لمن الكتائب في العجاج الأكدر

ديوان ابن معصوم

لمن الكتائبُ في العَجاج الأَكدَرِ

يَخطُرنَ في زَردِ الحَديدِ الأَخضرِ

ضَربت عليهنَّ الرِماحُ سُرادِقاً

دُعِمت بساعد كُلِّ شَهمٍ أَصعَرِ

وَالبيضُ تَلمَعُ في القتام كأَنَّها

لَمعُ البوارِقِ في رُكامِ كَنَهوَرِ

وَصَليلُ وَقعِ المرهفاتِ كأَنَّه

رَعدٌ يُجَلجِلُ في أَجشَّ مُزمجِرِ

وَالرايَةُ الحَمراءُ يَخفِقُ ظِلُّها

يَهفو عليها كُلُّ لَيثٍ مُزئِرِ

وَالخَيلُ قد حَملَت على صَهَواتِها

من كُلِّ أَصيَدَ باسلٍ ذي مغفرِ

مُتسربلٍ بالقَلب فوقَ دِلاصِه

متلثِّمٍ بالنَقع لَمّا يُسفِرِ

في مَوقفٍ كسَف الظَهيرَةَ نقعُه

فأَضاءَها بشرُوقِ وَجهٍ مُقمرِ

يَختالُ في حَلَق الدِلاصِ كأَنَّه

يَختالُ منها في مُفَوَّف عَبقري

من فتيةٍ أَلِفوا الأَسنَّة وَالقَنا

فقِبابهم قصبُ الوَشيج الأَسمَرِ

يَقرونَ بيضَهمُ الرِقابَ ويُنهلوا

زُرقَ الأَسنَّة من نَجيعٍ أَحمَرِ

شادوا عمادَهم بكلِّ مثقَّفٍ

لَدنٍ ومجدَهم بكلِّ مُشهِّرِ

حلّوا من العَلياء قمَّة رأسِها

وحووا بسالةَ أَكبرٍ عن أَكبَرِ

مَن مِنهمُ الملكُ المَهيبُ إذا بَدا

خضعَت له ذُلّاً رِقابُ الأَعصرِ

فَخرُ المَفاخِر والمآثِر والجحا

فِل وَالمَحافِل والعُلى والمِنبرِ

القائدُ الجيش العرمرم مُعلَماً

مِن كُلِّ لَيثٍ ذي بَراثِنَ قَسورِ

السائقُ الجُردَ المَذاكى شُزَّباً

تَخطو وَتَخطرُ بالرِماح الخُطَّرِ

الفالقُ الهامات في يوم الوَغى

وَالسمرُ بين مُحطَّمٍ وَمكسَّرِ

الشامخُ النَسبين بين ذَوي العُلى

وَالباذِخُ الحسبين يَومَ المفخرِ

الواهبُ البَدرات يتبعها النَدى

مِن جوده بسحاب تِبرٍ مُمطرِ

يَجلو دُجى الآمال منه بنائِلٍ

متلألئٍ وَبوجه جودٍ مُسفرِ

وَلكم جلا رَهجَ القتامِ بباترٍ

متأَلِّقٍ وَسنانِ أَسمر سَمهَري

ملِكٌ إذا ما جاد يوماً أَو سَطا

فالخلقُ بين مُمَلَّكٍ ومعفَّرِ

من دَوحةِ المَجدِ الرَفيعِ عمادُهُ

وَالفَرعُ يُعرب عَن زكيِّ العُنصرِ

ما يَنقَضي يَوماً شَهيرُ نَوالِه

إِلّا وأَتبعه بآخرَ أَشهرِ

هَذا الَّذي صَدعَ القلوبَ مهابةً

وأَذلَّ كلَّ عملَّسٍ وغَضَنفَرِ

هَذا الَّذي غَمرَ الأَنامَ سَماحةً

من جودِه الطامي الجَليلِ الأَبهَرِ

هَذا الَّذي حازَ المَعالي قُعَّساً

وَسِواه يلطمُ خدَّ حَزنٍ أَقفَرِ

هَذا نظامُ الدين واِبنُ نظامه

نَسَبٌ يؤولُ إِلى النَبيِّ الأَطهَرِ

لمعَت أَسِرَّةُ نوره في وجهه

فاِزورَّ عنها كُلُّ لَحظٍ أَخزَرِ

يَجلو لَنا من حلمه في حَزمِه

أَخلاقَ أَحمدَ في بسالة حيدَرِ

بَينا تَراه مُصَدَّراً في رَسته

ملِكاً تَراهُ فَوقَ صَهوة أَشقَرِ

أَربيبَ حجر المكرُمات ورَبّها

وَرَضيعَ ثدي العارض المُتَعَنجرِ

لِلَّه جدُّكَ أَيُّ مَجدٍ حُزتَه

فَشأوتَ كُلَّ مقدَّم ومؤخَّرِ

أَنتَ الَّذي أَحرَزتَ كلَّ فَضيلَةٍ

وَوردتَ بحرَ الفضل غير مُكدَّرِ

ظَمئت أَمانيُّ الرِجال لَدى العُلى

فوردتَ منهلَها وَلَمّا تَصدُرِ

وَإليكها غَرّاءَ قد أَبرَزتُها

تُجلى بشكرَك في نَديِّ المحضرِ

أَحكَمتُ نظمَ قَريضها فَتَناسقَت

كالعِقد يَزهو في مُقلَّد جُؤذَرِ

يَذكو بمدحك نشرُها فكأَنَّني

أَذكيتُها منه بمِسكٍ أَذفَرٍ

ما ضاعَ نشرُ ثنائِها في مَجلسٍ

إِلّا تفتَّق عن ذَكيِّ العنبَرِ

واِسلم على دَرَج المَعالي راقياً

بأَجلِّ أَخبارٍ وأَصدَقِ مخبَرِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ابن معصوم، شعراء العصر العثماني، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات