لنا بسمر الحمى في الحي أسمار

ديوان ابن الساعاتي

لنا بسمر الحمى في الحي أسمارُ

ودونَ خطّار ذاكَ البان أخطار

موائسٌ ببدور التم مثمرةٌ

حسناً وما لغصون البان أثمار

محجّباتٍ لستر الليل هاتكةٌ

لم تهتك الليلَ ألاَّ وهي أقمار

تزور كل محبٍ في إزار دجى

والبدرُ في حندس الظلماءِ سيّار

إن لأولّى بان يوم البين رشدهم

جاروا فهل هذه الجرعاء يا جار

أثار وجدي أطلالٌ بكاظمةٍ

وطلَّ دمعي من لمياءَ آثار

ما الجزع جزعي وقد سارت ركائبهم

عنه ولا دارهم بالأَمس لي دار

حسبي الصبابة لا ألوي على طللٍ

وفي الصبابة للعشاق أعذار

لو عللّوني أو زاروا بوعدهمِ

لخفَّ عني من الأشواق أوزار

وكان لي أملٌ في الغمض بعدهمُ

والغمض كالصبر بل كالغيد غدّار

أظّنهم سحروا صبحي فدامَ دجىً

كذلك الحبُّ للأسحار سحّار

صدوا وجاروا وما أحلى فعالهمُ

عند المحبّ وان صدّوا وان جاروا

دنوا ولم تدنهم ذكرى وان زعموا

وأبعد الناس من يدنيه تذكار

جيران قلبي وان حلوا وان رحلوا

وساكنوه اذا ما أقوت الدار

منهم ومن حلل البيداء دبجها

وحاكها صانع الأنواءِ آذار

زهر حسانٍ وزهر يانعٌ خضلٌ

وان أشا قلت أنوار ونوار

خير عن الصبر قلبي فهو ينكرهُ

فللنسيم عن الأشجان أخبار

يغيرني منه نشرٌ ليس يملكه

منهم سرى الطيبُ فيه فهو معطار

يا من بقلبي هفا صبّاغ وجنته

جوى وعهدي بقلبي وهو صبّار

دمي يلوح على خديّك شاهده

وفي جفونك والألحاظ إنكار

يمد دمعي وناري كلنا خمدت

خد تجمع فيه الماء والنار

عليه للفتك آثار لكل دم

هدر وما لقتيل عنده ثار

وما هاب طيفك جفني أن يلمّ به

إلاَّ وجفني كما خبرت تيار

وجد هو النار في الأحشاءِ يضرمها

دمع كجود صفي الدين مدرار

من نشره والندى عما فوارد

نعماه الجزيلة مستاف ومشتار

وباذل المال فيه ما يضر به

وصاحب الصيت في الآفاق طيار

لماله عنه أسفار بنائله

وحوله لوجوه المدح إسفار

غدا من الملك في أقصى منازله

كأنما الملك قلب وهو أسرار

حال بكفيه مستعل بهمته

أن ريع فهو له سور وأسوار

برأيه حققت آياته ظفراً

وكر جيش الأماني وهو جرار

أقلامه بسيوف الهند هازئة

وعفوه لعظيم الذنب غفار

للوقد منه وإن شطت ديارهم

وأجدب الدهر أوطان وأوطار

صدر له مورد عذب لسائله

وفي الملمات إيراد وإصدار

ترب السماح فلا لوم ولا بخل

نجل الكرام فلا عاب ولا غار

تراهُ يرفعُ أقدارَ العُفاة كما

سُطى يديهِ على الأعداء أَقدار

فردٌ فما إن لهُ مثلٌ يساجلهُ

وللمكارم أمثال وأنظار

جاراهُ في المجد أقوام ففاتهمُ

وقصَّت دونهُ سوق وأَبصار

نَدْبٌ يجود إذا ضنُّوا ويرشد أن

ضلُّوا ويحكم حكم العدل أن جاروا

أطاع عاصي الليالي امر ذي قلمٍ

أذلَّ صرفَ الليالي وهو جباَّر

كتائبٌ كتُبهُ أَحيانَ يُرسلها

اطلاُبها في طلاب الأمر أسطار

صواعقٌ في أعاديه وقائها

وفي بُغاة الندى غيثٌ وأَمطار

محيي الفقر مميت البخل وابلُهُ

ففيهِ للناس آجالٌ وأعمار

مِلقوم كانوا بُناةَ المجد ثم قضوا

فطاب عنهم أحاديثٌ

ما عزَّ عندهمُ خطبٌ لعزتَّهم

عنهم ولا ذلَّ مخذولاً

وسُهِلتْ طرق المجد لا ثيل بهم

فإن بغاها حسودٌ فهي أوعار

في الجدب والروع والظلماءِ يشملنا

منهم غيوثٌ وآسادٌ وأَقمار

لي من أبي الفتح نصرٍ ذو سمت بهِ

ويا لها عزّةً فتحٌ وأنصار

يقظان يَثملُ أماَّ قمتُ مادحهُ

كذلك المدح للأجواد خمَّار

يهتزُّ هِزَّة مرتاحٍ لنغمتها

كأَنَهُ عاشقٌ هزَّتهُ أوتار

يا شاريَ الشعر بالسّعر الثمين ندًى

لولاك ما كان للإشعار أسعار

البستَ وفدك أثواب الغنى قَشُباً

من بعد ما مرَّ دهرٌ وهي أطمار

ما نابني الخطبُ إلا كنت لي ظفراً

فطاح لم يُغنهِ نابٌ وأَظفارُ

ظهرتُ باسمك من سجن الخمول وكم

مضى ليَ تحت فعل الدهر إِضمار

كذلك السيف ذو بأْسٍ بأنمل ذي

بأْسٍ وفي راحة الخوَّار

لا زلت تُسدي اللُهى صفواً بلا كدرِ

وصفو جاحدِكَ النعماءَ أَكدار

عن كل هُجرٍ لكم صومٌ أجل ولكم

على شهيِ الثنا والحمدِ إِفطار

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ابن الساعاتي، شعراء العصر الأيوبي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات