ كَأَنَّ تَوأَمَهُ الحُسامُ


يَروعُ سَوامَهُ بِالسَيفِ حَتّى


تَمَنّى أَن أَسَرَّتها اللِئامُ


مَعاشِرُ لِلسَوائِمِ في ذُراهُم


أَمانُ الطَيرِ آمَنَها الحَرامُ


يُذَمُّ اللُؤمُ عِندَهُمُ عَلَيها


وَلَيسَ لِجارِهِم أَبَداً ذِمامُ


وَحادِثَةٍ لَها في العَظمِ وَقرٌ


كَغَصِّ السِنِّ لَيسَ لَهُ اِلتِئامُ


كَفى بِعِتاتِها وَالمَوتُ دانٍ


وَقَد قَعَدَ الرِجالُ بِها وَقاموا


فَقُل لِلحائِنِ المَغرورِ أَمسى


بِمارِنِكَ الرَغامَةُ وَالرَغامُ


أَتَعلَمُ مَن تُخاطِرُ أَو تُسامي


غُروراً ما أَراكَ بِهِ المَنامُ


فَخَلِّ عَنِ الطَريقِ لِسَيلِ طَودٍ


تَحَدَّرَ لا يُخاضُ وَلا يُعامُ


أَلَم يُقنِعكَ بِالأَهوازِ مِنهُ


قِطارٌ غَيمُ عارِضِهِ القَتامُ


بِأَربَقَ حَطَّ عارِضَهُ وَأَجلى


عَنِ الأَعداءِ وَالأَعداءُ هامُ


وَأَرسَلَها تَخُبُّ بِدارِ زَينٍ


عُبابَ اليَمِّ لَجَّ بِهِ اِلتِطامُ


يَمِلنَ مِنَ اللُغوبِ كَما تَهادى


نِساءُ الحَيِّ يُثقِلُها الخِدامُ


وَكُنَّ إِذا رَمَينَ إِلى عَدُوٍّ


طَلَبنَ أَمامَ حَتّى لا أُمامُ


وَلَستُ لِحاصِنٍ إِن لَم تَرَوها


مَواقِرَ حَملُها بيضٌ وَلامُ


تَوَقَّصَ تَحتَها القُلَلُ الرَوابي


وَتَجدَعُ مِن حَوافِزِها الإِكامُ


بِنَقعٍ يُظلِمُ الإِصباحُ مِنهُ


عَلى بيضٍ يُضيءُ بِها الظَلامُ


تُفارِطُ بِالقَنا مُتَمَطِّراتٌ


كَما فاجاكَ بِالدَوِّ النَعامُ


حَذارِ لَهُ فَبَعدَ اليَومِ يَومٌ


لَهُ شَرَرٌ وَبَعدَ العامِ عامُ


وَما تَرَكَ الرِماءَ قُصورَ باعٍ


وَلَكِن كَي تُراشَ لَهُ السِهامُ


فَمِنهُ البيضُ ماضِيَةٌ وَمِنكُم


يَدَ الدَهرِ المَفارِقُ وَاللِمامُ


لَنا تَحتَ الصَفائِحِ كُلَّ يَومٍ


مُقيمٌ لا يَريمُ وَلا يُرامُ


كَرائِمُ مِن قُلوبٍ أَو عُيونٍ


عَلَيهِنَّ الجَنادِلُ وَالرِجامُ


صُموتٌ لا يُجابُ لَهُنَّ داعٍ


أَرَنَّ وَلا يُرَدُّ لَهُ سَلامُ


فَدُم ما طابَ لِلباقي بَقاءٌ


وَما حَسُنَ التَلَوُّمُ وَالدَوامُ


فَلا كُشِفَ الضِياءُ عَلى اللَيالي


وَلا عُدِمَ الغِياثُ وَلا القَوامُ


يَكونُ لَكَ التَقَدُّمُ في المَعالي


وَفي الأَجَلِ التَأَخُّرُ وَالمُقامُ


وَكانَ لَنا أَمامَكَ كُلُّ نَقصٍ


يَكونُ مِنَ الرَدى وَلَكَ التَمامُ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الشريف الرضي، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات