لما رأيت منازل الجوزاء

ديوان محيي الدين بن عربي

لما رأيتُ منازلَ الجوزاءِ

خفيتْ عليَّ حقائق الأنباء

وعلمتُ أنَّ الله يحجبُ عبدَه

عن ذاتِه لتحقق الأنساء

إن الدليلَ مقابلُ مدلولِه

حكم التقابلِ بنفسه الإنشاء

انظر إلى أسمائه الحسنى تجد

أعياننا من حضرةِ الأسماء

فإذا بدا بالوجه أظهرَ كوننا

بالنسخةِ المشهودة الغَرَّاء

زلنا عن الأمثالِ لا بل ضربها

لله إذ كنا من الجهلاء

أين الذراعُ وهقعةٌ وتحيةٌ

من فرضٍ قدر فوقهم مُتنائي

في أطلس ما فيه نجمٌ ثابتٌ

يبدو يشاهد نوره للرائي

وله الرطوبةُ والحرارة إذْ له

طبعُ الحياةِ وسرُّه في الماء

عصرُ الشبابِ له وليس لكونه

في الرتبة العلياءِ برجُ هواء

والدالي والميزانُ أمثالٌ له

فالحكمُ مختلفٌ بغيرِ مِراء

حكم المنازلِ قد تخالفُ طبعه

كيفَ الشفاءُ وفيه عينُ الداء

حار المكاشف في الدجى خياله

مثل المفكر إذ هما بسواء

الأمر أعظم أن يحاط بكنهه

ومع النَّزاهة جاء بالأنواء

حرنا وحار العقل في تحصيله

إذ ليس منحصراً على استيفاء

لولا ثبوتُ المنع قلتُ بجودِه

المنعُ يُذهبُ رتبةَ الكرماء

لا تفرحنَّ بما ترى من شَاهدٍ

يبدو لعينِك عند كشفِ غِطاء

من شانه المكر الذي قد قاله

في محكمِ الآياتِ والأنباء

القصد في علمِ الأمور كما جَرَتْ

ما القصد في حَمَل ولا جَوزاءِ

إن الطبيعة كالعروسِ إذا انجلتْ

والبعلُ من تدريه بالإيماء

عنها تولدتِ الجسومُ بأسرها

وتعاقبَ الإصباحُ والإمساء

فهي الأميمة للكثيفِ وروحُه

وهو لها للنشء كالأبناء

وهم الشقائقُ يُنسَبون إليهما

بالفعلِ لا بالتحامِ النائي

مَن دانَ بالإحصاء دانَ بكلِّ ما

دلَّت عليه حقائقُ الإحصاءِ

لا تلق ألواحاً تضمن رحمته

وادفع بهن شماتة الأعداء

واسلك بنا النهجَ القويمَ ملبياً

صوتَ المنادي عند كلِّ نهداء

هو حاجب البابِ الذي خضعتْ له

غلبُ الرقابِ وآمرُ الأمراء

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان محيي الدين بن عربي، شعراء العصر الأيوبي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات