لمغيب قلبي في هواكم مشهد

لمغيب قلبي في هواكم مشهد - عالم الأدب

لِمَغيبِ قَلبي في هَواكُم مَشهَدُ

كُلُّ البَرِيَّةِ مُطلَقٌ وَمُقَيَّدُ

ما عَن شَريعَتِهِ لَصادٍ مَصدَرٌ

إِذ ما لِبادٍ في سِواهُ مَورِدُ

فيهِ تُوَحَّدَتِ القُلوبُ عَلى الهَوى

وَتَعَدَّدَت أَهوؤُهُم فَتَعَدَّدوا

في ظِلِّ ظاهِرِهِ ثَوَوا فَمُغَوِّرٌ

في قَصدِ باطِنِهِ وَآخَرُ مُنجِدُ

وَمُحَدِّدٌ مَعنى الهَوى بِعِيانِهِ

وَعِمٍ عَلى غَيبِ الشَهادَةِ يَشهَدُ

وَمُكابِرٌ إِحساسَهُ في أَنَّهُ

وَسِواهُ مِن أَضدادِهِ مَتَوَحِّدُ

فَيُريكَ باطِلَ مَدَّعاهُ بِجَحدِهِ

لِمَقالِ مَن لِلقَولِ مِنهُ يَجحَدُ

وَمُحَجَّبٌ بِالإِسمِ عَن مَعى ال

هَوى العُذرِيِّ في تيهِ العَمى يَتَرَدَّدُ

لِدُعاءِ ناعِقِ كُلِّ نَعقٍ ناعِقٌ

مَعَ كُلِّ ريحِ ضَلالَةٍ مُتَأَوِّدُ

لا يَستَضيءُ بِنورِ حِكمَةِ عالِمٍ

لِلناكِبينَ عَنِ الصِراطِ مُقَلِّدُ

مُتَفِّقونَ عَلى الغِوايَةِ أَجمَعوا

وَلَحوا دَعاةَ الراشِدينَ وَفَنَّدوا

إِن أَسمَعو مَعروفَ حَقٍّ أَنكَروا

أَو أَشهَدوا عِنوانَ صِدقٍ أَلحَدوا

فَهُم بِزَعمِهِمُ الدُعاةُ إِلى الهُدى

وَبَهيمَةُ الأَنعامِ مِنهُ أَرشَدُ

أَغووا بِظاهِرِ ما رَووا جُلَّ الوَرى

وَلَدَيهِمُ طَرقَ البَواطِنِ سَدَّدوا

وَتَعَوَّضوا عَرَضاً بِأَنفُسِ جَوهَرٍ

وَإِلى الثَرى دونَ الثُرَيّا أَخلَدوا

جَحَدوا يَدي البَيضاءَ إِذ وافى بِها الد

اعي لِأَنَّهُمُ السَوادُ الأَسوَدُ

مُتَمَسِّكونَ مِنَ الحَياةِ بِظاهِرٍ

عَن قَصدِ باطِنِهِ عَموا وَتَبَلَّدوا

فَلَو اِقتَفوا سُنَنَ البَصيرَةِ أَبصَروا

وَاِستَرشَدوا أَهلَ الرُشدِ لَأَرشَدوا

بِالشِركِ شاهِدُهُم عَلَيهِم شاهِدٌ

هَذا وَعِندَهُم بِأَن قَد وَحَّدوا

لَم يَفزِقوا بَينَ المُسَمّي وَاِسمِهِ

وَلِغَيرِ رِسمِ الاِسمِ لَم يَتَعَبَّدوا

وَبَغَيرِ جَورِ العَدلِ لَم يَتَدَيَّنوا

وَعَلى سِوى غَيبِ العَمى لِم يَشهَدوا

هَذا وَآياتُ الشَهادَةِ عِندَهُم

تَتلى وَحُكمُ القِسطِ فيها يورَدُ

فَاِبعُد كَما بَعُدَت ثَمودُ بِدارِها

وَبِبَيتِها فَهوَ الخَبيثُ الأَنكَدُ

وَاِرغَب إِلى دارٍ تَخَطّاها الشَقا

وَلِأَهلِها فيها النَعيمُ السَرمَدُ

فيها لِآلِ نُمَيرِ أَيَّةُ كَعبَةٍ

كُلُّ الجِهاتِ لَها رُكوعٌ سُجَّدُ

قَدِمَت فَكُلُّ قَديمِ شَيءٍ حادِثٌ

عَنها وَكُلُّ جَديدِ رَبعٍ مَعهَدُ

أَمسى لِقاصِدِها الرِجالُ وَكُلُّهُم

عَبدٌ لَهُ وَلِمَن تَلاهُم سَيِّدُ

وَلِأَهلِها في كُلِّ حَيٍّ مَأهَلٌ

وَبِهِ لَها في كُلِّ رَبعٍ مَسجِدُ

بِالهِندِ قُبَّتُها وَفي أَتراكِها

بِئرٌ وَقَصرٌ في العَلاءِ مُشَيَّدُ

وَبِصينِ أَهلِ الصينِ مَنزِلٌ غَيبِها

لِلشاهِدينَ عَلى الشَهادَةِ مَشهَدُ

هِيَ أَصلُ نَشأَةِ نَشوَتي وَبِظِلِّ دَو

حَتِها زَكا المَنشا وَطابَ المَولِدُ

لَم أَدعُ فيها بِالدَعِيِّ وَنِسبَتي

في العارِفينَ بَصِدقِ قَولي تَشهَدُ

عَن آدَمٍ نَشَأَت وَخاتَمَ سَطرُها

فَمُحَمَّدٌ وَمُحَمَّدٌ وَمُحَمَّدُ

لَم يَصبُ عَنها الصابِئونَ وَلَم يَهُد

إِلّا إِلَيها في الهُدى المُتَهَوِّدُ

وَبِها النَصارى قَدَّسوا وَبِذِكرِها ال

أَنصارَ في جُنحِ الظَلامِ تَهَجَّدوا

فَمَنارُها في كُلِّ قَصرٍ واضِحٌ

لِمُعايِنٍ وِبِهِ وَلِيٌّ مُرشِدُ

أَنا في هَواها مُشهَدٌ وَمَغيبٌ

فَاِعجَب لِأَنّي واصِفٌ وَمُجَرِّدُ

وَمُنَزُّهٌ وَمُشَبِّهٌ وَمُوَحِّدٌ

وَمُعَدِّدٌ وَمُقَرِّبٌ وَمُبَعِّدُ

وَمُفَوِّضٌ وَالجَبرُ غَيرَ مُجاحِدٍ

عِندي لِأَنَّ عَيانَهُ لا يُجحَدُ

وَمُكَلِّفٌ وَمُرَفَّهٌ وَمُبَصَّرٌ

وَمَبَصِّرٌ وَمُقَلِّدٌ وَمُقَلَّدُ

مُتَفَلسِفٌ مُتَصَوِّفٌ مُتَسَنِّنٌ

مُتَشَيِّعٌ ذو رَغبَةٍ مُتَزِهِّدُ

عَن مَجمَعي فِرقُ الغُواةِ تَفَرَّقوا

وَلِتُربِهِ أَهلُ الرَشادِ تَوَسَّدوا

فَلَدَيَّ أَبكارُ المَعاني تُجتَلى

وَإِلَيَّ أَخبارُ الحَقائِقِ تُسنَدُ

صَونُ الهَوى صَومي وَحَجّي قَصدُهُ

وَبِهِ صَلاتي في زَكاي توجَدُ

وَجِهادُ نَفسي حَملُها فيهِ الأَذى

وَعِنادُ مَن لي عَن هَوايَ يُفَنّدُ

وَبِمَحوي المَحوِيَّ عِندَ عِيانِهِ

إِثباتُ شاهِدِهِ لِقَومٍ يَشهَدُ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان المكزون السنجاري، شعراء العصر الأيوبي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات