لم يبكني رسم منزل طسما

ديوان ابن الرومي

لم يُبكني رسمُ منزلٍ طسما

بل صاحبٌ حال عهدُهُ حُلما

خلٌّ جفاني لنعمةٍ حدثت

له فجازته بالذي حكما

لم أجنِ ذنباً إليه أعلمُهُ

ولا جناه إلى الذي خدما

لكن تجنّتْ عليه نعمتهُ

كما تجنَّى عليَّ إذ صرما

ناكرني ظالماً فناكره

صاحبُه فاستقادَ وانتقما

لا يخلُ من نعمة وموعظة

تنهى الفتى أن ينفّر النعما

دعوة ذي خلةٍ ومَعْتبةٍ

يهوَى اللُّها للصديق لا النقما

لم يدعُ إذ فار صدرُه غضباً

إلا بما الحظُّ فيه إن قُسِما

دعا بنُعمى وخاف فِتْنتَها

على أخٍ فابتغَى له العِصما

وأحسنُ الظن عند ذاك به

فلم يخَفْ أن يَظُنَّ أو يَهِما

ولا أراه يرى العتابَ من ال

شتم وأنى يظُنُّ من علما

ولن يرى المنصفُ المميّزُ مَنْ

عاتب في نبوة كمن شتما

فليغْنَ في غِبطةٍ تدومُ له

ووعْظِ بَلْوى تزورُه لَمما

حتى يراه الإلهُ مُعترفاً

بالحقّ يرعى الحقوق والحُرَما

ولا يراه الذي إذا سبغتْ

عليه نعماهُ نابِذَ الكرما

إيهاً أبا القاسمِ الذي ركب ال

غشم جِهاراً ونفسَه غشما

قل ليَ لِمْ لَمْ تَتِهْ بمعرفة ال

حقّ وإحكامِ نفسِك الحِكَما

وتِهتَ أن نِلْتَ رُتبةً وَسطاً

لا شططاً في العُلو بل أَمما

هل فُزْتَ في الدولة المباركة ال

غرّاءِ إلا بحظِ من سلما

لا أصْلَ ديوانها وَلِيتَ ولا

كُنْتَ كمن زَمَّ أو كمنْ خطما

ولم تُفِدْ بالعلاء فائدةً

إلا علاءً بَغيْتَ فانهدما

صحِبْتَه فاعتليْتَ ثم أتى

بغيُك والبغيُ ربما شأما

ولو تلقيتَ بالتواضعِ ما

أُوتيت منه لتمَّ والتأما

حملتَ طغيانك العظيَم على

أمرِك فانهدَّ بعدما اندعما

أصبحتَ أن نِلْتَ فضلَ منزلةٍ

أُنسيتَ تلك المعاهدَ القُدَما

مُطَّرِحَ الأصدقاء مرتفعَ ال

همَّة عنهم تراهُمُ قُزُما

وإنَّني حالفٌ فمجتهدٌ

مُنكِّبٌ عن سبيل من أثِما

ما رفعَ اللَّه همةً طمحتْ

تلقاءَ غدرٍ أليَّةً قسما

كلا ولا حطَّ هِمّةً جنحتْ

نحو وفاء كزعمِ من زعما

أمحضُك النصحَ غيرَ محتشمٍ

هل ماحِضٌ نصحَه من احتشما

ذمَّ الأخلاءُ صاحباً حفظ ال

مالَ وأضحى يُضيّع الذمما

من لَبِسَ الكِبرَ عند ثروتِه

على أخيه فنفسَه هضما

نبَّه مِن قدرِه على صغر

خَيَّله حادثُ الغنى عِظما

كدأْبِ من لم يرثْ أوائِلُه

سابقةً في العلا ولا قَدما

ضئيلُ شأنٍ أصابَ عارِفةً

ففخَّمتْ كِبرهُ وما فخما

نَمَّ على نقصِه ويا أسفي

عليه يا ليت أنه كتما

ما هكذا يفعل الأريبُ من ال

ناس إذا كان ناقصاً فنما

فكيفَ مَنْ لم يزلْ وليسَ به

نقصٌ ولا كان سافلاً فسما

سَقْياً لأيامك التي جمعتْ

إنصافَك الأصدقاءَ والعدما

ولا سقَى اللَّه برهةً ضمنتْ

ضدَّيهما وابلاً ولا دِيما

لا خيرَ في ثروةٍ تحضُّ على ال

غدرِ صُراحاً وتمرِضُ الشيما

ناشدْتُك اللَّه والمودّة في ال

لَهِ فإني أعُدُّها رَحِما

في أن تكون الذي يتيه

من نعمةٍ كمن لؤما

مثلَ التي ظوهرت ملابسها

وما حلا خَلقُها ولا ضخُما

فاستشعرتْ نخوةً وأعجَبها

مرأىً رأته بما اكتستْ غمما

ولم تزلْ قبلَ ذاك ساخطةً

خلقا شهيداً بصدقِ من ذأما

لاعنةً وجهها وجاعلةً

صفحتَهُ عُرضةً لمن لطما

هاتيك تُزهَى بما اكتستهُ ولا

تُزْهى التي بَذَّ خلقُها الصنما

ممكورةٌ كالكثيب يفرعهُ

غصنٌ وبدرٌ ينوّر الظُّلما

خُذها شروداً بعثتُها مثلاً

تسير لا بل نَصبتُها عَلما

فيها عِتابٌ يردُّ عاديةَ ال

جائر حتى يُراجع اللَّقما

وكنتُ لا أهملُ الصديق ولا

أعتبُ حتى أُعدَّ مجترما

لكنني قائلٌ له سَدداً

مُنَخِّلٌ في عتابه الكَلما

أعالجُ الصاحبَ السقيم ولا

أخرقُ حتى أزيدَهُ سقما

أثقّفُ العودَ كي يقومَ ولا

أعنفُ في غَمزه لينحطما

ولست آسَىَ على الخليطِ إذا اع

تدَّ زِيالي كبعضِ ما غنما

لا أجتني من فِراقِه أسفاً

أو يَجْتنِي من جفائه نَدما

أَروعُهُ عن هَناتهِ وأُخلْ

ليه إذا ما تقحَّم القُحَما

فلا تَخلْ أنني أخفُّ ولا

أهلعُ صَدَّ الخليل أو رَئما

إن أنت أقبلتَ لم أطِر فرحاً

وإن تولَّيت لم أَمُت سدما

إني لوصَّال مَنْ يُواصلني

جَذّام حبلِ القرين إن جذما

ولستُ أتلو مُولِّياً أبداً

ولا أنادي من ادّعى صمما

قوَّمتَني غير قيمتي غلطاً

شَاور ذوي الرأي تعرف القيما

أمتَّ وُديك عَبطةً فمَهٍ

دَعْهُ على رسله يمت هرما

هلَّا كمثلِ الحسينِ كنتَ أبي

عبدِ الإلهِ المكشّف الغُمَما

الباقطائيِّ ذي البراعة وال

سؤددِ والمحتدِ الذي كرما

أخٌ دعاني لكي أشاركَهُ

فيما حَوتْه يداهُ محتكما

دعا فلبّيتُهُ وجئتُ فأل

فيتُ ضليعاً بالمجد لا بَرما

لو ساهم الأكرمين كلَّهمُ

في المجد والخير وحده سَهُما

مُقَبلُ الكفّ غيرُ جامدِها

يَلثُمُ فيها السماحَ مَنْ لثما

لا فُقدتْ كفّهُ ولا برحت

ركناً لعافي النوال مستَلما

يَلقَى الغنى لا الكفافَ سائلُهُ

والنِعمَ السابغات لا النقما

يعيدُ ما أبدأتْ يَداهُ من ال

عرف جوادٌ لا يعرف السأما

يُتبِعُ وسمِيّه الولِيَّ وقد

أغنى جديب البقاع إن وسما

ألغتْ مواعيدَه فواضلُهُ

فلم يَقُل قطُّ لا ولا نعما

يفعل ما يفعل الكريمُ ولو

رقرَقتَهُ من حيائه انسجما

محتقراً ما أتى وقد غمر ال

آمال طُولاً وجاوز الهمما

فتى أخافتنيَ الخطوبُ فَعَوْ

وَلتُ عليه فكان لي حَرما

موَّلني جُودُهُ فآمنني

حِفاظُه أن أعيش مهتضما

ممنْ إذا ما شهدت أَنَّ له ال

فضلَ نفَى عن شهادتي التُّهما

لو سكتَ المادحونَ لاجتلبَ ال

مدحُ له نفسه ولانتظما

لم أشكُ من غيره عتومَ قِرىً

حتى قراني الغنى وما عتما

وهل تُسرُّ الرياضُ عارفةَ الْ

غيثِ إذا ما أريجُها فغما

أسرَارُه عندنا ودائعُ معْ

روفٍ تَوارَى فتطلعُ الأَكَما

كم قد كتمنا سَدىً له كنثا ال

مسكِ لدى فتقهِ فما اكتتما

يسألُنا دفْنَ عُرفهِ ثِقَةً

بنشره نفْسَهُ وما ظلما

يغدُو على الجُودِ غادياً غَدِقاً

وربَّما راحَ رابحاً هَزِما

لَوْ حزَّ مِنْ نفسه لسائله

أَنْفَسَ أعضائه لما أَلِما

يفديه مَن لا يفي بفديته

يوماً إذا نابُ أزمةٍ أزما

من كل كَزّ أبى السماح فما

يمنحُ إلا أديمَهُ الحلَمَا

لا يبذُلُ الرفدَ مُعْفِياً وإذا

كُلِّمَ فيه حَسبتَهُ كُلِما

يا منْ يجاريه في مذاهبه

أمازحٌ أمْ تُراك مُعْتزما

حاولتَ ما ليس في قواك مِنَ الْ

أمر فلا تجْشَمنَّ ما جَشما

مَسْمعُ معروفه ومنظرُهُ

يكفيك فاقنع ولا تَمُتْ نَهَما

حسبُك من أن يكون مَعْبَداً ال

مُحْسِنَ ترجيعُهُ لك النغما

ويا مُسرّاً له المكايد أم

سيت فلا تكذبنَّ مُجْتَرما

قد حَتَمَ اللَّهُ أَنْ يبورَ أعا

ديهِ فأَنّى تردُّ ما حَتما

في كفك السيفُ إن ضربتَ به

نَفْسَك أو مَنْ تريدُها خَذَما

فأغمدِ السيفَ عنك وانْتَضهِ

لمن يعاديك يلحقوا إرما

إنَّ أخاك الذي تُزاولُه

ما زال مذ قال أهلُه حَلُما

سراجَ نورٍ شهابَ نائرة

يَهْدِي ولا يُصْطَلى إذا اضطرما

يَنْعَشُ بالرأي والسَّماحِ إذا ارْ

تاحَ ويُغْرَى فيصرع البُهَما

سرْ في سناه إذا أضاء وإي

يَاكَ وأُلْهُوبَهُ إذا احْتَدَما

شاورْهُ في الرأي واستمحهُ وإيْ

يَاكَ وفلقاً منْ كيده رَقَما

سَيّدُ أكفائه وإن عَتَبَ الْ

حاسدُ منْ ذاكُمُ وإنْ أَضما

تلقاه إنْ حاسَنوهُ أَحسنَهُمْ

وَجْهاً وأذكاهمُ هناك دما

تلقاه إنْ ظارفوه أظرفَ من

رَوْحِ نسيم الصَّبا إذا نَسَمَا

تلقاه إنْ جاودوه أجودَهُمْ

بكل مَنْفوسَة يداً وفما

تلقاه إن شاجعوه أشجعَ مِنْ

قسْوَرَةِ الغيلِ هيجَ فاعتزما

تلقاه إن خاطبوه أصدقَهُمْ

قيلاً وأرخاهُمُ به كَظَما

تلقاه إنْ كاتبوه آنَقَهُمْ

وَشْياً وأجراهُمُ بهِ قَلَما

يجلو العمَى خطه إذا كَحَلَ ال

عينَ ويشفى بيانُه القَزَما

وهو الذي اختاره العلاءُ أبو

عيسى حكيمُ الإقليم مذ فُطما

يُمْنَى يَدَيْ ذي الوزارتين وعيْ

نَاه ومُفْتَرُّه إذا ابتسما

قائدُ أهل السماح كُلِّهُمُ

يعطونه في يَمينه الرُّمَما

فتى إذا قال أو إذا فعل ال

أفْعالَ ألقى الورَى له السَّلَما

أحسنُ ما في سواهُ من حَسَن

أنْ يَحْكِي الصورةَ التي رَسَما

يرسمُ للعُرْجِ ما يقوّمُهُمْ

تقويمَ كَفّ المقوّم الزُّلَمَا

يقظانُ إنْ نام أو تنبه كال

نار إذا ما حَششتها الضرَّمَا

لا يعْزُبُ الرأيُ عن بديهته

يوما إذا ورْدُ حادثٍ دَهَما

وربما جال فكْرُهُ فرأى الْ

غيبَ وإن كان مُلْبَساً قتَمَا

أحْوَسُ لا يسبق الرَّويَّةَ بال

عزْم ولا يَنْثَني إذا عَزَما

إذا ارتأى خلتَهُ هناك يرى

وهْو كمن يَرْتَئى إذا رَجَمَا

فُضِّلَ حتى كان خالقَه

خَيَّرَه دون خَلْقه القسَما

كم غمرةٍ لو سواه غامسَها

كانت ضَحَاضيحُها له حُوَما

أما وتوفيقُ رأيه لقد اعْ

تَامَ ومَا كان يجهل العَيما

أيمنُ ذي طائر وأَجْدرُه

أن تلزَم الصالحاتُ مَنْ لزما

الراجح الناصحُ الظّهارة وال

غَيْبِ إذا الصّنْوُ كان مُتَّهَمَا

واهاً لها جملةً كفتْكَ من ال

تفْسير إن كنتَ عاقلاً فَهما

خرْقٌ رأى الدهْرَ وهْو يثْلُم في

حَالي فما زال يرتقُ الثُّلَما

ثم تلاهُ أبو محمدٍ ال

محمود في فعله فما سَئما

الحسنُ المحْسِنُ المحسَّنُ أخ

لاقاً وخَلْقاً برغم مَنْ رَغما

فتى إذا عاقَ جودَهُ عَوَزٌ

فكَّر فيما عناك أوْ وَخما

للَّه درُّ امرئٍ تيمَّمَ جدْ

واه على أي معدنٍ هجما

يُسْترفَدُ المالَ والمشورةَ وال

جاهَ إذا الخطب شيَّبَ اللِّمَما

بحرٌ من الجدِّ والفكاهة وال

نائل تلقاهُ ذاخراً فَعِمَا

مَشْهَدُهُ روضَةٌ مُنَوَّرَةٌ

أُرْضعَت الليلَ كلَّه الرّهَمَا

تعاوراني بكلّ صالحةٍ

لا عَدمَا صالحاً ولا عُدِما

لذاك أضحتْ محامدي نَفَلاً

بينهما بالسَّواء مُقْتَسَما

وما أبو أحمدٍ بدونهما

لراهبٍ أو لراغب حُرما

عبدُ الجليل الجليلُ إن طرقَ ال

طارق مُسْتَرْفداً ومُعْتَصما

إخوةُ صدْقٍ ثلاثةٌ جُعِلوا

لكل مَجدٍ مُشَيَّدٍ دِعَما

فأنت تَعْتدُّهُمْ ثلاثَة أشْ

خاص وإن تبلُهُمْ تجدْ أُمَما

أبقاهُمُ مَنْ أعزَّني بهمُ

ما أفلَ النَّيّران أَوْ نجما

بَني شَهِنْشَاه الذي وطئتْ

عزَّتُهُ المعرِبينَ والعَجما

إن يَكُ آباؤكم بنوا لكُمُ

طوْداً من المجد يفرَعُ القمَما

فقد قضى حقَّهُم فَعالُكُمُ ال

آن بمَحياهُ تلكُمُ الرِّمَما

أحيتْ أفاعيلُكم أوائلَكُمْ

أحسابَهُمْ لا النفوسَ والنَّسَما

وهل يضرُّ امرءاً له حَسَبٌ

حيٌّ أن احْتَلَّ جسْمُه الرَّجَمَا

دونكموها وما أَمُنُّ بها

غراءَ تحكي اللآلئَ التُّؤما

وكيفَ مَنّي وما رمَمْتُ بها

لكم بناءً وَهى ولا انثلما

مدحتُ منكم مُمَدَّحينَ على ال

دَهر أماديحَ تَقْدُم القِدما

لم أبتدعْ بدعةً بمدحكُمُ

قد قَرَّضَ الناسُ قبلِيَ الأدَمَا

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ابن الرومي، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات