لنا منكم وعد فهلا وفيتم

ديوان بهاء الدين زهير

لَنا مِنكُمُ وَعدٌ فَهَلّا وَفَيتُمُ

وَقُلتُم لَنا قَولاً فَهَلّا فَعَلتُمُ

حَفِظنا لَكُم وُدّاً أَضَعتُم عُهودَهُ

فَشَتّانَ في الحالَينِ نَحنُ وَأَنتُمُ

سَهِرنا عَلى حِفظِ الغَرامِ وَنِمتُمُ

وَلَيسَ سَواءً ساهِرونَ وَنُوَّمُ

وَكُنّا عَقَدنا أَنَّنا نَكتُمُ الهَوى

فَأَغراكُمُ الواشي وَقالَ وَقُلتُمُ

ظَلَلتُم وَقُلتُم أَنتَ في الحُبِّ ظالِمٌ

صَدَقتُم كَذا كانَ الحَديثُ صَدَقتُمُ

فَيا أَيُّها الأَحبابُ في السُخطِ وَالرِضا

عَلى كُلِّ حالٍ أَنتُمُ لا عَدِمتُمُ

وَرُبَّ لَيالٍ في هَواكُم قَطَعتُها

وَبِتُّ كَما قَد قيلَ أَبني وَأَهدِمُ

وَلي عِندَ بَعضِ الناسِ قَلبٌ مُعَذَّبٌ

فَيا لَيتَهُ يَرثي لِذاكَ وَيَرحَمُ

وَما كُلُّ عَينٍ مِثلَ عَيني قَريحَةٌ

وَلاكُلُّ قَلبٍ مِثلَ قَلبي مُتَيَّمُ

سِوايَ مُحِبٌّ يَنقُضُ الدَهرُ عَهدَهُ

يَغيبُ فَيَسلو أَو يُقيمُ فَيَسأَمُ

وَيا صاحِبي لَولا حِفاظٌ يَصُدُّني

لَصَرَّحتُ بِالشَكوى وَلا أَتَكَتَّمُ

سَأَعتُبُ بَعضَ الناسِ إِن كانَ سامِعاً

وَأَنتَ الَّذي أَعني وَما مِنكَ مَكتَمُ

إِذا كانَ خَصمي في الصَبابَةِ حاكِمي

لِمَن أَشتَكيهِ أَو لِمَن أَتَظَلَّمُ

وَلَولا اِحتِقاري في الهَوى لِعَواذِلي

صَرَفتُ لَهُم بالي وَمِنّي وَمِنهُمُ

فَياعاذِلي ما أَكبَرَ البُعدَ بَينَنا

حَديثُ غَرامي فَوقَ ما يَتَوَهَّمُ

لَقَد كُنتُ أَبكي لِلحَبيبِ إِذا جَفا

وَلا سِيَّما وَهوَ الأَمينُ المُكَرَّمُ

أَميري الَّذي قَد كُنتُ أَسطو بِقِربِهِ

وَكُنتُ عَلى الدُنيا بِهِ أَتَحَكَّمُ

سَأَصبِرُ لا أَنّي عَلى ذاكَ قادِرٌ

لَعَلَّ لَيالي هَجرِهِ تَتَصَرَّمُ

وَقالَ العِدى إِنَّ المُكَرَّمَ واجِدٌ

فَقُلتُ لَهُم إِنَّ المُكَرَّمَ أَكرَمُ

وَإِنَّ أَميري إِن نَأَيتُ لِمُحسِنٍ

وَإِنَّ أَميري إِن قَرُبتُ لَمُنعِمُ

وَعَهدي بِهِ رَحبُ الحَظيرَةِ مُجمِلٌ

يَغُضُّ وَيَعفو عَن كَثيرٍ وَيَحلُمُ

مِنَ النَفَرِ الغُرِّ الَّذينَ حُلومُهُم

يَخِفُّ لَدَيها يَذبُلٌ وَيُلَملَمُ

هُمُ القَومُ كُلُّ القَومِ في الدينِ وَالتُقى

وَناهيكَ بِالقَومِ الَّذينَ هُمُ هُمُ

إِذا حَدَّثوا عَن فَضلِ موسى وَأَحمَدٍ

فَلِلَّهِ ميراثٌ هُناكَ يُقَسَّمُ

أَمَولايَ إِنّي عائِذٌ بِكَ لائِذٌ

أُجِلُّكَ أَن أَشكو إِلَيكَ وَأُعظِمُ

أَأَنكِرُ ما أَولَيتَني مِن مَواهِبٍ

يُقِرُّ بِها مِن جِسمِيَ اللَحمُ وَالدَمُ

وَوَاللَهِ ما قَصَّرتُ في شُكرِ نِعمَةٍ

وَيَكفيكَ أَنَّ اللَهَ أَعلى وَأَعلَمُ

فَيا تارِكي أَنوي البَعيدَ مِنَ النَوى

إِلى أَيِّ قَومٍ بَعدَكُم أَتَيَمَّمُ

أَلا إِنَّ إِقليماً نَبَت بي دِيارُهُ

وَإِن كَثُرَ الإِثراءُ فيهِ لَمُعدَمُ

وَإِنَّ زَماناً أَلجَأَتني صُروفُهُ

فَحاوَلتُ بُعدي عَنكُمُ لَمُذَمَّمُ

وَلي في بِلادِ اللَهِ مَسرىً وَمَسرَحٌ

وَلي مِن عَطاءِ اللَهِ مَغنىً وَمَغنَمُ

وَأَعلَمُ أَنّي غالِطٌ في فِراقِكُم

وَأَنَّكُمُ في ذاكَ مِثلِيَ أَعظَمُ

وَمَن ذا الَّذي أَعتاضُ مِنكُم لِفاقَتي

مِنَ الناسِ طُرّاً ساءَ ما أَتَوَهَّمُ

فَلا طابَ لي عَنكُم مَقامٌ وَمَوطِنٌ

وَلَو ضَمَّني فيهِ المَقامُ وَزَمزَمُ

وَمِثلُكَ لا يَأسى عَلى فَقدِ كاتِبٍ

وَلَكِنَّهُ يَأسى عَلَيكَ وَيَندَمُ

فَمَن ذا الَّذي تُدنيهِ مِنكَ وَتَصطَفي

فَيَكتُبُ ما يوحى إِلَيكَ وَيَكتُمُ

وَمَن ذا الَّذي يُرضيكَ مِنهُ فَطانَةٌ

تَقولُ فَيَدري أَو تُشيرُ فَيَفهَمُ

وَما كُلُّ أَزهارِ الرِياضِ أَريجَةٌ

وَما كُلُّ أَطيارِ الفَلا تَتَرَنَّمُ

فَيالَيتَ ذا العامَ الَّذي جاءَ مُقبِلاً

يَفيضُ لَنا فيهِ رِضاكَ وَيُقسَمُ

وَلا زالَتِ الأَعوامُ تَأتي وَتَنقَضي

فَتَبدَؤُها بِالصالِحاتِ وَتَختِمُ

تُضيءُ لَيالي الدَهرِ مِنكَ مُنيرَةً

وَأَيّامُهُ مِن فَرحَةٍ تَتَبَسَّمُ

وَيا لَيتَ شِعري إِن قَضى اللَهُ بِالنَوى

لِمَن أَبتَغي هَذا الكَلامَ وَأَنظِمُ

نَسيبٌ كَما يَهوى العَفافُ مُنَزَّهٌ

وَمَدحٌ كَما تَهوى المَعالي مُعَظَّمُ

وَشَكوى كَما رَقَّ النَسيمُ مِنَ الصَبا

وَعَتبٌ كَما اِنحَلَّ الجُمانُ المُنَظَّمُ

تَأَخَّرَ عَن وَقتِ الهَناءِ لِأَنَّهُ

لَهُ كُلَّ يَومٍ مِن جَنابِكَ مَوسِمُ

وَتَعلَمُ أَنّي في زَمانِيَ واحِدٌ

وَأَنَّ كَلامي آخِرٌ مُتَقَدِّمُ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان بهاء الدين زهير، شعراء العصر الأيوبي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات