لقد غدوت على الندمان لا حصر

ديوان الأخطل

لَقَد غَدَوتَ عَلى النَدمانِ لا حَصِرُ

يُخشى أَذاهُ وَلا مُستَبطَأٌ زَمِرُ

طَلقُ اليَدَينِ كَبِشرٍ أَو أَبي حَنَشٍ

لا واغِلٌ حينَ تَلقاهُ وَلا حَصِرُ

وَقَد يُغادي أَبو غَيلانَ رُفقَتَهُ

بِقَهوَةٍ لَيسَ في ناجودِها كَدَرُ

سُلافَةٍ حَصَلَت مِن شارِفٍ خَلَقٍ

كَأَنَّما فارَ مِنها أَبجَلٌ نَعِرُ

عانِيَّةٌ تَرفَعُ الأَرواحُ نَفحَتَها

لَو كانَ تُسقى بِها الأَمواتُ قَد نَشَروا

وَقَد أُحادِثُ أَروى وَهيَ خالِيَةٌ

فَلا الحَديثُ شَفى مِنها وَلا النَظَرُ

لَيسَت تُداويكَ مِن داءٍ تُخامِرُهُ

أَروى وَلا أَنتَ مِمّا عِندَها تَقِرُ

كَأَنَّ فارَةَ مِسكٍ غارَ تاجِرُها

حَتّى اِشتَراها بِأَغلى بَيعِهِ التَجِرُ

عَلى مُقَبَّلِ أَروى أَو مُشَعشَعَةً

يَعلو الزُجاجَةَ مِنها كَوكَبٌ خَصِرُ

هَل تُدنِيَنَّكَ مِن أَروى مُقَتَّلَةٌ

لا ناكِتٌ يُشتَكى مِنها وَلا زَوَرُ

كَأَنَّها أَخدَرِيٌّ في حَلائِلِهِ

لَهُ بِكُلِّ مَكانٍ عازِبٍ أَثَرُ

أَحفَظُ غَيرانُ ما تُسطاعُ عانَتُهُ

لا الوِردُ وِردٌ وَلا إِصدارُهُ صَدَرُ

أَحمَرُ تَحسِبُ لَونَ الوَرسِ خالَطَهُ

كَأَنَّهُ حينَ يَهوي مُدبِراً حَجَرُ

في عانَةٍ رَعَتِ الأَوعارَ صَيفَتَها

حَتّى إِذا زَهِمَ الأَكفالُ وَالسُرَرُ

صارَت سَماحيجَ قُبّاً ساعَةَ اِدَّرَعَت

شَعبانَ وَاِنجابَ عَن أَكفالِها الوَبَرُ

كَأَنَّ أَقرابَها القُبطِيُّ إِذ ضَمَرَت

وَكادَ مِنها بَقايا الماءِ يُعتَصَرُ

يَشُلُّهُنَّ عَلى الأَهواءِ ذو ضَرَرٍ

عَلى الضَغائِنِ حَتّى يَذهَبَ الأَشَرُ

دامي الخَياشيمِ قَد أَوجَعنَ حاجِبَهُ

فَهوَ يُعاقِبُ أَحياناً فَيَنتَصِرُ

مِسحاجُ عونٍ طَوَتهُ البيدُ صَيفَتَهُ

فَالضِلعُ كاسِيَةٌ وَالكَشحُ مُضطَمِرٌ

قَد آلَ مِنهُ وَأَبدى مِن جَناجِنِهِ

طولُ النَهارِ وَلَيلٌ دائِبٌ سَهِرُ

حَتّى إِذا وَضَحَت في الصُبحِ واضِحَةً

جَوزاؤُهُ وَأَكَبَّ الشاةُ يَحتَفِرُ

وَزَمَّتِ الريحُ بِالبُهمى جَحافِلُهُ

وَاِجتَمَعَ الفَيضُ مِن نَعمانَ وَالخُضَرُ

وَظَلَّ بِالوَعرِ الظَمآنُ يَعصِبُهُ

يَومٌ تَكادُ شُحومُ الوَحشِ تَصطَهِرُ

يَبحَثُ الأَحساءَ مِن ظَبيٍ وَقَد عَلِمَت

مِن حَيثُ يُفرِغُ فيهِ ماءَهُ الوَعِرُ

وَغَرَّهُ كُلُّ ظَنٍّ كانَ يَأمُلُهُ

مِنَ الثِمادِ وَنَشَّت ماءَها الغُدُرُ

فَهوَ بِها سَيِّئٌ ظَنّاً وَلَيسَ لَهُ

بِالبَيضَتَينِ وَلا بِالعيصِ مُدَّخَرُ

ذَكَّرَها مَنهَلاً زُرقاً شَرائِعُهُ

لَهُ إِذا الريحُ لَفَّت بَينَها نَهَرُ

فَحلٌ عَذومٌ إِذا بَصبَصنَ أَلحَقَهُ

شَدٌّ يُقَصِّرُ عَنهُ المِعبَلُ الحَشِرُ

يَشُلُّهُنَّ بِصَلصالٍ يُحَشرِجُهُ

بَينَ الضُلوعِ وَشَدٍّ لَيسَ يَنبَهِرُ

صُلبُ النُسورِ فَلَيسَ المَروُ يَرهَصُهُ

وَلا المَضائِغُ مِن رُصغَيهِ تَنتَشِرُ

يَذودُ عَنها إِذا أَمسَت بِمَخشِيَةٍ

طَرفَ حَديدٌ وَقَلبٌ خائِفٌ حَذِرُ

فَهُنَّ مُستَوحِشاتٌ يَتَّقينَ بِهِ

وَهوَ عَلى الخَوفِ مُستافٌ وَمُقتَفِرُ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الأخطل، شعراء العصر الأموي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات