لقد سل سيفا والغدار الحمائل

ديوان ابن الساعاتي

لقد سل سيفا والغدار الحمائل

أروم حياة عده وهو قاتل

غدا حاجبا حاجبي ملك طرفه

متى ما حن قوسيها فهو نابل

إذا ما انثنى أثنى وان كان حاسداً

عليه قضيب البانة المتمايل

فهل قده غصن من ألبان ناصر

بعيشك أم لدن من السمر ذابل

وهل ريقه المعسول قهوة بابل

لذائقها أم بين جفنه بابل

تشابه دمعي في القنوءِ وخده

وسيان في المعنى أسيل وسائل

أذابت فؤادي قسوة في فواده

وأذكى غليلي ما تضم الغلائل

وما هيجت وجدي الغداة شمائل

سرت سحراً بل هيجته الشمائل

ولا صدحت فوق الغصون بلابل

ولكنها للعاشقين بلابل

يجود علينا طيفه وهو مانع

كما جد فينا حبه وهو هازل

أتى زائراً فالصبح في الشرق فارسٌ

لزورته والليلُ في الغرب راجل

يوافيه ضوء الصبح من فيه ناصراً

على أن ليل الشعر لليل خاذل

لئن جن فيه العاشقون صبابة

فأصداغه للعاشقينَ سلاسل

تعجب عمروٌ أن وقفتُ بمنزلٍ

كلانا لفقدان الأحبّةِ ناحل

وأشفق من دمعي على عرصاته

وقد فاض منها سائلاً وهو سائل

أول دعم فاض بعد قطعيةِ

أول قلب هيجه المنازل

وقفنا رسوما في رسوم كأنّها

طروسٌ بها منا سطورٌ موائل

فلا هي تدري ما تقول كآبة

ولا نحن ندري ما تقول العواذل

أريهم بأقمار السماء صبابةً

وبلواي أقمارُ الديار الأوافل

وأصدف عنها وهي قفر كظنّهم

وما هي إلاَّ بالقلوب أواهل

وما قلتُ تلكَ الدار جهلاً بربعها

بلى ليظنَّ القومُ أني جاهل

تُعيد الصّبا غدارنها بهبوبها

دروعاً وكانت قبل وهي مناصل

كأنَّ الغصونَ المائداتِ حبائبٌ

ومر النسيم المندلي رسائل

غداة كأن السحب جادت بمائها

أنامل محيي الدينِ فهي حوافل

حلت باسمهِ الأشعار بعد مرارةٍ

وجاد فحلّى جيدها وهو عاطل

لنيرٍ فضلٍ ما لهُ الدهرَ كاسفٌ

وبحرُ سماحٍ ما لجدواهُ ساحل

ولكنّه عذبُ المناهلِ لم يكن

كثانيهِ لم تعذب لديه المناهل

وما هو إلاَّ الغيث في كل عامرٍ

وفي كل قفر من أياديهِ وابل

فما وريه أن اظلمَ الدهرُ آفلٌ

ولا رأيهُ أن أشكل الخطبُ فائل

تقمّص أثوابَ العلى فهو رافلٌ

وشانئهُ عن شأنه ذاك غافل

ولو لم تخف بيضُ السيوف يراعهُ

إذاً ما اعتراها إذ تشامُ الأفاكل

ولو لم تهب سمر الرماحِ اعتزامهُ

إذاً ما براها الشوق فهي نواحل

تَعلَّمُ منهُ منازلةِ العِدى

فتفعلُ في الابطال ما هو فاعل

فكلُّ سِنان نِقسُهُ الدَّمُ ناقطٌ

وكل حُسامٍ طِرسهُ الهام شاكل

ينالُ ضميرَ القلب حرفُ شباتهِ

وعاملهُ في حالهِ تلك عامل

تخاف الأَعادي حدَّه وهو مغمَدٌ

كذلك تُخشى في الغمود الناصل

أَصيلُ سُطاً كاللَّيث يُردي صِيالُهُ

كريمٌ ضُحاه للَّندى والأصائل

ولو لم يقُل عنهُ الثناء لحَّدثتْ

شمائلهُ عن مجدهِ والمخائل

لئن كرهَ الأَقوامُ ما أنا قائلٌ

لقد كره الأقوام ما اللهُ فاعل

أُفرّقُهم بما أقول مجادلاً

كما فَرّقت زُغبَ البُغاث الأَجادل

فيا حاسداً أعياه نيلُ محلّهِ

هو النَّجمُ يكبو دونه المتناول

وان تلقَ لِين الصَّفح دون شَباتهِ

فما هوَ إلا هازئٌ بكَ هازل

ولو كنتَ مَن يُرجى له مثلُ مجده

ثناك بحّدِ الجّدِ غَما تحاول

فتى الِصّيتِ يخبو النجمُ دونَ لحاقهِ

ويكبو جوادُ الَّليل والليلُ شامل

مدائحهُ فرضٌ على كّلِ ناطقٍ

بمدحٍ ومدحُ العاَلمين نوافل

فللمَنع والعافين عاصٍ وعاصمٌ

وفي المالِ والآمالِ عادٍ وعادل

فتًى كُتبهُ مثلُ الكتائب لفظها

جيوشٌ إلى أعدائهِ وجحافل

وما عَقَل الأعداءَ منها سيوفُهم

بل اعتقلتهم للسَيوف المعاقل

ويستعملُ الإتراب فوق سطورهِ

كذلك آياتُ الجيوش القساطل

أخو الكلمات الشارداتِ التي بها

يقومُ عِمادُ الّدين والدِيّنُ مائل

فلو بلغَتْ تلك البلاغة وائلاً

لما بجحتْ يوماً بسحبانَ وائلُ

لداعيهِ والعادى مُنّى ومنيَّةٌ

وللُمْلك والأّملاك كافٍ وكافلُ

حوى يافعاً معي الكهولِ من العلى

فمَوطئُ الذّرى والكواهل

من القومِ نظمي عنهمُ متقاصرٌ

وإنْ كان يَهوي دونهُ المتطاول

لهُ من بني شَيبانَ مجدٌ مؤثَلٌ

مَشيد البنا تعنو لديهٍ القبائل

همُ رافِعو الأَعلامِ في كلّ شاهقٍ

كما لهمُ في كل وهدٍ حبائل

فمِن طاعمٍ قلبَ الكتيبة طاعن

ومن باسمٍ يومَ الكريهة باسل

تسير مسيرَ النجمِ أمثال جودهم

وتمثل إعجابا بهنَّ الأَماثل

بحارٌ فان شاموا بروقً غمودهم

رأيت بحاراً فاضَ منها جداول

أبا حامدٍ مالي جهلت وإِنني

لآتٍ بما لم تستطعه الأوائل

أرى معشراً ألفوا أياديك مشرعاً

وقولهمُ كالظلِ والظلُّ زائل

فعندهمُ منك الفواضلُ واللُهى

وعندك من نظمي النهى والفضائل

ولي في الورى مندوحةٌ غير أنني

رأيتكَ أَهلاً للَّذي أنا قائل

مقالي إذا ما سُقّهَ القولُ فيصلٌ

وعضبٌ صقيلٌ والمعاني مفاصل

وعَتبي على دهري قديمٌ وكلَّما

تقادمَ داءٌ فهوَ لا شكَّ قاتل

وما دُمتَ في الدَّنيا تعولُ ابنَ فاقهٍ

فأَهونُ ماضٍ مَن تغولُ الغوائل

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان ابن الساعاتي، شعراء العصر الأيوبي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات