لنا خمر وليس بخمر نخل

ديوان أبو نواس

لَنا خَمرٌ وَلَيسَ بِخَمرِ نَخلٍ

وَلَكِن مِن نِتاجِ الباسِقاتِ

كَرائِمُ في السَماءِ زَهَينَ طولاً

فَفاتَ ثِمارُها أَيدي الجُناةِ

قَلائِصُ في الرُؤوسِ لَها ضُروعٌ

تَدِرُّ عَلى أَكُفِّ الحالِباتِ

صَحائِحُ لا تُعَدُّ وَلا نَراها

عِجافاً في السِنينَ المالِحاتِ

مَسارِحُها المَدارُ فَبَطنُ جَوخى

إِلى شَطِّ الأُبُلَّةِ فَالفُراتِ

تُراثاً عَن أَوائِلِ أَوَّلينا

بَني الأَحرارِ أَهلِ المَكرُماتِ

تَذُبُّ بِها يَدُ المَعروفِ عَنّا

وَتَصبِرُ لِلحُقوقِ اللازِماتِ

فَحينَ بَدا لَكَ السَرَطانُ يَتلو

كَواكِبَ كَالنِعاجِ الراتِعاتِ

بَدا بَينَ الذَوائِبِ في ذُراها

نَباتٌ كَالأَكُفِّ الطالِعاتِ

فَشُقَّقَتِ الأَكُفُّ فَخِلتُ فيها

لَآلِئَ في السُلوكِ مُنَظَّماتِ

وَما زالَ الزَمانُ بِحافَتَيها

وَتَقليبُ الرِياحِ اللاقِحاتِ

فَعادَ زُمُرُّداً وَاِخضَرَّ حَتّى

تَخالُ بِهِ الكِباشَ الناطِحاتِ

فَلَمّا لاحَ لِلساري سَهيلٌ

قُبَيلَ الصُبحِ مِن وَقتِ الغَداةِ

بَدا الياقوتُ وَاِنتَسَبَت إِلَيهِ

بِحُمرٍ أَو بِصُفرٍ فاقِعاتِ

فَلَمّا عادَ آشِرُها خَبيصاً

بَعَثتُ جُناتِها بِمُعَقَّفاتِ

فَضُمِّنَ صَفوُ ما يَجنونَ مِنها

خَوابِيَ كَالرِجالِ مُقَيَّراتِ

وَقُلتُ اِستَعجِلوا فَاِستَعجَلوها

بِضَربٍ بِالسِياطِ مُحَدرَجاتِ

ذَوائِبُ أُمُّها جُعِلَت سِياطاً

تَحُثُّ فَما تَناهى ضارِباتِ

فَوَلَّدَتِ السِياطُ لَها هَديراً

كَتَرجيعِ الفُحولِ الهائِجاتِ

فَلَمّا قيلَ قَد بَلَغَت وَلَمّا

وَتوشِكُ أَن تُقَرُّ وَأَن تُواني

نَسَجتُ لَها عَمائِمَ مِن تُرابٍ

وَماءٍ مُحكَماتٍ موثَقاتِ

سَتَرتُ الجَوَّ خَوفاً مِن أَذاهُ

فَباتَت مِن أَذاهُ آمِناتِ

فَلَمّا قيلَ قَد بَلَغَت كَشَفنا ال

عَمائِمَ عَن وُجوهٍ مُشرِقاتِ

حَساها كُلُّ أَروَعَ شَيظَمِيٍّ

كَريمِ الجَدِّ مَحمودٍ مُؤاتِ

تَحِيَّةَ بَينَهُم تَفديكَ روحي

وَآخِرُ قَولِهِم أَفديكَ هاتِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان أبو نواس، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات