لمن ضرم أعلى اليفاع تعلقا

ديوان الشريف المرتضى

لمن ضَرَمٌ أعلى اليَفاعِ تعلّقا

تألَّقَ حتّى لم يجد متألِّقا

إخالُ بهِ يخفى ويبدو مكانه

وينأى ويدنو في دجى اللّيلِ أوْلَقا

كأنّ شموساً طالعاتٍ خلالَه

وإلّا وَرِيساً من مُلاءٍ تمزّقا

ذكرتُ به عصراً تصرّم طيّباً

وعيشاً سرقناه بوَجْرَةَ مُشرِقا

وريّانَ من خمر الكرى طولَ ليلِهِ

يهون عليه أنْ أبِيتَ مؤرّقا

ويحرمنا منه النّوالَ تجنّباً

ويُعرِضُ عنّا بالوصال تعشّقا

وَشنباءَ تستدعي العَزوفَ إلى الصِّبا

فَيعلقها السّالِي الّذي ما تعلّقا

تضِنُّ على الظّامي إليها بريقِها

وإنْ هي سَقَّتهُ الأراكَ المُخَلَّقا

وَلمّا اِلتَقينا للوداعِ رَقَتْ لها

دموعٌ ودمعي يوم ذلك ما رَقا

ولمّا مررنا بالظّباءِ عشيّةً

علَوْن النَّقا وَهْناً بأوفى من النَّقَا

سفرن فأبدلن الدّياجِيَ بالضُّحى

وأجريْنَ من تلك العشيّات رَوْنقا

فَمِسْنَ غصوناً واِطّلَعْن أهِلَّةً

وفُحْنَ عبيراً أو سُلافاً معتّقا

وعيّرْنَنِي شيباً سيُكسَيْنَ مِثلَهُ

وَمن ضلّ عن أيدي الرّدى شاب مَفْرقا

وهل تاركٌ للمرء يوماً شبابَه

صباحٌ وإمساءٌ ومنأى ومُلْتَقى

فقلْ للعِدا كَمْ ذا الطّماحُ إلى الّذي

علا قبلكمْ نحو السّماءِ مُحلِّقا

أَراحَكُمُ ذاك الّذي لِيَ مُتعِبٌ

وَنوّمكمْ ذاك الّذي لِيَ أرّقا

وَلَستمْ سواءٌ واِمرؤٌ في مُلِمَّةٍ

خمدتُمْ بها خوفَ الحِذارِ وأشرقا

وَلَم يَقْرِها إِلّا الصّفيحَ مُثلَّماً

وإلّا الوَشيجَ بالطِّعانِ مُدَقّقا

وشهّاقةً ترنو نجيعاً كأنّما

خرقتَ به نَوْءَ الحيَا فتخرّقا

فتحتُ لهمْ قعراً عميقاً كأنّنِي

فتحتُ بها باباً إلى الموتِ مُغْلَقا

تحكّكتُمُ منه بصلِّ تنوفةٍ

ثوى لا يذوق الماءَ فيمنْ تذوّقا

يَرُمُّ وما إرْمامُهُ لمخافةٍ

ويُخشَى الرّدى ممّنْ أرمَّ وأطْرَقا

يمُجُّ سِماماً من فروجِ نُيوبِهِ

متى ما رقاها القومُ صَمَّتْ عن الرُّقى

وبحرُ النّدى يَمُّ الرَّدى لمُرِيغِهِ

إِذا صابَ أغنى أو إذا صَبَّ أغرقا

وليثاً ترى في كلّ يومٍ بجنبه

لصرعاه أعضاداً قُطعن وأسؤقا

شديدَ القُوى إنْ غالبَ القِرْنَ غاله

وَإِنْ طلبَ الأمر الّذي فات ألحقا

وإن هاجه يوماً كَمِيٌّ رأيتَهُ

مُكِبّاً على أوصالِهِ مُتَعَرِّقا

فَفخراً بنِي فِهْرٍ بأنِّيَ منكُمُ

إذا عِيق عن عليائها مَن تعوّقا

تطولون بِي قوماً كما طُلتُ معشراً

بكمْ سابقاً في حَلْبَةِ المجدِ سُبَّقا

وكنتُ لكمْ يوم التّخاصمِ منطقاً

فصيحاً وفي يوم التَّجالد مَرْفِقا

وَلَمّا اِدّعيُتمْ أنّكمْ سادةُ الورى

وألصقتُمُ بالمجد كنتُ المصدَّقا

ولم تخفقوا لمّا طلبتمْ نجابتي

وكم طالبٍ هذي النّجابةَ أخفقا

وما كان ثوبُ الرَّوْعِ يوماً عليكُمُ

وفي كفِّيَ العَضْبُ اليَمانِيُّ ضيّقا

خذوا الفخرَ موفوراً صحيحاً أديمُهُ

وخلّوا لمن شاء الفخارَ المُشَبْرَقا

وَلمّا بنيتُمْ ذُرْوَةَ المجد والنّدى

هزأتُمْ بقومٍ يبتنون الخَوَرْنَقا

وحرّقتُمُ بالطّعنٍ ناراً غزيرَةً

فأنسيتُمُ مَن كان يُدعى المُحرِّقا

وحلّقتُمُ في شامخاتٍ من العُلا

فأخزيتُمُ مَن كان يُدعى المُحَلَّقا

وودّ رجالٌ أنّنِي لم أفُتْهُمُ

تماماً وأفضالاً ومجداً ومُرتَقى

وأَنِّيَ ما حُزتُ الفخارَ مغرِّباً

كما حزتُهُ دون الأنامِ مشرّقا

وأنِّيَ ما أنصبتُ في طرقِ العُلا

قلوباً وأجساماً وخيلاً وأينُقا

فَلا تَغضبوا من سابقٍ بَلَغ المَدا

وَلوموا الّذي لم يُعْطَ سَبْقاً فيسبقا

ولم أرَ مِن بعد الكمال بناظري

مِنَ النّاسِ إلّا مُغضَباً بِيَ مُحنَقا

وَماذا عَلى الرّاقي إلى قُلَلِ الذرا

ذُرا المجدِ بلْ مَن لم ينلها ولا اِرتَقى

فكم أنا مُزْجٍ كلَّ يومٍ قصيدةً

ومُهدٍ إِلى راوٍ كلاماً مُنَمَّقا

وليس بشافٍ داءَ قلبِيَ مِقْوَلي

وإنْ كان مرهوبَ الشّباةِ مُذَلَّقا

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الشريف المرتضى، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات